ترأس الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور بشر الخصاونة رئيس مجلس الوزراء بالمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، أعمال الدورة الثانية والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة.
وفي مستهل كلمته خلال المباحثات، أكد مدبولي عمق الروابط التي تجمع بين مصر والأردن، بدءاً من العلاقة الأخوية التي تربط الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بأخيه الملك عبدالله الثاني بن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية.
وأشار إلى عمق ومتانة العلاقات بين القاهرة وعمّان؛ ليس فقط على المستوى الثنائي بل أيضا على صعيد التنسيق التام في المواقف على المستويين الإقليمي والدولي. كما امتد أفق علاقات البلدين لمستوى التعاون الاستراتيجي الشامل مع دول الجوار، وهو ما بدأ أولا في التعاون الثلاثي مع العراق، ليمتد بعد ذلك إلى تعاون رباعي في مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة مع الإمارات والبحرين والتي انضمت له المغرب مؤخراً ليصبح تعاوناً خماسياً.
وأشاد مدبولي، بدورية انعقاد اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، ودورها الفعّال في تنفيذ القرارات الخاصة بما يتم التوافق عليه بين الجانبين، مشيدًا في هذا الصدد بالتعاون القائم في مجالات النقل خاصة مشروع الجسر العربي الخاص بتيسير حركة نقل البضائع عبر المدن الأردنية والموانئ المصرية، فضلاً عن التعاون في المجالات الصناعية والأدوية والغاز الطبيعي والربط الكهربائي.
وأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه لزيادة مستويات التبادل التجاري بين مصر والأردن بما يسمح بالاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدولتان.
وأشار إلى أن مصر استطاعت تجاوز أزمة اقتصادية خانقة ونجحت في جذب حزمة من الاستثمارات الجديدة خلال الفترة الماضية، مشيرًا في السياق نفسه إلى نجاح الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد موافقة الصندوق على زيادة قيمة برنامج التمويل المقدم لمصر، وفي سياق متصل تمت الإشارة إلى نجاح التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.
وأوضح مدبولي أن أحد شواهد الإنجازات التي حققتها الحكومة المصرية هو تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة التي يرتادها اليوم ما يزيد على 50 ألف موظف، ومن المنتظر في غضون مدة قصيرة أن يزيد عدد السكان في العاصمة بوجه عام.
وأضاف: نجحت الحكومة في إنجاز عدد من المشروعات القومية الأخرى بدعم من القيادة السياسية، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات هي أحد ملامح الجمهورية الجديدة.
كما تطرق إلى المشروعات التي يتم تنفيذها في قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة ضمن رؤية مصر التنموية لعام 2030، مشيرًا في هذا الصدد إلى التنوع الذي يميز الاقتصاد المصري بما يسمح بتعظيم عوائده من قطاعات مختلفة.
وأكد أن مصر تسعى لتجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة على الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي تسببت في تراجع إيرادات قناة السويس والسياحة، فضلاً عن الأثر السلبي الشديد لهذه الأحداث على حركة التجارة العالمية إذ ارتفعت تكلفة التجارة البينية ومصروفات الشحن ورسوم التأمين.
وفيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة، أكد رئيس الوزراء أنه يجب أن ننظر من الآن لمرحلة ما بعد الحرب وجهود إعمار قطاع غزة، من أجل استعادة الخدمات الأساسية لسكان القطاع وهو ما يسهم في إفشال أي مخططات لتهجير سكان غزة.
وأشاد رئيس الوزراء بجهود اللجنة العليا المشتركة فيما يتعلق بملفات التعاون المشتركة، مشيدًا بجهود الجانبين لحل عدد كبير من المشكلات المتعلقة بالعاملين المصريين في الأردن، وفي هذا الصدد، أثنى رئيس الوزراء على الدعم الدائم من قِبل الحكومة الأردنية للعمال المصريين خاصة فيما يتعلق بتقنين الأوضاع.
وفي غضون ذلك، أعرب الدكتور بشر الخصاونة، رئيس الوزراء الأردني، عن شكره وتقديره لكرم الضيافة التي لاقاها الوفد الأردني في مصر، مؤكدًا العلاقات الوثيقة التي تربط مصر والأردن، والدور القوي الذي تلعبه مصر، ليس فقط في محيطها العربي والأفريقي بل تأثيرها وحضورها القوي في القضايا والملفات الدولية.
وأكد “الخصاونة” أن العلاقات بين القاهرة وعمّان علاقات استثنائية، وأنها نموذج يحتذى به، مشيرًا إلى الروابط المتميزة التي تجمع بين الرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني ابن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية التي تتسم بالود والاحترام المتبادل.
وأضاف أن رسالة الملك للرئيس السيسي عبرت عن دعم المملكة الكامل وتضامنها مع مصر ومساعيها الحثيثة للوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فضلًا عن جهودها لإيصال المساعدات كمًا ونوعًا عبر معبر رفح البري، مشيرًا في هذا السياق إلى الدمار الذي أصاب البنية التحتية للقطاعين الصحي والتعليمي في قطاع غزة، ومؤكدًا ضرورة طرح مبادرات تتعلق بإعادة الإعمار التي تشير بعض التقديرات إلى أنها قد تبلغ 90 مليار دولار.
وأكد الخصاونة أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بعد إيقاف الحرب وانهاء العدوان على قطاع غزة.
وشدد على أن حل القضية الفلسطينية لن يتأتى إلا من خلال حل الدولتين والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧، مشيرًا إلى توافق الرؤى بين مصر والأردن حول هذا الأمر.
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية الحالية بين مصر والأردن، أشار رئيس الوزراء الأردني إلى أن البلدين باستطاعتهما الوصول بالتبادل التجاري إلى مستويات أكبر، لكن الأمر سيحتاج مزيدًا من التعاون من قبل القطاع الخاص، داعيًا في هذا الصدد إلى ضرورة أن تتضمن أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين اصطحاب وفود من رجال الأعمال مستقبلاً لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري.
وأشاد بالتعاون الجاري بين مصر والأردن في مجال الغاز الطبيعي والربط الكهربائي، وطلب زيادة قدرات الربط الكهربائي بين البلدين إلى ألفي ميجاوات بدلاً من 500 ميجاوات حاليًا.
كما تطرق إلى أهمية إطار التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، داعيًا إلى بذل المزيد من الجهود لدفع هذا التعاون الثلاثي.
وأثنى في الوقت نفسه على مبادرة التكامل الصناعي بين مصر والأردن والإمارات التي انضمت إليها البحرين والمغرب أيضًا، مشيرًا إلى أنها نواة لتعاون اقتصادي إقليمي يحقق مصلحة مشتركة لجميع الدول المشاركة فيها.
وخلال الاجتماع، استعرض الوزراء من الجانبين ما تم التوافق عليه خلال الاجتماعات التحضيرية للجنة العليا المشتركة، حيث تمت الإشارة إلى أن اللجان الفنية المصغرة ناقشت سبل تعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية للغاز الطبيعي في الأردن عبر الاستفادة من الخبرات المصرية في هذا الشأن بما يسمح بإيصال الوقود إلى المناطق الصناعية المختلفة.
وخلال هذه الاجتماعات تم التوافق على عقد اجتماع على المستوى الفني بشأن العمالة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتمت الإشارة إلى أنه سيتم عقد منتدى اقتصادي لرجال الأعمال من الجانبين بعد شهر يوليو المقبل.
كما تم التوافق على تعزيز الجهود من أجل تيسير تدفق السلع بين مصر والأردن، حيث شملت المحادثات التحضيرية إقامة مناطق لوجيستية مشتركة ينفذها القطاع الخاص، ونقل تجربة البورصة السلعية المصرية، وتبادل الخبرات في مجال الدمغة والموازين سواء من الناحية الفنية أو الرقابية.
وتضمنت الاجتماعات التحضيرية التوافق على زياد معدلات الوفود السياحية وتطوير برامج ومنتجات سياحية مشتركة مثل مسار العائلة المقدسة.
كما تم التوافق على تعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، حيث سيتم تشكيل فريق من الجانبين لهذا الغرض، مع دفع جهود التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق في مجال نقل البيانات، ومد الكابلات البحرية، فضلًا عن التعاون في مجال نقل الحوالات البريدية والذكاء الاصطناعي والتوقيع الإلكتروني.
كما تضمنت الاجتماعات التحضيرية تعزيز التعاون في مجال رسم السياسات الاقتصادية وسبل الاستفادة من الاستثمارات العامة، وتجربة مصر الخاصة بإقامة صندوق مصر السيادي الذي يسهم في تعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
وفي مجال النقل، تم التأكيد على نجاح منظومة الجسر العربي لنقل البضائع من المدن الأردنية إلى الموانئ المصرية باعتباره نموذجًا مهما يعد كنواة لربط الشرق بالغرب، كما تم التطرق إلى إمكانية التعاون بين مصر والأردن في مجال النهوض بالسكك الحديدية.
وفيما يتعلق بمجال الكهرباء، تمت مناقشة رغبة الجانب الأردني في رفع قدرات الربط الكهربائي إلى ألفي ميجاوات كما تم عرض إمكانات مصر في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وما تحظى به من موارد هائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المستخدمة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
كما تضمنت الاجتماعات التحضيرية سبل دفع التعاون الإعلامي بين الجانبين لاسيما فيما يتعلق بصناعة المحتوى ومحاربة الشائعات، والتحول الرقمي في الإعلام، وهو ما أسفر عن توقيع اتفاقية في هذا الشأن اليوم.