الرغبة في تعلم اللغة جزء أساسي من أحلام الجميع وتحتل الإنجليزية المرتبة الأولى وذلك لعدد من الأسباب أهمها دراستها لنحو 16 عاما في مراحل التعليم المختلفة دون القدرة الكاملة على ممارستها لذلك باتت واحد من مكونات التفكير والرغبات وكأنها تحدي وعقبة تحتاج للتعامل معها.
ورغم أن البعض يستطيع تجاوز هذا التحدي والتحدث بطلاقة، إلا أن العدد الأكبر مازال يعانى وهو الأمر الذي يتم تناول أسبابه في التقرير التالي بسرد مفصل لسبل التخلص من العقبات التي قد يترتب عليها التوقف عن التعلم في مراحله الأولى على وجه التحديد كما أنها من شأنها أن تجعل الطالب يفقد شغفه بالمواصلة فيما يستهدفه من آمال ترتبط بوجود لغة.
سبب تعلم اللغة
فكرة التعلم من أجل التعلم عادة ما تسفر عن اللاشئ فيجب الوقوف على أسباب التعلم الحقيقية وتحديداً إن كان الأمر يرتبط بالسعي من أجل إكتساب لغة لما لذلك من تأثير على العملية الدراسية نفسها.
ويؤكد محمد على خلف مدرب مدرسين بجامعة المستقبل ومؤسس تفلزم، أن تعلم الانجليزية قد يشغل مراحل مختلفة من العمر بداية من فترة الحضانة وصولا لسن الجامعة إلا أن النتيجة عادة ما تكون واحدة وينقصها إجادة استخدام اللغة بشكل سليم.
واعتبر محمد علي خلف، أن الراغب في التعلم عليه أن يدرك أن اللغات في الأصل ما هي إلا وسيلة للتواصل وهو ما يتحقق من خلال المهارات، وبالتالي لا توجد أية قيمة للكلمات والقواعد النحوية إن لم تستطع أن تصل بأفكار المتحدث للطرف الآخر، مؤكدا أن هذا الأمر ناتج عن عدد من الأسباب الرئيسية يمكن سردها على النحو التالي.
طرق التدريس
عدد ليس بالقليل من مدرسي اللغة الإنجليزية بحسب ما يراه محمد علي خلف، يستخدمون الطرق التقليدية في التدريس ولا يبذلون أي مجهود في تطوير أنفسهم بالاطلاع على طرق حديثة و النظريات المتعددة ويعكفون على تلقين الأطفال لعدد لا نهائي من الكلمات وترجمة معانيها للعربية مبتعدين عن السياق وطرق استخدامها أو تصحيح نطقها.
ولفت محمد علي خلف، مدرب المدرسين في جامعة المستقبل، إلى أن عدد كبير من المدرسين قد لا يدركون حقيقة اختلاف اللغة الإنجليزية عن غيرها فقد لا تتوافق كتابة الكلمة مع نطقها وأرجع واحد من الأزمات التي تحدث في المدارس إعتياد المعلم على كتابة الكلمة (أو حتى مجموعة الكلمات) قبل شرح المعنى لما له من أولوية ودور في التأثير على الطالب واستيعابه.
“الماميز” ونقد الآباء يفقد المدرس الرغبة في التطوير
واحدة من الأزمات المترسخة في مجتمعنا تتمثل في نظرة الآباء والأمهات وتدخلهم بشكل غير تربوي في وجه أي مدرس يسعى للخروج في أداءه عن الصندوق والتعليب المتعارف عليه وهو الأمر الذي يجده، محمد علي خلف أحد أهم المعوقات التي تحول دون رغبة المعلم في تطوير أدواته وتغيير نمط العملية التعليمية مستسهلاً التلقين خوفاً من أسرة الطالب.
معتبراً أن لمجموعات “الماميز” أمهات الواتساب تأثير سلبي في الكثير من الأحيان على سير العملية التعليمية نتيجة انتقادهم اي نقص في الشكل المتعارف عليه تعليمياً والمتمثل في اثقال كاهل الأطفال بالكتابة والأسئلة التي تحتاج لإجابات لا نهائية والتي لا تصنع منهم ممارسين اللغة بشكل صحيح بقدر تحويلهم لآلات يمكنها الكتابة ولكن لا تستطيع استخدام ما تكتب لتحقيق القيمة العليا من التعامل والتواصل باللغة.
وكشف محمد علي خلف، أنه من واقع تجاربه في تدريب المدرسين صادف عدد منهم قرر تطوير الأدوات والإعلاء من مصلحة الطالب على ساب التعليب والشكل التقليدي ولكنهم عادة وبفعل النقد الدائم ما يترسخ بداخلهم أنهم يسبحون عكس التيار بل وأنهم قد يضيعون مستقبل الأطفال مثقلين بمشاعر الذنب الناتجة عن قسوة نقد الاهالي لهم.
الامتحان بات هدفا والحافز الحقيقي مفقود
واحد من أهم الأخطاء الشائعة هو الربط بين اكتساب اللغة الصحيحة ونتيجة الامتحان مما يجعل منه الهدف والأولوية على حساب مهارة التواصل نفسها.
