منوعات

رأفت السويركي يكتب : من الدوحة .. «ميسي» يعلن إسلامه !

كذبة يُروِّجُون لها ويصدقونها: مشجعوا كأس العالم أَسْلَمُوا في “مونديال قطر”!! .. كهنة العقيدة من المتأسلمين – والذين يسمون أنفسهم وهماً بالدعاة – يقدمون راهناً للمراقب أنموذجاً دالاً لغياب العقل، وتهافت الذهن، والوقوع في شرك اللزوم السياسوي الضحل؛ والمرتبط بمستهدف الظن بوجوب “الأسلمة السياسوية” لكل شيء في الكون!

ولعل ما راج مؤخراً في الفضاء الافتراضوي”فيسبوك وتويتر” بمناسبة تنظيم دولة قطر لـ”كأس العالم 2022م” يمثل أحدث صورة كاشفة لمدى التردي الذي طال هذه الأمة العتيقة في عقلها؛ ويفضح الذهنية المهيمنة على شعوبها؛ والتي تدور حائرة في إطار “هاجس الأسلمة الشكلانية” الفجة لكل فعل!

إن هؤلاء المتدهقنون – من الدهقنة – يُعبِّرون حقيقة عن أزمة عقل هذه الأمة التاريخاني؛ الذي يُسيطر عليه وسيبقى وَهْمُ “نظرية المؤامرة”… بالظن أن الإسلام مستهدفٌ دوماً من الكفار وأصحاب الديانات المغايرة، ويتناسى هؤلاء أن الله (جل جلاله) حسب ما ورد في كتابه الكريم }وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّه لَغَنِيّ حَمِيد{.”إبراهيم”؛ و} إن تكفروا فإن الله غني عنكم{.”الزمر”.

إن بضاعة هؤلاء التي يتاجرون بها هي إظهار العقيدة دوماً بأنها محل الاستهداف؛ وأنهم هم المفوضون بالدفاع عنها وفق أدواتهم غير الفعالة والتي تعتمد على المرويات المشكوك في صحتها وانتسابها وهَرِمِها بعودتها إلى زمن }وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً{.”النحل”

وما كاد حفل افتتاح المونديال ينتهي حتى بدأ هؤلاء معزوفاتهم المثيرة للسخرية ولا معقوليتها؛ بالادعاء أن العديد من مشجعي المنتحبات غير العربية خلعوا عقائدهم كما يخلعون ملابسهم المتسخة وأعلنوا إسلامهم؛ انبهاراً بما شاهدوه من تجليات الأسلمة في المنطقة؛ فماذا هي لا أحد يعرف؟ وكيف يغادر هؤلاء عقائدهم هكذا فور وصولم إلى الدوحة؟ وهل تعرضوا لحملات إرشاد سحرية الفعل وفورية التأثير جعلتهم يتغيرون بسرعة؟ لا أحد رأى أو عرف كيف!!

إنها المتاجرة بالعقيدة التي يحترفها الكهنة لتحقيق المزيد من الهيمنة الهابطة على عقول المسلمين أبناء المنطقة في الداخل وليس أهل القارات الأخرى:

– أحدهم ” يَنْخَع”؛ وهي كلمة عربية صحيحة وفق “معجم المعاني” بمعنى:” نَخَعَ الرَّجُلُ: نَخَمَ، أَخْرَجَ الْمُخَاطَ مِنْ صَدْرِهِ أَوِ مِنْ أَنْفِهِ”. مدعياً – كما في الصورة – من دون إثبات أن:”558 من مشجعي #كأس_ العالم أسلموا خلال أسبوع؛ فاللهم عزّاً للإسلام والمسلمين”!!

– ثانيهم – كما في الصورة – لا يخجل من نفسه مؤكداً بفجاجة: “ليونيل ميسي يعلن إسلامه من الدوحة الحمد لله على نعمة الإسلام“!!

