«الملاذ الآمن»: الفضة تقفز إلى قمم تاريخية مدفوعة بقوة الطلب الصناعي واستمرار عجز الإمدادات

شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا لافتًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتسجل الأوقية أعلى مستوى في تاريخها، بدعم من تنامي الطلبين الصناعي والاستثماري، إلى جانب استمرار نقص المعروض عالميًا، بحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
وأوضح التقرير أن السوق المحلية سجلت زيادات ملموسة في أسعار الفضة، حيث ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 إلى 85 جنيهًا، بينما بلغ جرام عيار 925 نحو 98 جنيهًا، وسجل عيار 999 قرابة 106 جنيهات، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 784 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، قفزت أسعار الفضة بنحو 5 دولارات للأوقية، لتصل إلى مستوى 67 دولارًا، وهو أعلى سعر تاريخي للمعدن الأبيض، في ظل زخم قوي تشهده أسواق السلع.
وأشار التقرير إلى أن الفضة تواصل تسجيل مستويات غير مسبوقة منذ بداية العام، مدفوعة بمزيج استثنائي من محدودية المعروض وقوة الطلب، حيث تجاوزت مكاسبها 131%، متقدمة بفارق كبير على الذهب الذي حقق ارتفاعًا يقارب 60%، في واحد من أفضل أعوامه أداءً منذ أواخر السبعينيات.
عجز مستمر في المعروض يدعم الاتجاه الصاعد
وعزا «الملاذ الآمن» الارتفاع الحاد في أسعار الفضة إلى استمرار العجز في الإمدادات العالمية، إذ تشير التقديرات إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد نقصًا في المعروض، مع تراجع الإنتاج العالمي بنحو 3% على أساس سنوي، نتيجة انخفاض جودة الخامات وتباطؤ إطلاق مشروعات تعدين جديدة، وفق بيانات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن.
كما توقع معهد الفضة العالمي نمو المعروض بنسبة محدودة لا تتجاوز 2% خلال العام، ما يبقي فجوة العجز عند مستويات مرتفعة تقترب من 20%.
الطلب الصناعي والاستثماري يعزز الزخم
وعلى جانب الطلب، تواصل الفضة لعب دور محوري في العديد من الصناعات الحيوية، لا سيما الطاقة المتجددة والإلكترونيات، حيث أسهم التوسع في مشروعات التحول الطاقي وإزالة الكربون، إلى جانب تسارع التحول الرقمي، في رفع معدلات الاستهلاك الصناعي للمعدن.
وفي الوقت نفسه، عززت جاذبية الفضة كأداة استثمارية من تدفقات المستثمرين نحو صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بها، خاصة مع تصاعد التوقعات بشأن تخفيف السياسة النقدية العالمية واحتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال عام 2026، ما يقلص تكلفة الاحتفاظ بالأصول غير المدرة للعائد.
المعادن النفيسة تواصل الأداء القوي
وبالتوازي مع صعود الفضة، حافظت المعادن النفيسة الأخرى على أداء قوي، إذ اقترب الذهب من أعلى مستوياته القياسية متداولًا قرب 4322 دولارًا للأوقية، مدعومًا ببيانات البطالة الأمريكية التي عززت الرهانات على اتجاه الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية أكثر مرونة في المرحلة المقبلة.
تقلبات محتملة رغم المسار الإيجابي
ورغم الأداء القوي، حذر التقرير من أن الفضة تظل من أكثر المعادن النفيسة تقلبًا، نظرًا لحساسيتها المرتفعة للتغيرات الصناعية والاستثمارية. وأشار تقرير لبنك ING الهولندي إلى أن صغر حجم السوق مقارنة بالذهب يجعل تحركات أسعار الفضة أكثر حدة صعودًا وهبوطًا.
وأوضح البنك أن المخاطر الرئيسية قد تنبع من تباطؤ اقتصادي عالمي محتمل، قد يضغط على الطلب الصناعي، رغم بقاء السوق مدعومة حاليًا بمحدودية المعروض وقوة الطلب الاستثماري.
وفيما يخص المخزونات، أظهرت البيانات ارتفاع مخزونات الفضة في بورصة لندن بنحو 1447 طنًا منذ بداية العام، وزيادة مخزونات كومكس بنحو 4311 طنًا، مع تمركز النسبة الأكبر من المخزون في لندن. كما ارتفعت حيازات صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة بوتيرة قوية، ما يعكس دخولًا مؤسسيًا واسع النطاق إلى السوق.
وتوقع بنك ستاندرد تشارترد استمرار امتلاك الفضة لمساحة إضافية للصعود، رغم احتمالات استمرار التقلبات على المدى القصير، في ظل بحث السوق عن مستويات توازن جديدة بعد الارتفاعات الحادة الأخيرة، مدعومة باستمرار عجز المعروض وتوقعات خفض الفائدة وضعف الدولار نسبيًا.
ورغم الأداء الاستثنائي، تشير بعض التقديرات إلى احتمال تراجع وتيرة الطلب الصناعي في حال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن قوة الطلب الاستثماري لا تزال عاملًا رئيسيًا في دعم الأسعار والحد من أي تصحيحات حادة محتملة.