ويرى المدرب محمد علي خلف، أن السؤال القاسي والأكثر شيوعاً ‘جبت كام في الإنجليزي”، معتبره تساؤل غير منطقي ومازال وربما سيظل معيار على حكم الآخرين على كفاءة الطلبة في المواد المختلفة وهو ما يرهقهم بالصراع من أجل كليات القمة دون التحقق من القيمة الفعلية للتعلم وتطوير الذات بتلك المعلومات المكتسبة.
وأكد محمد علي خلف أن اللغات ليست مجرد مواد يتم حفظها لحصد درجات مرتفعة في الامتحان بل على العكس تماماً اختزالها في هذا المشهد يقتل الحافز الحقيقي لإكتسابها لأن أداء الإمتحان حافز مؤقت بمجرد الانتهاء منه قد تنتهي أيضا المواد المكتسبة من أجله خاصة إن كانت لغة تعتمد بالأساس على الممارسة المستمرة لذلك فالبحث عن حافز كالتواصل مع الآخر قد يذلل تلك العقبة.
الخوف من أحكام الآخرين
هناك العديد من الأخطاء التي قد لا ندرك أنها كارثية التأثير على الراغب في التعلم خاصة إن كانت ناتجة عن المدرسين وعادة ما تجعل الطالب خائف من الحكم السلبي عليه وبالتالي يسعى للتحايل على عدم شعوره بالفهم أو عدم قدرته على الإلمام بما تم طرحه من محتوى دراسي.
وأوضح مدرب المدرسين بجامعة المستقبل، محمد على خلف أن هناك عدد من الأسئلة التي يطرحها القائمين على العملية التعليمية بحسن نية ودون إدراك لتبعاتها ومنها على سبيل المثال: “ها ‘فهمتوا؟، مين مش فاهم؟!’، وهو الأمر الذي عادة ما يصيب الطلبة بالخجل ويجعلهم لا يتجاوبون معها تى لا يتضح من ذلك أنهم أقل قدرة على الفهم من أقرانهم.
وأكد أن الطلبة عادة ما يحركون رؤوسهم بإيماءات تعبر عن فهمهم واستيعابهم حتى وإن كان ذلك على غير الحقيقة، والأمر على حد وصف المدرب محمد علي خلف، لا يقف عند ذلك الحد ولكنه أيضاً قد يكون دليل خف من تنمر الطلبة على من لا يستوعب ما قاله المدرس وأحياناً وفي أضيق الحدود لا يقبل المدرس نفسه أن يعيد الشرح ويتهكم على أسئلة الطلبة ورغم قلة معدل هؤلاء إلا أن حدوث ذلك ولو لمرة واحدة كفيل أن يؤثر على الطفل طوال مراحل تعليمه ويحول دون قدرته على طرح الأسئلة أو طلب مزيد من التيسير في شرح المعلومات المقدمة.
مناهج قد لا تمت للعالم خارج القاعة الدراسية والممارسة العملية بصلة
لا يخفى عن أحد أن المنهج البعيد عن الممارسة والواقع لا يمكن إكتسابه بسهولة، وقد يكون أحد معوقات اكتساب اللغة والتعامل بها بل أنه قد يجعل الطفل يرفض عملية التعلم نتيجة عدم قدرته على الإستيعاب و إصابته بالإحباط.
وهو ما أكده مدرب المدرسين بجامعة المستقبل، محمد علي خلف، قائلاً: ” سمعنا جميعا عن منهج اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي وليس من سمع كمن رأى، فابنتي حاليا طالبة في هذا الصف ورأيت كتابها بنفسي! أثارت المعلومات بداخله شجوني عندما وجدت انفصال تام عن الواقع! مواضيع لا تتناسب إطلاقا مع هذا السن ومخلوقات غريبة حتى على بيئتنا وطبيعتنا الجغرافية”.
وأضاف محمد علي خلف، أنه وجد بمنهج الصف الرابع الإبتدائي مصطلحات طبية متخصصة وأخرى هندسية وغيرها في علم الحيوان، مؤكداً أن هذا الكم والنوع من المحتوى يليق عقلياً بمستوى من يدرس السنة التحضيرية الأولى لمجموعة كليات مختلفة المجالات في نفس الوقت.
وكشف أن ما يحتاجه الطفل في هذا العمر هو القدرة على التعبير عن نفسه واحتياجاته الأساسية باللغة الإنجليزية فقط، قائلاً: ماذا لو سافر هذا الطفل مع والديه إلى إحدى الدول التي تتحدث الإنجليزية كلغة أولى ودخل السوبر ماركت وأراد أن يسأل على سعر قطعة حلوى، هل ستفيده هذه المصطلحات المعقدة في شيء”.
واعتبر محمد على خلف أن كم المعلومات التي لا تتناسب مع الاحتياج الحقيقي لمتلقيها خاصة إن كان في طور دراسة اللغة واكتساب مهارة ممارستها لا قيمة لها على الإطلاق وعلى المعنيين بالأمر بحث سبل تمكين الأطفال من التعاطي مع لغة حياتهم اليومية قبل “حشو” التعريفات والمعلومات المعقدة عديمة الجدوى في المناهج الدراسية المختلفة.