
شهدت أسعار الذهب في السوقين المحلية والعالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم الإثنين، متأثرة بارتفاع الدولار الأمريكي، وقيام المستثمرين بعمليات جني أرباح بعد موجة صعود قوية، إلى جانب أجواء التفاؤل الحذر بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، وذلك في ظل ضعف أحجام التداول مع اقتراب نهاية العام، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في سوق الذهب.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية تراجعت بنحو 105 جنيهات للجرام مقارنة بمستوياتها السابقة، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 نحو 5970 جنيهًا، في حين تراجعت أسعار الذهب في البورصة العالمية بنحو 126 دولارًا للأوقية، لتسجل نحو 4407 دولارات.
وأوضح إمبابي أن جرام الذهب عيار 24 سجل حوالي 6823 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الذهب عيار 18 نحو 5117 جنيهًا، فيما سجل سعر الجنيه الذهب قرابة 47760 جنيهًا.
وأشار إلى أن هذا التراجع يأتي عقب مكاسب قوية حققها الذهب خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 بنحو 285 جنيهًا، بعدما افتتح تعاملاته عند مستوى 5790 جنيهًا، قبل أن يغلق عند 6075 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، صعدت الأوقية بنحو 194 دولارًا، إذ بدأت التداولات عند مستوى 4339 دولارًا، وأنهت الأسبوع عند 4533 دولارًا، عقب تسجيل قمة تاريخية جديدة عند مستوى 4555 دولارًا للأوقية.
وعالميًا، تراجعت أسعار الذهب من أعلى مستوياتها القياسية قرب 4550 دولارًا للأوقية خلال الساعات الأولى من تعاملات الأسواق الأوروبية، مع اتجاه المستثمرين إلى جني الأرباح قبيل عطلات نهاية العام، وهو ما تزامن مع ارتفاع الدولار الأمريكي، الأمر الذي زاد من الضغوط على أسعار المعدن النفيس، نظرًا لارتفاع تكلفة حيازته على المستثمرين من حاملي العملات الأخرى.
ورغم هذا التراجع على المدى القصير، أكد التقرير أن الذهب لا يزال يحقق مكاسب استثنائية خلال عام 2025، مسجلًا ارتفاعًا يقترب من 70%، وهو أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، ما يعكس قوة الاتجاه الصاعد طويل الأجل للمعدن الأصفر.
وتشير التوقعات إلى أن أي تراجعات إضافية في أسعار الذهب قد تكون محدودة، في ظل ترقب الأسواق لقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة خلال عام 2026، وهو ما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، الذي لا يدر عائدًا، ويعزز جاذبيته كملاذ آمن، لا سيما في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية.
ومن المنتظر أن تشهد الأسواق المالية حالة من الهدوء النسبي خلال الفترة المتبقية من العام، مع ترقب المستثمرين لصدور بيانات مبيعات المنازل المعلقة في الولايات المتحدة لشهر نوفمبر، والمقرر الإعلان عنها لاحقًا خلال تعاملات اليوم.
وفي السياق السياسي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إحراز “تقدم كبير” في المحادثات الجارية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن التوصل إلى اتفاق سلام محتمل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن ملف الحدود لا يزال دون اختراق حاسم، وأن الوصول إلى اتفاق نهائي قد يستغرق عدة أسابيع.
وعلى صعيد البيانات الاقتصادية الأمريكية، أظهرت البيانات تراجع طلبات إعانة البطالة الأولية خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر إلى 214 ألف طلب، مقارنة بـ224 ألف طلب في القراءة السابقة، لتأتي أفضل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 223 ألف طلب.
وكان الرئيس الأمريكي قد صرح في وقت سابق بتوقعه أن يحافظ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم على أسعار فائدة منخفضة، مؤكدًا أنه لا يرغب في “الخلاف” معه، وهي تصريحات أثارت مخاوف واسعة بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي وتأثير السياسة على قراراته النقدية.
ويُذكر أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجاري، في حين يتوقع المتعاملون تنفيذ خفضين إضافيين خلال عام 2026. وتشير أدوات تسعير الأسواق، وفقًا لأداة CME FedWatch، إلى احتمال يبلغ نحو 18.3% لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع يناير المقبل.
ولا يزال الذهب يتحرك ضمن اتجاه صعودي على المدى المتوسط، إلا أن مؤشر القوة النسبية (RSI) يعكس وصول الأسعار إلى مناطق تشبع شرائي، ما يستدعي الحذر على المدى القريب تحسبًا لحدوث تصحيحات سعرية مؤقتة.
وعلى مستوى التوقعات طويلة الأجل، رفع بنك «يو بي إس» السويسري تقديراته لسعر الذهب خلال عام 2026 إلى مستوى 5 آلاف دولار للأوقية، مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 4500 دولار، مدفوعًا بتزايد الطلب العالمي، وارتفاع مستويات المخاطر الاقتصادية، وتراجع العوائد الحقيقية على الأصول التقليدية.
وأوضح البنك أن أسعار الذهب قد تصل إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام المقبل، على أن تشهد تصحيحًا محدودًا مع اقتراب نهاية 2026، ليستقر السعر قرب 4800 دولار للأوقية.
وأشار «يو بي إس» إلى أن استمرار الضغوط الاقتصادية العالمية، وتوجه البنوك المركزية نحو خفض أسعار الفائدة، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي والمالي في الولايات المتحدة، كلها عوامل تدعم الاتجاه الصاعد للذهب. كما لفت إلى أن تصاعد المخاطر السياسية أو المالية عالميًا قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى تصل إلى 5400 دولار للأوقية.
وسجل الذهب منذ بداية العام الجاري نحو 50 قمة قياسية، مدفوعًا بتدفقات قوية نحو الملاذات الآمنة، في ظل التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية.
وفي السياق ذاته، عززت بنوك استثمار عالمية أخرى النظرة الإيجابية تجاه الذهب، حيث توقع «دويتشه بنك» أن تتحرك الأسعار خلال عام 2026 في نطاق يتراوح بين 3950 و4950 دولارًا للأوقية، بينما رجح بنك «جي بي مورجان» أن يبلغ متوسط سعر الذهب خلال الربع الأخير من العام المقبل نحو 5055 دولارات للأوقية، ما يدعم استمرار الاتجاه الصاعد للمعدن الأصفر على المدى الطويل.






