
واصلت أسعار الفضة صعودها القياسي خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتسجّل أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود، مدفوعة بتجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب تصاعد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بحسب تقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث.
وأوضح التقرير أن الأسعار في السوق المحلية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، إذ سجّل جرام الفضة عيار 800 نحو 75 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 87 جنيهًا، بينما بلغ عيار 999 قرابة 94 جنيهًا، واستقر جنيه الفضة عيار 925 عند 696 جنيهًا.
وعالميًا، ارتفعت الفضة إلى نحو 53 دولارًا للأوقية بعد أن لامست مستوى 54 دولارًا في التعاملات المبكرة، وهو أعلى سعر تُسجّله في تاريخها الحديث، وسط نقص واضح في المعروض بالأسواق العالمية، فيما تجاوز الذهب حاجز 4200 دولار للأوقية ليسجّل هو الآخر رقمًا قياسيًا جديدًا.
ووفقًا لتقارير «بلومبرج» و«رويترز»، فإن شح السيولة في سوق لندن فاقم ظاهرة “الضغط القصير” (Short Squeeze) على مراكز الفضة، بعدما اضطر عدد من المتعاملين إلى تغطية مراكزهم البيعية، ما دفع الأسعار للارتفاع بوتيرة غير مسبوقة. كما دفعت الفجوة السعرية بين سوقي لندن ونيويورك بعض المتداولين إلى نقل سبائك الفضة جوًا عبر الأطلسي للاستفادة من الفارق الكبير في الأسعار، وهي خطوة نادرة عادة ما تُخصّص لنقل الذهب فقط بسبب تكلفتها العالية.
ويأتي هذا الارتفاع بينما يدخل الإغلاق الحكومي الأمريكي أسبوعه الثالث، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسريح عدد من الموظفين الفيدراليين، ما عمّق الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن موازنة الحكومة الفيدرالية.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الإغلاق يعزز مخاوف تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والفضة. كما أن استمرار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين بسبب قيود الصين على صادرات المعادن النادرة ورسومها الإضافية على السفن الأمريكية يثير مخاوف من عودة الحرب التجارية العالمية.
وفي سياق متصل، رفع بنك أوف أمريكا توقعاته لأسعار الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، مع متوسط مستهدف يبلغ 56.25 دولارًا، مشيرًا إلى تزايد التدفقات الاستثمارية وارتفاع الطلب الصناعي خاصة في قطاعات الطاقة الشمسية والإلكترونيات.
في المقابل، حذّر جولدمان ساكس من احتمالات تصحيح سعري قصير الأجل، مؤكدًا أن الفضة تُظهر تقلبات أعلى من الذهب نظرًا لاعتمادها على الطلب الصناعي الذي قد يتأثر في حال تباطأ النمو الاقتصادي العالمي.
أما ساكسو بنك، فاعتبر أن الفضة أصبحت “النسخة عالية البيتا من الذهب”، أي أنها تتحرك في الاتجاه ذاته ولكن بحدة أكبر، متوقعًا أن تواصل ارتفاعها صوب 100 دولار للأوقية بحلول 2026، مدعومة بتزايد الطلب الصناعي والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
ورغم التحذيرات من احتمالات التصحيح، يرى محللون أن الاتجاه العام للفضة ما يزال صاعدًا، مدعومًا بالمخاوف التضخمية، وتراجع الثقة في أسواق الأسهم، إلى جانب الرهانات القوية على خفض الفائدة الأمريكية، ما يجعل الفضة المزيج المثالي بين الاستثمار الصناعي والملاذ الآمن.