– ثالثهم ما تداوله رواد السوشيال ميديا وعدد من الواقع القطرية عن خبر اعتناق النجم العالمي “الملحد” مورجان فريمان للإسلام بعد حضور جلسة للداعية ذاكر نايك، وسماع آية “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت” ومنها حسابات موثقة بالعلامة الزرقاء على تويتر، من دون وجود أي تصريح رسمي من فريمان مورغان فريمان يعلن إسلامه في قطر

– رابعهم متأخون كويتي – كما في الصورة – يغرد بتبجح :” البعض يكاد يموت غيظاً لأن قطر قد جلبت الدعاة إلى الله من شتى بقاع الأرض لينشروا الإسلام أثناء انعقاد أكبر تجمع عالمي. ما قامت به قطر قد كشف عوراتهم”! وهو نفسه يذكر بمخادعة: “دول تستجلب أشهر الدعاة ودول تستجلب أحقر الراقصات.. لا يستوون”!! ويقصد هذا المتأخون ذاته تغريدة قام بتشييرها:” قطر تستدعي أكبر داعية إسلامي د. ذاكر نايك لإلقاء محاضرات دينية أثناء بطولة كأس العالم 2022″.

– خامسهم موقع متأخون – كما في الصورة – يذكر بثقة: “أربعة أشخاص يعلنون إسلامهم أمام الشيخ ذاكر نايك”!!

– سادسهم موقع متأخون آخر – كما في الصورة – يبث تسجيلاً فيديوياً حول إسلام أسرة برازيلية في قطر”!!

– سابعهم موقع متأخون – كما في الصورة – يبث تسجيلاً بعنوان “مشجعات يجربن الحجاب لأول مرة في مونديال قطرً” والذي تقوم خلاله متأخونة ترتدي الخباء بإلباس بعض المشجعات ما يُسمى الحجاب مع قهقهاتن” لطرافة التجربة. وتأتي قناة قطرية رسمية لتؤكد بثقة إعجاب المشجعات الأجنبيات بالحجاب!!
– ثامنهم ـ على سبيل الطرافة ومشايعة للعبة ـ من نشر صورة للنجم ميسي بتحوله للإسلام بعد فوز المنتخب السعودي!!

– تاسعهم القناة القطرية الرسمية – كما في الصورة – بثت فيديو لبعض المشجعين بعنوان “مساجد قطر تجذب مشجعي المونديال”؛ فيما كان هناك من يستقبلهم في باحة المسجد بقطع الحلوى ترحيباً بالزيارة الاستكشافية التي لا ترتبط بالاندراج العقدوي كما قد يظن البعض؛ إذ أنها مماثلة لزيارة السائحين المسلمين والعرب لبعض دور العبادة والمالم الدينية الشهيرة في أوروبا وأميركا كمعالم سياحية!!

وأمام هذا الهوس الأشبه بالهيستيرية تغافل كل هؤلاء من المتأسلمين ما أكده المتأسلم “ذاكر نايك” نفسه في تسجيل فيديوي سابق بأن: “لعب كرة القدم في كأس العالم حرام”!! فكيف له كعادة الدعاة المتاجرين بالعقيدة ويحتكرون الطريق إلى الله يتناسى ما هرف به مسبقاً؛ وها هو بنفسه يحضر كمتمول إلى مونديال الدوحة من أجل أن ينشر الإسلام؟ بين الكفار!!

إن لُعبة أسلمة هذا الحدث العالمي الجامع لكل نوعيات شعوب الأرض؛ لعبة رخيصة وهابطة المستوى والمنطق والخطاب؛ يقوم بها هوامش كهنة العقيدة الذين ينشطون فقط في الفضاء الافتراضوي وانتكب بهم هذا التواصل الهابط.

فلا الدولة القطرية في حاجة لتغطية جهود إنفاقها المليارات بغطاء يلعب على الأسلمة السياسوية الهابطة وهي تنظم كأية دولة في العالم حدثاً إنسانوياً بصورته وغاياته ومستهدفاته ليكون فعلاً رياضياً جماهيرياً فقط بعيداً عن الأدلجة المتهافتة.

وكذلك ليس الإسلام كعقيدة في احتياج للمتاجرة بأخبار الادِّعاء بأن هناك من أسلموا في هذه المناسبة من دون ذكر أسباب كيفية ذلك الاندراج المدَّعى في الهوية الإسلامية. إنها ليست أكثر من أنها لُعبة رخيصة؛ تروج لها عقول متهافتة تستمرئ ممارستها الكذب كسمة أصيلة لديها.

