أكد مقرر لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني الدكتور محمد السيد سليمان، أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات لمواجهة التضخم لكنها لم تؤت ثمارها بعد، مضيفا أننا نناقش اليوم قضية تشغل بال المصريين جميعا وتعرقل التنمية.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية الخاصة بلجنة التضخم وغلاء الأسعار المندرجة تحت المحور الاقتصادي المنعقدة، اليوم الثلاثاء، لمناقشة مصادر ارتفاع الأسعار وسبب مواجهتها لتقليل العبء على المواطن.
وقال الدكتور سليمان، إن التضخم حالة مرضية تصيب الاقتصاد الوطني والأصل فيه أن يكون حالة عارضة، كما أنه ظاهرة عالمية تصيب كافة اقتصاديات العالم، المتقدمة والناشئة والرأسمالية أو غيرها والمستقرة والتي تمر بمرحلة انتقالية، لكن معدلاته تتفاوت من وقت لآخر ومن حال لآخر، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أيضا أن تشهده الأسواق في السلع والخدمات ويستمر حتى يعود التوازن إليها ولا تظهر هذه المشكلة إلا حين يتواصل ارتفاع الأسعار ويتفاقم مقابل الانخفاض المستمر في قوة النقود وبالتالي تراجع القوة الشرائية.
وتابع المقرر أن التضخم يتسبب في العديد من المشكلات المجتمعية والسياسية والاقتصادية، لذا ينبغي العمل معا جميعا في مناخ يتسم بالود والاختلاف والاتفاق لاتخاذ قرارات تسهم في مساعدة متخذ القرار على مكافحة هذه الظاهرة.
وفي إطار ذلك، نوه المقرر إلى أنه يمكن تحديد التضخم بأنه يشمل معظم السلع والخدمات وهو زيادة تراكمية بمعنى أنه يظهر في سلعة أو خدمة معينة مما يترتب عليه ارتفاع أسعار سلع وخدمات أخرى وهي زيادة غير متساوية تؤدي إلى خلل في النظام الاجتماعي والاقتصادي، بجانب أنه يرجع إلى عوامل داخلية وخارجية.
ولفت إلى أنه تثار هنا العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت حالة التضخم التي تعيشها مصر نتاج تدخل مستورد أم سياسيات نقدية داخلية أم نتاج لعجز في النقد الأجنبي أم ضعف الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار وحماية المنافسة والممارسات الاحتكارية.
وأكد أن الدولة اتخذت بالفعل العديد من الإجراءات والسياسات التي تستهدف ظاهرة التضخم إلا أنها لم تأت بثمارها بعد، معربا عن أمله في طرح أفكار بناءة وقابلة للتنفيذ لمكافحة هذه الظاهرة.
من جهته، قال مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار رائد سلامة، إن التضخم يمس الشريحة الأكبر من المصريين بعض النظر عن المستوى المادي.
وأوضح أنه نتاج الفجوة بين العرض والطلب التي تؤدي إلى زيادة في الأسعار أو اضمحلال القوة الشرائية وينبغي النظر هنا إلى مسببات التضخم وتسارعه وأنواعه.
ولفت المقرر المساعد إلى أن بعض المجتمعات تشجع على التضخم الزاحف (الذي يبلغ معدله 2) لتشجيع المنتجين، في حين أن التضخم المفرط هو الأخطر حيث تصل زيادات الأسعار إلى 50% شهريا.
وأضاف أنه عند تحليل مشكلة التضخم في مصر، فيجب الابتعاد عن الحلول الجاهزة المستمدة من تجارب الآخرين أو تراث الماضي بل يجب إيجاد حل يتناسب مع طبيعة الوضع في مصر.
وأوضح أنه عند النظر لمصر لا بد من استبيان ما إذا كان التضخم مدفوع بارتفاع تكلفة السلع، أم ناتج عن ارتفاع الطلب، أم يسببه ارتفاع الأجور وهو التضخم الحلزوني وربما نصل إلى ركود تضخمي مما يعني وجود نسب تنمية لكنها أقل من معدلات التضخم.
وأكد على ضرورة النظر إلى التغيرات الجيوسياسية على المستويين العالمي والإقليمي وتأثيرها على التضخم إضافة إلى المشكلات العابرة للقارات مثل المناخ الأوبئة والطاقة والأمن الغذائي، مشجعا الحضور على طرح أفكارهم حول السياسات الواجب تطبيقها (ما يتعلق بالطلب من سياسات نقدية أو مالية وسياسات متعلقة بجانب العرض) وما يجب تلافيه لمواجهة هذه الظاهرة بما يناسب طبيعتها حتى لا نكون “كمن يحارب عدوا في معركة بأسلحة معارك أخرى”.
كما شجع على الاطلاع على قانون مكافحة التضخم الأمريكي الصادر في أغسطس 2022 ليس لنبحث فيه عن حلول بل البحث في منهجية التعامل مع التضخم.
وأوضح أن معدل التضخم الأساسي الذي أعلنه البنك المركزي (40.7%)، استند فيه إلى بيانات الجهاز المركزي للتعبئة واستبعد منها بنود السلع والخدمات التي يتحدد أسعارها إداريا وتلك التي تخضع للصدمات، مما يعني أنه لا يتعارض مع المعدل الذي اعلنه الجهاز وهو 38.2%.
وبدوره، قال مقرر المحور الاقتصادي أحمد جلال إن قضية اليوم من أهم القضايا التي يناقشها الحوار الوطني نظرا لأنها تمس جميع المواطنين على اختلاف طبقاتهم، مشيرا إلى أن التضخم يهدد دخول المواطنين.
وأضاف “جلال”، أن التضخم يعكس خللا في أشياء كثيرة على مستوى السياسة النقدية والإنتاج والعرض والطلب، مشيرا إلى أن تثبيت سعر الصرف هو علاج مؤقت ولا يساعد على مواجهة التضخم ويجب أن تكون هناك مرونة في تحريك سعر الصرف، موضحا أن التضخم ليس ظاهرة نقدية فقط والبنك المركزي له دور مهم، لكن ليس هو الحل الوحيد لمواجهة هذه الظاهرة.
وأكد مقرر المحور الاقتصادي، على ضرورة إصلاح السياسة النقدية وتغيير منظومة سعر الصرف وتفعيل مبدأ شمولية الموازنة وزيادة المعروض من السلع والخدمات، لافتا إلى أن التضخم يرتفع عندما تكون هناك أسواق احتكاريه ويجب أن تكون هناك منافسة حقيقية في السوق وحرية دخول الأسواق.
للمزيد : تابعنا موقع التعمير ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك التعمير