سجلت أسعار الذهب قفزات تاريخية في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الإثنين، مدفوعة بتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قِبَل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالتزامن مع تراجع مؤشر الدولار، وتفاقم المخاوف من إغلاق حكومي محتمل في الولايات المتحدة. جاء ذلك وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في رصد وتحليل تحركات الذهب والمجوهرات.
قفزات سعرية في السوق المصري والعالمي
قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 75 جنيهًا خلال تعاملات اليوم مقارنة بختام الأسبوع الماضي، ليسجل جرام الذهب عيار 21 نحو 5150 جنيهًا، في حين قفز سعر الأوقية عالميًا بمقدار 68 دولارًا، لتصل إلى 3828 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي للمعدن النفيس حتى الآن.
وسجلت باقي الأعيرة مستويات قياسية أيضًا، حيث بلغ:
- عيار 24: 5886 جنيهًا
- عيار 18: 4414 جنيهًا
- عيار 14: 3434 جنيهًا
- الجنيه الذهب: 41200 جنيه، لأول مرة في تاريخه
وأشار إمبابي إلى أن السوق المحلية شهدت ارتفاعًا أسبوعيًا بنحو 105 جنيهات، حيث افتتحت تعاملات الأسبوع الماضي عند 4970 جنيهًا وأغلقت عند 5075 جنيهًا، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا من 3685 دولارًا إلى 3760 دولارًا، بزيادة قدرها 75 دولارًا.
أسباب الارتفاع: ضعف الدولار ومخاوف الإغلاق
جاءت هذه القفزات السعرية مدفوعة بعوامل رئيسية، على رأسها تزايد الرهانات على خفض الفائدة الأمريكية، وتراجع الدولار، بالتزامن مع القلق من احتمال فشل المفاوضات بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة الكونجرس بشأن تمويل الحكومة، ما يهدد ببدء إجراءات الإغلاق الحكومي اعتبارًا من الأربعاء القادم.
وأكدت منصة «آي صاغة» أن هذا السيناريو من شأنه تأجيل صدور بيانات التوظيف الأمريكية، ويزيد من حالة الضبابية التي تكتنف السياسة النقدية للفيدرالي.
وفي هذا السياق، قال جيوفاني ستونوفو، المحلل في بنك «يو بي إس» UBS، إن الفيدرالي الأمريكي يبدو مستعدًا للمضي قدمًا في خفض الفائدة خلال الشهور الستة المقبلة، مما يدعم الاتجاه الصاعد لأسعار الذهب، متوقعًا أن يصل الذهب إلى مستوى 3900 دولار للأوقية. وأشار إلى أن القلق من الإغلاق الحكومي يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن وسط هذه الأوضاع.
بيانات التضخم تدعم رهانات خفض الفائدة
جاء مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المقياس المفضل للفيدرالي الأمريكي لقياس التضخم، متوافقًا مع التوقعات، مما زاد من احتمالات تخفيف السياسة النقدية. وتشير أداة CME FedWatch إلى وجود احتمالية بنسبة 90% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، ونحو 65% لخفض آخر في ديسمبر.
ويميل الذهب للاستفادة من فترات خفض الفائدة باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا، وتزداد جاذبيته في فترات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وقد حقق المعدن النفيس مكاسب تجاوزت 45% منذ بداية عام 2025، بدعم من موجة شراء مؤسسية قوية، وزيادة في حيازات البنوك المركزية.
استثمارات قياسية في الذهب
أعلن صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صندوق استثمار متداول مدعوم بالذهب في العالم، عن ارتفاع حيازاته بنسبة 0.89% لتصل إلى 1005.72 طن حتى يوم الجمعة الماضي، في إشارة واضحة إلى تزايد الطلب المؤسسي على المعدن الأصفر.
وأوضح تقرير بحثي صادر عن دويتشه بنك أن القوة الحالية للذهب مدفوعة بشكل رئيسي بالطلب الرسمي (البنوك المركزية) وتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، بينما لا يزال ضعف الطلب على المجوهرات والمعروض المحدود من المعادن المعاد تدويرها يشكل عوائق أمام مزيد من الصعود.
صعود جماعي للمعادن النفيسة
لم يقتصر الأداء الإيجابي على الذهب فقط، إذ شهدت المعادن النفيسة الأخرى ارتفاعات قياسية، حيث:
- قفزت الفضة بنسبة 2.1% لتصل إلى 47 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من 14 عامًا
- ارتفع البلاتين بنسبة 2.5% ليصل إلى 1606.77 دولارًا، مسجلًا أعلى مستوى منذ 12 عامًا
- زاد البلاديوم بنسبة 0.7% ليصل إلى 1279.15 دولارًا
تحديات لصناعة المجوهرات وزيادة في الزخم الاستثماري
أشار تقرير «آي صاغة» إلى أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تراجع الطلب على المشغولات الذهبية، خصوصًا في الأسواق الناشئة التي تتأثر بتقلبات الأسعار، إلا أن الزخم الاستثماري من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار يبقى المحرك الأساسي لسعر الذهب في الوقت الراهن.
التوقعات المستقبلية: الذهب إلى أين؟
يتوقع محللون أن يواصل الذهب اتجاهه الصعودي خلال الربع الأخير من عام 2025، ما لم تظهر بيانات اقتصادية قوية تقلل من احتمالات خفض الفائدة. وسيبقى الطلب المؤسسي، وعمليات الشراء من البنوك المركزية، وتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة، من العوامل الداعمة.
كما أن استمرار ضعف الدولار الأمريكي، والتوترات السياسية في الولايات المتحدة، لا سيما مخاوف الإغلاق الحكومي، قد تدفع بالذهب إلى تسجيل مستويات تاريخية جديدة قد تتجاوز حاجز 3900 دولار للأوقية.
وتترقب الأسواق هذا الأسبوع بيانات التوظيف الأمريكية، ومؤشرات النشاط الصناعي، والتي ستساعد في تحديد نبرة الفيدرالي الأمريكي، وبالتالي توجهات المستثمرين نحو الذهب وباقي الأصول الآمنة