“مونديال قطر” حدث منتم لنمط فعالية رياضية متكررة في أرجاء العالم، ويعد النسخة الثانية والعشرين من المسابقة، وجمهورها متنوع من كافة أطراف الأرض… بعقائدهم المختلفة ومسلكياتهم الخاصة؛ ومستهدف هذه الجماهير من المشاركة مع منتخباتهم هو تحقيق “متعة الفرجة والسياحة” في مكان إقامة الفعاليات؛ من دون فرض شروط أخلاقوية على المقاس كما يقولون؛ وإلاّ ما كانت الدولة القطرية ـ حسب القوانين ـ قد حصلت على مسؤولية التنظيم.

وإذا كانت قطر قدمت في حفل الافتتاح ما يثبت هويتها وهذا حقها المشروع والذي توَّجَهُ المشهد الذي جمع الشاب القطري من “ذوي الهمم” غانم المفتاح “المُسلم” بقراءة آيه دالة على المناسبة }يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{.”الحجرات”؛ مع الممثل الأميركي مورجان فريمان “الملحد” الذي وفق ما نشرته “موسوعة ويكيبيديا” قال ذات يوم: ” أعتقد أننا نحن من اخترع الله. لذلك إذا كنت أؤمن بالله – وأنا أؤمن به – فهذا لأنني أعتقد أنني الله”. والعياذ بالله من قوله!!

لذلك فالمسموحات في تلك المناسبة؛ لا تتغير سواء تم تنظيمها في دولة كافرة أو مؤمنة كما تروج القطعان الإسلاموية المتسيسة الكذوب وأغلبها متأخونة؛ بدءاً من الكحول وانتهاء بالمتعة المتنوعة الأشكال والأنواع ومنها ذات إعلام “قوس قزح”!!… إنه حدث عالمي غير خاضع لكوابح وخصوصيات الضبط ومرحب به رسمياً “في دوحة الجميع”! ولكن كهنة العقيدة يحاولون الادِّعاء بما ليس في واقع المناسبة والحدث، وَلَيَّ عنق الوقائع بادِّعاء الفضيلة، فيما ينكشف ما حولوه إلى قضية وهمية تدركها القراءة النافذة بموضوعويتها.

ويكفي ما تم بثه على الهواء مباشرة في إطار متابعة “قناة الجزيرة” للحدث ـ في منطقة الفان زون ـ من شهادة الطفل فهد التي أفلتت من التحجيم والحجب، وقد ذكر فيها: “المكان هنا حلو بس اللي بيجي هنا بيطُب جهنم…!” وكلمات هذا الطفل تكشف طبيعة ما يحدث في منطقة جاء إليها المشجعون السائحون، ومع ذلك فإن كلمات هذا الطفل تمثل تعبيراً عن حقيقة الصورة الذهنية المروجة لتصور مهيمن صار لا يفارق الرأس المتأسلم سواء كان صاحبة كبيراً أم صغيراً!!

كهنة العقيدة ومكمن انتكاب الأمة في وعيها يركبون ذلك الحدث الرياضي العالمي لترويج متوهماتهم؛ وتوظيفه فيما هو في غير محله تعبيراً عن الشعور الكامن بالاضطهاد، والظن بالاستهداف من الآخر المغاير في العقيدة، والذي هو في الاساس يتبع منهجية “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”.

فماذا كانت ستقول هذه الزمرة الكذوب لو كان “بابا الفاتيكان” أرسل رهبانه؛ أو قام “الدلاي لاما” بتكليف دعاة البوذية؛ أو كلَّف الـ “بانديت” رجل الدين بالسنسكريتية فريقه للترويج للهندوسية في مناسبات مماثلة لمونديال قطر بأوروبا أو آسيا أو الأميركتين؟!

فهل نتخلص من هذا المتوهم ونقدم الصورة المثلى للعبادة الحقيقية التي تقوم على التفكر في خلق السموات والأرض؛ والوصول إلى معنى ما أنعم الله به على خلقه؟ نتمنى ذلك بدلاً عن الادِّعاء وترويج الأكاذيب وتصديقها بأن مشجعي كأس العالم أسلموا في مونديال قطر!!

اقرأ أيضًا : رأفت السويركى يكتب: مؤتمر المناخ… هذا فضاء مصر فهل يتوقفون عن النباح؟!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى