منوعات

اللجنة الثقافية بالصحفيين وصالون أقلام ذهبية يناقشان كتاب “محمود درويش.. وطن في شاعر” لعزة بدر

*عزة بدر: محمود درويش شاعر كبير في طليعة شعراء الوطن العربي.. والقضية الفلسطينية أضفت على شعره نكهة خاصة جعلته شاعرًا ذا نزعة كونية إنسانية

كتبت – هايدي فاروق

نظمت اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين بالتعاون مع صالون أقلام ذهبية، ندوة استثنائية لمناقشة كتاب الدكتورة عزة بدر: “محمود درويش.. وطن في شاعر”، الصادر حديثًا عن دار أخبار اليوم. أدار الندوة الروائي الكبير نشأت المصري، وشارك فيها نخبة من الأدباء والنقاد من بينهم: الدكتورة رجاء علي أستاذة الأدب والنقد، والشاعر والناقد جمال الدين عبد العظيم، والدكتورة حنان إسماعيل، إلى جانب حضور لافت من المثقفين والكتاب.

وبدأت الفعالية بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء غزة، في لفتة رمزية جسدت ارتباط الندوة بالقضية الفلسطينية التي كانت جوهر تجربة محمود درويش الشعرية والإنسانية.

نشأت المصري: درويش شاعر حقيقي قبل أن يكون رمزًا سياسيًا

في كلمته الافتتاحية، أكد الروائي نشأت المصري أن محمود درويش كان شاعرًا أصيلاً قبل أن يكون رمزًا سياسيًا، مشيرًا إلى أنه التقى به مرة واحدة داخل مؤسسة الأهرام وسط حشد من محبيه، لكنه لمس فيه عظمة الشعر وعمق التجربة. وأشاد المصري بالدكتورة عزة بدر، واصفًا إياها بأنها ليست مجرد ناقدة بل شاعرة وروائية وقاصة، انعكس تنوعها الإبداعي على أسلوبها في الكتاب.

عزة بدر: درويش عاشق للحياة.. ومصر شكلت محطة خاصة في رحلته

من جانبها، عبرت الدكتورة عزة بدر عن شكرها لصالون أقلام ذهبية على تنظيم اللقاء، مؤكدة أن محمود درويش لم يكن شاعر القضية الفلسطينية فقط، بل كان عاشقًا للحياة. وأوضحت أن رحلته الإبداعية بدأت منذ خروجه من قريته بروة، متنقلاً بين بلدان عديدة، وكان لمصر مكانة استثنائية في تجربته، إذ التحم بالمثقفين المصريين الذين كان يقدر مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية. وأضافت أن درويش تأثر بالحضارة المصرية القديمة التي غلبت الموت بالخلود، وهو ما انعكس على نزوعه الدائم إلى محبة الحياة.

واختتمت بدر حديثها بقراءة جزء من قصيدة “كزهر اللوز أو أبعد”، مؤكدة أن القضية الفلسطينية أضفت على شعر درويش نكهة خاصة، وحولته إلى شاعر كوني يحمل همّ الإنسان في كل مكان.

رجاء علي: المكان في تجربة درويش مفتاح لتكوينه الشعري

بدورها، قالت الدكتورة رجاء علي إن الكتاب يعيد قراءة تجربة درويش الشعرية بعمق، خاصة من زاوية المكان الذي شكل محورًا مهمًا في بناء تجربته. وأوضحت أن المؤلفة لم تكتفِ بالسرد بل ربطت المكان بتكوين شخصية درويش وبالقضية الفلسطينية التي كانت هاجسه الأول. وأشارت إلى أن عنوان الكتاب “وطن في شاعر” يمثل مفتاحًا دلاليًا للتجربة، مؤكدة أن لغة الكتاب اتسمت بلمسة شعرية مبهجة، وأن اختيار القصائد كان موفقًا وواعيًا.

وأضافت أن الكتاب يكشف عن رحلة درويش في المنافي، وسعيه الدائم لخلق وطن داخلي خاص به، رغم التعب والخذلان، مشيرة إلى أن عزة بدر قدمت رؤية شاملة وموثقة لمراحل حياة الشاعر الكبير.

جمال الدين عبد العظيم: الكتاب انتقالات وجدانية.. لكن ينقصه فصل عن نبوءات درويش

من جانبه، قال الشاعر والناقد جمال الدين عبد العظيم إن أول ما يميز الكتاب هو أنه كُتب بقلم شاعرة عن شاعر، وهو ما منحه روحًا وجدانية خاصة. وأشاد بعنوان الكتاب الذي يلخص مسار تجربة درويش، حيث توازى تطور شعره مع تطور القضية الفلسطينية. وأوضح أن الكتاب جاء في صورة انتقالات وجدانية لا تقيدها الفصول التقليدية، لكنه تمنّى أن يضم فصلًا خاصًا عن “نبوءات درويش”، خاصة موقفه من اتفاقية أوسلو.

وأضاف أن ممارسة الشاعر للسياسة تأتي دائمًا برؤية مختلفة، مذكرًا بالجدل الذي أثاره درويش وحتى الخلاف مع الفنان ناجي العلي. وانتقد تخصيص مساحة واسعة لقصيدة “سرحان يشرب القهوة”، معتبرًا أنه كان من الأفضل تناولها بشكل نقدي أعمق يتيح للقارئ العادي استيعابها.

شهادات أخرى: الكتاب دراسة نقدية وإنسانية عميقة

كما أكدت الصحفية نسرين معتوق أن الكتاب يُعد دراسة نقدية شاملة، تناولت أعمال درويش بالتوازي مع سيرته الذاتية، مما أضفى عليه بعدًا إنسانيًا فريدًا، فالشاعر لم يكن مجرد مبدع بل حالة إنسانية استثنائية.

وأشاد أشرف التعلبي، مدير تحرير مجلة المصور، بالكتاب، مشيرًا إلى أن الدكتورة عزة بدر جمعت بين “رقة الشاعرة” و”دقة الباحثة”، متمنيًا لها مزيدًا من الإبداع.

أما الدكتورة سوسن الشريف، الروائية والكاتبة، فقالت إنها استمتعت بقراءة الكتاب، مؤكدة أن المؤلفة تكتب بأسلوب سلس يأخذ القارئ في رحلة عميقة إلى عالم درويش.

عزة بدر: الكتاب حوار إبداعي مع درويش وترسيخ لذاكرة الوطن

وفي ختام الندوة، أوضحت الدكتورة عزة بدر أن كتابها يمثل محاولة لإقامة “حوار إبداعي” مع محمود درويش بعدما لم يتسنَّ لها إجراء حوار مباشر معه. وقالت إنها جمعت كل ما كتب عنه لتصدر الكتاب أول مرة عام 2011 عن دار الهلال، ثم أعادت إصداره حديثًا عن دار أخبار اليوم.

وأضافت: “هذا الكتاب قطعة من روحي؛ فمنذ العشرينات التقيت درويش للحظة، لكنني عشت معه تجربة ممتدة عبر شعره. لم أجد في شخصيته ما يُنقص منها، بل وجدت حبًا عميقًا للحياة، وتأثرًا بالحضارة المصرية، وتقديرًا لكل من عاش تجربة المنفى أو بحث عن وطنه.”

واختتمت الندوة بالتأكيد على أن كتاب “محمود درويش.. وطن في شاعر” يُعد مرجعًا نقديًا موسعًا، جمع بين قراءة الشعر وتتبع السيرة، مما أضفى على العمل قيمة أدبية وإنسانية عالية.

وعلى هامش الفعالية، قام صالون أقلام ذهبية بتكريم مجموعة من الداعمين لأنشطته، كما تم توزيع شهادات تقدير للفائزين في مسابقة القصة القصيرة.

عزة بدر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى