
قال الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، إنَّ السياسات التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحمل قدرًا كبيرًا من اللعب بالنار، وقد تدفع اقتصاد الولايات المتحدة نحو الركود المصحوب بالتضخم فيما يعرف باسم “الركود التضخمي”، ما قد ينعكس على الاقتصاد العالمي.
وأضاف خلال مقابلة مع «العربية Business»، أنَّ علم الاقتصاد من الممكن أن يأتي بنماذج ونظريات مختلفة، لكن يفلح من تلك السياسات الاقتصادية ما تم تجربته سابقًا وأثبتت نجاحه بالفعل.
ولفت إلى أن السياسات المتبعة حاليًا في الولايات المتحدة سبق تجربتها، وأثبتت فشلها وأدت إلى «مأساة الكساد الاقتصادي الكبير»، الذي لم يخرج منه العالم إلا عبر طبول الحرب العالمية الثانية، ما تسبب في مشكلات اقتصادية أكبر تتعلق بالبطالة.
ونوه بأن الولايات المتحدة ليست وحدها في العالم التي اتبعت سياسات ونظريات اقتصادية غير موفقة في الوقت الحالي، لكن هناك أيضًا تركيا التي خفضت أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، وفشلت فشلًا ذريعًا، معتبرًا أن من يفلح في السياسة الاقتصادية هو من يتبع ما تم تجربته منها بنجاح.
وصرح محي الدين: «من يقف وراء سياسات وأفكار ترامب الاقتصادية، وإن صح إطلاق عليها أفكارًا اقتصادية في الأساس، هو ستيفن ميلر رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين، الذي سبق أن ذكر في إحدى أوراقه البحثية أن الولايات المتحدة بصدد إعادة تشكيل سلاسل الإمداد ومنظومة التجارة الدولية من خلال فرض التعريفات الجمركية».
وأفاد بأنّ ميلر يقصد من تطبيق التعريفات الجمركية أن تحصل الولايات المتحدة على إيرادات مالية إضافية؛ لتعيد ضخها في صندوق سبق أن أعلن ترامب عنه، وذلك لتعويض الخسائر التي ستنتج عن سياسات تخفيض الضرائب على قطاعات الإنتاج، وتوجيه الدعم لبعض الصناعات التي لا تتميز فيها الولايات المتحدة بالأصل بميزة تنافسية.
وأشار إلى أن هذه التعريفات يأمل منها أيضا تعويض قدر مما سوف يلحق بالاقتصاد الأمريكي من خسائر بسبب خفض الضرائب، تتعلق بتراجع في معدلات النمو، والاعتماد على الدولار كعملة مهيمنة على الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال محيي الدين: «أتصور أن هناك قدرًا كبيرًا من اللعب بالنار بسبب تلك السياسات، وأن هذا يظهر في وجود مؤشرات تتوقع حدوث ركود، وبعضها يتوقع أن يصاحب هذا الركود ضغوط تضخمية.. ظهر هذا في التراجع الكبير لمؤشر انطباعات المستهلكين الصادر من جامعة ميشيجان، ومؤشر ثقة المستهلكين الذي انخفض عدد نقاطه، ومؤشر توقعات المستهلكين بشأن الدخول والأعمال وسوق العمل الذي تراجع إلى مستويات 73 درجة، وهو أقل من 80 درجة، ما يعني احتمالًا أكبر لحدوث ركود».
واستكمل: «لذلك لا نتوقع أن يصدم الاقتصاد الأمريكي ليس فقط بمخاوف ركود، ولكن ركودًا فعليًا مصحوبًا بتضخم، وسوف يكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي؛ نظرًا لأن الولايات المتحدة تشكل ربع الاقتصاد العالمي».