
شهدت أسعار الذهب في الأسواق المحلية تراجعًا طفيفًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، متأثرة بارتفاع الدولار وتراجع الطلب نتيجة عمليات جني الأرباح، في ظل تقييم المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن جرام الذهب عيار 21 انخفض خلال الأسبوع بنحو 5 جنيهات، بعدما افتتح التداولات عند 5350 جنيهًا، وأغلق الأسبوع عند 5345 جنيهًا.
وعالميًا، تراجعت الأوقية بنحو دولارين، من 4003 دولارات إلى 4001 دولار.
وأضاف إمبابي أن جرام الذهب عيار 24 سجّل 6109 جنيهات، وعيار 18 بلغ 4581 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3564 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 42760 جنيهًا.
وأرجع التقرير الارتفاع الشهري إلى زيادة الطلب من البنوك المركزية، واستمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي في الأسواق العالمية.
وأنهت أسواق الذهب والفضة تداولاتها الأسبوعية دون تغيير يُذكر، رغم التقلبات التي شهدتها الأسواق مع تقييم المستثمرين لتداعيات تدهور سوق العمل الأمريكي مقابل الرسائل الحذرة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن المسار المستقبلي للفائدة.
وتداول الذهب بالقرب من 3987 دولارًا للأوقية خلال جلسة الجمعة، بعد أن تعافى من خسائره السابقة، في حين شهدت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات أكبر انخفاض لها في شهر تقريبًا عقب صدور بيانات توظيف ضعيفة، ما عزز التوقعات بخفض الفائدة قريبًا.
لكن تلك التوقعات واجهت تعقيدًا بعد تصريحات أوستان غولسبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، الذي حذّر من صعوبة تقييم الوضع الاقتصادي في ظل غياب بيانات التضخم بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي، ما أضفى نبرة حذرة على الأسواق.
وأظهر تقرير جامعة ميشيجان أن ثقة المستهلك الأمريكي هبطت في نوفمبر إلى أدنى مستوى منذ منتصف 2022، فيما أظهرت أداة CME FedWatch أن الأسواق توقعت خفض الفائدة في ديسمبر بنسبة 68%.
وجاءت استجابة سوق الخزانة الأمريكية لتقرير شركة الاستشارات “تشالنجر، جراي آند كريسماس”، التي أفادت بأن تخفيضات الوظائف في أكتوبر وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين، وهو ما عُدّ مؤشرًا سلبيًا على سوق العمل، وداعمًا محتملًا لأسعار الذهب.
وأشار التقرير إلى أن هذا التدهور في سوق العمل عزّز مبررات إجراء الاحتياطي الفيدرالي مزيدًا من التخفيضات في أسعار الفائدة، وهو سيناريو يدعم جاذبية الأصول غير المُدرّة للعائد مثل الذهب.
ومع ذلك، تعقّد هذا التفسير الإيجابي بتصريحات جولسبي التي خفّفت فعليًا من توقعات السوق لتيسير نقدي حاد، إذ أعرب عن قلقه بشأن قدرة البنك المركزي على تقييم الظروف الاقتصادية بدقة في ظل غياب بيانات التضخم الرسمية، معتبرًا أن الإغلاق الحكومي الأمريكي جعله “أكثر قلقًا” بشأن جدوى خفض تكاليف الاقتراض في الوقت الحالي.
وقد أدت هذه التصريحات إلى إضفاء طابع الحذر على توقعات خفض أسعار الفائدة، مما جعل سوق المعادن الثمينة يتحرك في نطاق متوازن بين الضغوط الحمائمية الناجمة عن ضعف سوق العمل والنبرة التشددية التي تبناها بعض صانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي.
ورأى محللون أن الذهب ما زال يتمتع بإمكانات صعودية قوية على المدى المتوسط، مدعومًا بتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة وتراجع الدولار الأمريكي، إلى جانب استمرار البنوك المركزية في تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار.
وأشار الخبراء إلى أن الذهب ظل متماسكًا فوق مستوى 4000 دولار للأوقية، رغم الضبابية السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، مرجحين أن يسجل المعدن النفيس مكاسب جديدة حال قرر الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة الشهر المقبل.
كما توقع محللون في مؤسسات مالية عالمية أن يستعيد الذهب توازنه في الربع الأول من العام المقبل، بدعم من ضعف الدولار واستمرار توجه البنوك المركزية نحو الشراء، مؤكدين أن التراجع الأخير يُعد تصحيحًا صحيًا في مسار صاعد مستمر.
ورجّح بنك ING أن تتراوح أسعار الذهب في المتوسط حول 4000 دولار للأوقية خلال الربع الأخير من العام، مع إمكانية ارتفاعها إلى 4100 دولار في الربع الأول من 2026، مشيرًا إلى أن أي انخفاض إضافي في الأسعار سيجذب اهتمامًا متجددًا من المستثمرين الأفراد والمؤسسات، خاصة مع توقع الأسواق بنسبة 71% خفض الفائدة الشهر المقبل.
وأضاف البنك في تقريره أن أسعار الذهب لا تزال مرتفعة بأكثر من 50% منذ بداية العام، وأن عوامل الدعم الرئيسية، بما في ذلك طلب البنوك المركزية والملاذات الآمنة، ما زالت قائمة، ومن المتوقع استئناف شراء صناديق الاستثمار المتداولة قريبًا.
وأوضح التقرير أن الطلب الاستثماري كان عاملًا رئيسيًا في الارتفاع غير المسبوق للذهب خلال الربع الثالث من العام، إذ دفعت توقعات خفض أسعار الفائدة المستثمرين إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب بأسرع وتيرة منذ سنوات، حيث زادت حيازات هذه الصناديق بمقدار 222 طنًا بين يوليو وسبتمبر، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.
كما أشار التقرير إلى أن الطلب العالمي على السبائك والعملات المعدنية ظل قويًا خلال الربع الثالث، وأن البنوك المركزية واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب، إذ اشترت نحو 220 طنًا خلال هذا الربع، بزيادة قدرها 28% عن الربع السابق، و6% عن متوسط السنوات الخمس الماضية.
وأكد أن هذا الاتجاه يعكس تحولًا هيكليًا في سياسات البنوك المركزية التي تسعى لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، مشيرًا إلى أن البنك المركزي في كوريا الجنوبية يدرس إضافة الذهب إلى احتياطياته لأول مرة منذ عام 2013، بينما أعلنت صربيا نيتها مضاعفة احتياطياتها لتصل إلى 100 طن بحلول عام 2030.







