أسواق وأعمال

الملاذ الآمن: أسعار الفضة تتراجع بعد مكاسب تاريخية وسط موجة جني أرباح

شهدت أسعار الفضة تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الخميس، عقب صعود قوي ومتواصل أوصل المعدن الأبيض إلى مستويات تاريخية. وأرجع مركز الملاذ الآمن للأبحاث هذا التراجع إلى ضغوط جني الأرباح من قِبل المستثمرين الذين سارعوا بالبيع بعد تحقيق مكاسب كبيرة خلال الأسابيع الماضية.

ووفقًا لتقرير المركز، انخفض سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو جنيه واحد ليسجل 54 جنيهًا، بينما تراجع السعر العالمي للأوقية من 41.80 دولارًا إلى 41.45 دولارًا.

وعلى المستوى المحلي، بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 حوالي 68 جنيهًا، في حين سجّل عيار 925 نحو 63 جنيهًا، فيما استقر سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند 505 جنيهات.

أسباب التراجع الحالي

أوضح مركز الملاذ الآمن أن التراجع الراهن يأتي بعد ارتفاعات حادة دفعت المستثمرين إلى البيع لتأمين الأرباح، خاصة في ظل تزايد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي واضطرابات محتملة في سلاسل التوريد، ما قد يؤثر سلبًا على الطلب الصناعي القوي على الفضة.

كما أن ترقب الأسواق لسياسة الفيدرالي الأمريكي ساهم في الضغوط البيعية، حيث من شأن أي نبرة متشددة بشأن أسعار الفائدة أن تعزز من العوائد الحقيقية، مما يقلل من جاذبية الفضة كأصل غير مدر للعائد.

ورغم ضعف الدولار الأمريكي، الذي كان داعمًا في السابق للمعادن، إلا أن تأثيره خلال تعاملات اليوم لم يكن كافيًا لوقف عمليات البيع.

نظرة مستقبلية: هل يعود الارتفاع؟

يرى مركز الملاذ الآمن أن استمرار عمليات جني الأرباح قد يدفع الأسعار إلى مزيد من التراجع على المدى القصير، خاصة إذا دعمت البيانات الاقتصادية الأميركية اتجاه الإبقاء على الفائدة مرتفعة.

لكن في المقابل، يشير التقرير إلى أن أي ضعف مفاجئ في البيانات الأمريكية، أو مؤشرات على تخفيف السياسة النقدية، قد يعيد الزخم الإيجابي للفضة مستفيدًا من قوة الطلب الاستثماري ودورها كـ ملاذ آمن.

التيسير النقدي والطلب الصناعي يدعمان الفضة

تظل الفضة مدعومة على المدى المتوسط من استمرار دورة التيسير النقدي من قبل الفيدرالي الأمريكي، مما يقلل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للفائدة.

كما يشير التقرير إلى أن الطلب الصناعي يُعد أحد الأعمدة الأساسية لدعم أسعار الفضة، خصوصًا في ظل توسع استخداماتها في الصناعات التكنولوجية المتقدمة، وعلى رأسها الألواح الشمسية والإلكترونيات الدقيقة.

تحذيرات من تقلبات السوق

أكد مركز الملاذ الآمن أن السوق يشهد تذبذبًا حادًا نتيجة تغير سلوك المستثمرين بعد المكاسب الأخيرة، حيث فضّل البعض تأمين أرباحهم سريعًا، في ظل تحركات قد تتغير بفعل أي بيانات اقتصادية مفاجئة أو تغييرات في أسعار الفائدة أو سعر صرف الدولار.

وحذّر التقرير من أن أي تحسن في البيانات الاقتصادية الأمريكية أو ارتفاع جديد في الدولار، قد يُبقي الضغوط على الفضة خلال المدى القصير.

HSBC يرفع توقعاته.. ومستويات قياسية محتملة

في ظل استمرار الزخم، أصدر بنك HSBC تقريرًا حديثًا رفع فيه توقعاته لأسعار الفضة مستقبلاً، مستندًا إلى صعود أسعار الذهب، واستمرار المخاطر الجيوسياسية، وقوة الطلب الصناعي.

ويرى البنك أن استمرار الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة قد يدفع أسعار الفضة إلى اختراق حاجز 45 دولارًا للأوقية خلال الربع الأخير من عام 2025.

الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة.. وتوقعات النمو والتضخم تتغير

كما كان متوقعًا، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 4.00% و4.25%، وأشارت توقعاته إلى تخفيض إضافي واحد قبل نهاية العام، بالإضافة إلى تخفيضين آخرين خلال 2026.

وأكد الفيدرالي أن النشاط الاقتصادي في النصف الأول من العام شهد تباطؤًا ملحوظًا، بينما ارتفع معدل البطالة تدريجيًا، واستمر التضخم في البقاء عند مستويات مرتفعة تفوق الهدف المستقر عند 2%.

وتُشير تقديرات البنك المركزي إلى أن معدل التضخم سيختتم عام 2025 عند 3%، ولن يعود إلى المستهدف قبل عام 2028.

الملاذ الآمن: الفضة بين ضغوط وجاذبية استثمارية

وفي ختام التقرير، شدد مركز الملاذ الآمن على أن الفضة تمر بمرحلة تذبذب حادة تجمع بين ضغوط جني الأرباح والمخاوف الاقتصادية، وبين دعم مستمر من التيسير النقدي والطلب الصناعي.

ورغم التراجعات الحالية، فإن الاتجاه العام لا يزال إيجابيًا على المدى المتوسط والبعيد، ما يجعل الفضة أحد أهم المعادن الإستراتيجية التي تجمع بين خصائص الاستثمار الآمن وأهميتها في القطاع الصناعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى