
شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية صعودًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث اقترب سعر الأوقية من أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفقًا لتقرير منصة «آي صاغة». وقد جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بتفاقم التوترات الجيوسياسية العالمية، إلى جانب تزايد التوقعات بشأن اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة.
وأوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، أن أسعار الذهب في السوق المصرية قفزت بنحو 85 جنيهًا، ليصل سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 5985 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 24 نحو 6840 جنيهًا، وعيار 18 نحو 5130 جنيهًا. كما وصل سعر الجنيه الذهب إلى 47,880 جنيهًا. أما على المستوى العالمي، فقد ارتفعت الأوقية بنحو 45 دولارًا لتسجل 4493 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي للذهب على الإطلاق.
وأشار التقرير إلى أن الذهب بدأ تعاملات الثلاثاء على صعود قياسي، مقتربًا من مستوى 4500 دولار للأوقية، مع توقعات بتحقيق مكاسب تصل إلى نحو 70% خلال عام 2025، نتيجة المخاطر الجيوسياسية المستمرة والضبابية الاقتصادية العالمية، مما عزز مكانة الذهب كملاذ آمن للاستثمار في أوقات عدم اليقين.
وأضاف التقرير أن التوقعات بخصوص خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال العام المقبل كانت عاملاً مساعدًا في دعم الذهب، حيث يؤدي انخفاض الفائدة إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائدًا مباشرًا، مما يزيد من جاذبيته للمستثمرين. وأوضحت أداة CME FedWatch أن احتمال خفض الفائدة في اجتماع يناير المقبل لا يتجاوز 20%، رغم توقعات الأسواق بإمكانية تنفيذ عدة تخفيضات خلال عام 2026، في ظل تباطؤ التضخم ونمو سوق العمل بوتيرة أبطأ.
ويترقب المستثمرون أيضًا صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية المهمة، منها القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام الحالي، والتي من المتوقع أن تسجل نموًا سنويًا بنحو 3.2% مقارنة بـ3.8% في الربع الثاني، بالإضافة إلى بيانات السلع المعمرة والإنتاج الصناعي وتقرير التوظيف الأسبوعي الصادر عن ADP، والتي قد تؤثر على تحركات الدولار والأسواق العالمية على المدى القصير.
وعلى صعيد الأحداث السياسية، ذكرت رويترز أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أشار إلى إمكانية احتفاظ الولايات المتحدة بالنفط المصادرة قبالة سواحل فنزويلا، مع الإبقاء على السفن المصادرة. كما أفادت بي بي سي بأن روسيا كثفت غاراتها على منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا، ما تسبب في انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي وهدد البنية التحتية البحرية، وهو ما أضاف ضغوطًا إضافية على أسعار السلع الأساسية ومنها الذهب.
وفي الشأن النقدي، أكد محافظ الاحتياطي الفيدرالي، ستيفن ميران، أنه قد يستمر في منصبه لحين مصادقة مجلس الشيوخ على المرشح الجديد لرئاسة البنك المركزي، المقرر تسميته قبل انتهاء ولاية جيروم باول في مايو المقبل.
وأشار التقرير إلى أن حالة عدم اليقين المتعلقة بالرسوم الجمركية والطلب القوي من صناديق المؤشرات المتداولة والبنوك المركزية أسهمت في دفع أسعار الذهب إلى تجاوز مستوى 4000 دولار للأوقية خلال 2025. ومع دخول مصادر طلب جديدة، مثل شركات التأمين الصينية الكبرى ومجتمع العملات المشفرة، رجّح بنك جيه بي مورجان أن يصل الذهب إلى 5055 دولارًا للأوقية بنهاية 2026.
وذكرت ناتاشا كانيفا، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في جيه بي مورجان، أن موجة صعود الذهب الحالية قد تشهد بعض التقلبات، لكنها تعكس اتجاهًا طويل الأجل لم يُستنفد بعد، مدفوعًا بتنويع الاحتياطيات الرسمية وزيادة استثمارات الأفراد في الذهب، مع توقعات بدفع الأسعار نحو 5000 دولار للأوقية بنهاية 2026.
وأوضح جريجوري شيرر، رئيس استراتيجية المعادن الأساسية والثمينة في البنك، أن إجمالي طلب المستثمرين والبنوك المركزية على الذهب بلغ نحو 980 طنًا في الربع الثالث من 2025، بزيادة تتجاوز 50% عن متوسط الفصول الأربعة السابقة، بما يعادل تدفقات فصلية بنحو 109 مليارات دولار. ويتوقع البنك استمرار قوة الطلب خلال 2026، مع متوسط طلب فصلي يبلغ نحو 585 طنًا موزعًا بين البنوك المركزية وطلب السبائك والعملات وصناديق المؤشرات، مع احتمال أن يؤدي كل زيادة بمقدار 100 طن فوق مستوى 350 طنًا من الطلب الفصلي إلى رفع سعر الذهب بنسبة 2% على أساس فصلي.
كما أشار التقرير إلى استمرار مشتريات البنوك المركزية عند مستويات مرتفعة، رغم تراجعها نسبيًا عن ذروة السنوات السابقة، حيث بلغت حيازات البنوك المركزية العالمية من الذهب نحو 36,200 طن، تمثل حوالي 20% من الاحتياطيات الرسمية بنهاية 2024. ومن المتوقع أن تصل تدفقات المستثمرين إلى صناديق المؤشرات نحو 250 طنًا خلال 2026، مع تجاوز طلب السبائك والعملات 1200 طن سنويًا، بما يعكس اتجاهًا متناميًا نحو تنويع المحافظ المالية، إذ قد ترتفع حصة الذهب من إجمالي أصول المستثمرين إلى 4–5% خلال السنوات المقبلة.
وختم التقرير بأن محدودية مرونة المعروض من المناجم، إلى جانب الطلب القوي، قد تسهم في وصول الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، مع توقع متوسط سعر يبلغ 5055 دولارًا للأوقية في الربع الأخير من 2026، وإمكانية صعوده إلى نحو 5400 دولار بنهاية 2027.





