بنك الطعام المصري وساويرس للتنمية والمعهد الدولي لبحوث السياسات يختتمون سلسلة “بناء الجسور” بندوة حول الطفولة المبكرة وتمكين المرأة

اختتم بنك الطعام المصري، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، فعاليات سلسلة “بناء الجسور بين الأدلة والسياسات” من خلال الندوة السادسة والختامية التي أقيمت تحت عنوان “تنمية الطفولة المبكرة وتمكين المرأة في سوق العمل”، وذلك في إطار مبادرة السياسات والاستراتيجيات الوطنية (NPS) التابعة لـ CGIAR.
شهدت الندوة حضورًا رفيع المستوى تقدّمته الدكتورة هانم عمر، مديرة الإدارة العامة لشؤون الطفل بوزارة التضامن الاجتماعي، إلى جانب عدد من صُنّاع السياسات، والباحثين، والمتخصصين، وممثلي منظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية، بالإضافة إلى نخبة من الخبراء المحليين والدوليين المعنيين بقضايا الطفولة المبكرة وتمكين المرأة في سوق العمل.
تأتي هذه الندوة في إطار التزام الشركاء بتطوير سياسات تنموية فعّالة ومستندة إلى الأدلة العلمية، بالشراكة مع مؤسسات بحثية وتنموية رائدة، بهدف تسليط الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بمرحلة الطفولة المبكرة، وأثرها المباشر على صحة وتعليم الأطفال وجودة حياتهم المستقبلية، إلى جانب مناقشة الجوانب المتعلقة بمحدودية مشاركة المرأة في سوق العمل. كما أكدت النقاشات أهمية الدمج بين البحوث العلمية والممارسات الفعلية، للخروج بتوصيات قابلة للتطبيق على أرض الواقع تسهم في تحسين مؤشرات التنمية البشرية في مصر.
وافتُتحت الندوة بكلمات ترحيبية من قيادات الجهات المنظمة، في مقدمتهم محسن سرحان، الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، الذي أكد أن هذه الندوة تمثل تتويجًا لسلسلة من الحوارات متعددة المحاور التي جمعت بين البحث العلمي وصناع القرار لتطوير برامج وسياسات تضمن مستقبلًا أفضل للأطفال، وتُعزز التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية.
وأشار سرحان إلى أن بنك الطعام المصري، من خلال “معمل النمو”، يواصل جهوده في تصميم وتقييم تدخلات تنموية تستند إلى البيانات الدقيقة، بالشراكة مع المؤسسات الوطنية والدولية، لتوجيه الموارد بكفاءة وتحقيق تأثير تنموي ملموس وواسع، بما يتماشى مع استراتيجية البنك التي ترتكز على أربعة محاور رئيسية: الحماية، والوقاية، والتمكين، والارتقاء.
من جانبه، شدد الدكتور محمد الكرماني، أستاذ مساعد بكلية السياسات العامة بالجامعة الأمريكية ومستشار مختبر الأبحاث ببنك الطعام المصري، على أهمية الدمج بين التحليل البحثي العميق وواقع السياسات التنموية، قائلاً:
“إن بناء تدخلات فعّالة في مجالي الطفولة المبكرة وتمكين المرأة يتطلب فهمًا دقيقًا للسياق المحلي، وترجمة نتائج الأبحاث إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ. فعندما تُبنى السياسات على الأدلة وتُنفذ بالشراكة مع المجتمعات، تصبح استدامة الأثر وفاعليته على المدى الطويل من النتائج المضمونة.”
كما أكدت ميس أبو حجاب، نائب المدير التنفيذي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، أن نجاح المؤسسة على مدار الأعوام الماضية في التحول إلى مؤسسة مانحة قائمة على الأدلة استلزم اعتماد مستويات تقييم صارمة لجميع المشاريع المتقدمة للحصول على دعم وتمويل. وأشارت إلى أن المؤسسة أطلقت في عام 2023 استراتيجيتها الخمسية الجديدة التي تهدف إلى الحد من الفقر متعدد الأبعاد، وتمكين وكلاء التغيير القادرين على إحداث تحولات ملموسة في مجتمعاتهم.
وأضافت أن المؤسسة تحولت من العطاء التقليدي إلى نهج تمويلي قائم على الاستثمار في الأثر الاجتماعي، بحيث تُرصد وتُعظم نتائج هذا الاستثمار من أجل بناء مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بعيشة كريمة. وأكدت أن سلسلة “بناء الجسور بين الأدلة والسياسات” (BEP) نجحت في إنشاء منصة مصرية متخصصة تربط بين البحث العلمي وصنع القرار التنموي، مما وضع مصر في مقدمة الدول التي تتبنى التنمية القائمة على الأدلة.
كما ساهمت السلسلة في نشر ثقافة الاعتماد على الأدلة العلمية في صناعة السياسات، بدلاً من الاعتماد على الخبرة الشخصية أو التقديرات العامة. وأسفر التعاون بين الشركاء عن إصدار ورقتي سياسة رائدتين حول “الاستهداف في مشاريع التنمية في مصر” و“العبء المزدوج لسوء التغذية”، مما أثرى المكتبة التنموية المصرية بأدلة علمية رصينة تدعم صُنّاع القرار.
وفي السياق ذاته، قالت سيكاندرا كردي، قائد البرنامج القطري بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية: “نحن متحمسون للتعاون مع شركائنا في مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية وبنك الطعام المصري لتسليط الضوء على الأبحاث والقضايا الراهنة في مجال تنمية الطفولة المبكرة، من خلال جمع الباحثين المهتمين بقضايا التغذية ومشاركة المرأة في سوق العمل، إلى جانب صُنّاع السياسات والمؤسسات التنموية التي يمكنها الاستفادة من هذه الأدلة لتوجيه أعمالها وتعزيز أثرها.”
وشهدت الندوة، التي نُقلت فعالياتها مباشرة عبر المنصات الرقمية، مشاركة واسعة من ممثلي وزارة التضامن الاجتماعي، ومنظمة اليونيسيف، وعدد من الأكاديميين والخبراء في مجالات الاقتصاد والتغذية والتعليم، من أبرزهم: نجلاء عرفة، هانم عمر، رشا رمضان، بسمة يسي، عبد الرحمن ناجي.
وخلال جلسات اليوم الكامل، تناول المشاركون محاور متعددة أبرزها: التغذية في مرحلة الطفولة المبكرة، التعليم ما قبل الابتدائي، دور الحضانات، الرضاعة الطبيعية، وتأثير كل ذلك على جودة الحياة ومشاركة المرأة في سوق العمل. كما تم عرض نتائج أبحاث مكتملة وتجارب تدخلية قيد التنفيذ، ومناقشة سبل توسيع نطاقها بالتنسيق مع الجهات الحكومية.
وتضمنت الجلسات أيضًا عروضًا سريعة ومناقشات جماعية أدارها مختصون من بنك الطعام والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، شملت تحليلات لبيانات عمليات المسح الوطنية، وتصميم تجارب تقييم السياسات، ومقترحات لتعزيز الاستخدام الفعّال للوقت لدى السيدات بما يسهم في رفع نسبة مشاركتهن في الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى انخفاض هذه النسبة إلى 18% في عام 2023، ما يستدعي تدخلات نوعية قائمة على الأدلة.
واختُتمت الندوة بكلمات من الجهات المنظمة، استعرضت خلالها مخرجات سلسلة “بناء الجسور بين الأدلة والسياسات” التي امتدت على مدار عامين، وتناولت موضوعات متعددة شملت الزراعة الذكية مناخيًا، الأمن الغذائي، التغذية المدرسية، وصولًا إلى محور الطفولة المبكرة الذي اختتمت به السلسلة أعمالها.
وأكد المنظمون أهمية تحويل هذه المخرجات إلى أدوات فاعلة لصنع السياسات العامة، والاستفادة منها في تحسين تصميم البرامج التنموية على المستويين المحلي والوطني.
وتأتي هذه الجهود ضمن مبادرة “السياسات المبتكرة” التي انطلقت عام 2023 لتعزيز استخدام الأدلة في صناعة القرار، بالشراكة بين بنك الطعام المصري ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في إطار بناء منظومة وطنية أكثر استجابة وفعالية لمواجهة التحديات التنموية.
وتواصل هذه الشراكة تقديم نموذج عملي للتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع البحثي والحكومة، بما يعزز جودة القرارات التنموية ويضمن تحقيق أثر مستدام على المجتمعات الأكثر احتياجًا في مصر.
ويُذكر أن بنك الطعام المصري تأسس عام 2004 كمؤسسة غير حكومية تسعى لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، ومنذ انطلاقه ساهم بشكل مباشر في الحد من معاناة الجوع وتحسين الوضع الغذائي والصحي لملايين المستفيدين في جميع محافظات الجمهورية، من خلال برامج متكاملة تعتمد على الابتكار والشراكة واستخدام الأدلة في تصميم التدخلات التنموية الفعالة