بنوكعاجل

محمد عبدالعال يكتب: التوجس من أزمة مالية عالمية يتسبب فى “الارتفاع النفسى” للدولار محلياً !!

الارتفاع المفاجئ في سعر الدولار  مقابل الجنيه المصري خلال تعاملات اليوم فى سوق الانتر بنك ، عكس بجدارة آلية مرونة سعر الصرف ، للعمل فى ظل أوضاع غير مواتية عالمياً وإقليمياً ، لقد تاثرت سلباً كل البورصات وأسواق النقد فى العالم ، جاءت صدمة الرسوم الجمركية الأمريكية بتداعيات وردود افعال غير متوقعة واضعة العالم كله على مشارف الخوض فى أزمة مالية عالمية تفوق فى مخاطرها الأزمات الماليه الشهيرة السابقة .

كلنا لاحظنا أن معظم مؤشراتنا الاقتصادية فى الشهور الأخيرة كانت مستقرة وتتحسن باستمرار ، الاحتياطى النقدى صمام الأمان الاستراتيجى ينموا ايجابيا مسجلاً ارقامًا تأريخية ، صافى أصول النقد الاجنبى يسجل فائض مستمر على مستوى الجهاز المصرفى ، معدل التضخم العام والأساسي ينخفضان بشكل كبير يمهدان لأن تتدارس لجنة السياسة النقدية ، إمكانية بدء التحول إلى التيسير النقدى ،

من من ناحية اخرى نجد ان تحويلات المصريين العاملين فى الخارج آخذة فى النمو ، كل عوامل النجاح تلك ، تعكس إستقرار الأوضاع النقدية وإستقرار سوق النقد ، وسعر الصرف ، الأمر الذى شجع الاستثمار الاجنبى غير المباشر للولوج إلى سوق أوراق الدين العام مسجلا ارقاماً غير مسبوقة ، وساعد ذلك على مذيد من استقرار سعر الجنيه المصرى امام الدولار خلال الأسابيع الماضية مع تحرك عرضى بسيط حول سعر متوسطه خمسون جنيها ونصف لكل دولار مع ميل لتحسن الجنيه نتيجة العوامل السابقة معززة بالإفراج مؤخراً عن قيمة المراجعه الرابعة من صندوق النقد الدولى .

ورغم كل وسائل الدعم السابقة ولأن سعر الصرف لدينا عائم اى يتحدد سعره لحظياً وفقاً لظروف العرض والطلب ، ارتفع الدولار امام الجنيه مع بداية التعامل ، ثم صحح نفسة نسبياً قبل الاغلاق ، وما حدث فى مصر اليوم هو أمر لا يقارن بما حدث فى العالم من اختلالات فى البورصات العالمية ، وتغيرات فى اسعار أوقية الذهب وبرميل البترول ، والأسهم ، واصبحت الأصول المشهورة بانها ذات الملاذ الآمن ، هى نفسها تبحث عن ملاذ آخر أكثر أمانا . .

فى مثل تلك الظروف تصاب الأسواق والمستثمرين بالخوف والتشائم من المستقبل ، وتسود حالة نفسية تدفع الكل للهروب إلى اين ؟ لا احد يدرى فالمخاطر والأزمات المالية تسود كل ارجاء العالم .

وبالطبع كان ذلك سببا لخروج مبالغ محدودة من الاموال الساخنة لدينا ، تلك الأموال التى تاتى بسرعة جريا وراء الربح ، ولكنها تخرج بأسرع مما قدِمت عند استشعارها بقدوم خطر ما ، مما يؤدى إلى زيادة الضغط على الجنيه .

لقد كانت صدمة العالم غير مسبوقة، تكاتفت عوامل اربع تدعمها اولا رسوم جمركية أمريكية تبادلية بفئات غير متوقعة ، وثانيا رسوم إنتقامية من الدول الأخرى تهدد بنشوب حرب تجارية عالمية قد تصل بالعالم الى حالة من الركود التضخمي الذى يصعب الخروج منه بسهولة وتعم مخاطرة وتداعياته كل دول العالم المتقدم منها او الناشئ ، ثم يأتى العامل الثالث المتمثل فى حزمة التوترات الجيوسياسية المشتعلة فى المنطقة والعالم . ورابعاً ، يُظلل تلك العوامل ، حالة عدم اليقين التى نعايشها حالياً .

فى ظل تلك الأوضاع غير المواتية وعدم اليقين يُولد ما يمكن ان يطلق عليه (التسعير النفسي ) لسعر الجنيه مقابل الدولار اسوة بما يحدث فى الدول المماثلة ، و يلعب العامل النفسي دورًا كبيرًا حيث يمكن أن تؤدي الشائعات أو الأخبار السلبية والمصالح المتعارضة ومكتنزي الدولار ، وأباطرة الدولرة ، إلى زيادة الطلب على الدولار. وينخفض سعر الجنيه مقابل الدولار فى سوق الإنتر بنك ( السوق الحاضرة ، أو فى الأسواق الأجلة .

أنا شخصيا اقف مع المتفائلين باقتناع ، بأننا سوف نعبر تلك الأزمة العالمية ، وأنه لا داعى للانزعاج خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف فهو يتحرك حاليا بمرونة حقيقية ، وهى الضمانة لنجاح سياسة سعر الصرف المرن .
.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى