أسواق وأعمال

مركز الملاذ الآمن: الفوضى تسيطر على سوق الفضة.. وتجار الخام يوقفون البيع ترقّبًا لمستويات قياسية جديدة

أصدر مركز “الملاذ الآمن” تقريرًا جديدًا كشف فيه عن حالة من الارتباك والتذبذب الحاد تشهدها أسواق الفضة، محليًا وعالميًا، وذلك بعد أن سجلت الأسعار العالمية ارتفاعًا كبيرًا بلغ 49 دولارًا للأوقية خلال تعاملات اليوم، وهو المستوى الأعلى منذ عام 2011، مدعومًا بتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية العالمية.

وأوضح التقرير أن هذا الصعود القوي لأسعار الفضة جاء بالتزامن مع استمرار حالة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية في عدد من الدول، إلى جانب التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، ما زاد من جاذبية الفضة كأداة تحوط آمنة للمستثمرين حول العالم.

استقرار محلي رغم التوتر العالمي

وفي السوق المحلية، أشار التقرير إلى أن أسعار الفضة شهدت حالة من الاستقرار النسبي خلال تعاملات اليوم، حيث سجل جرام الفضة عيار 800 نحو 69 جنيهًا، وعيار 925 نحو 86 جنيهًا، وعيار 999 نحو 86 جنيهًا أيضًا، بينما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 640 جنيهًا.

وفي الوقت نفسه، واصلت الأوقية العالمية تسجيل أعلى مستوياتها في أكثر من 14 عامًا عند 49 دولارًا للأوقية، مدفوعة بزيادة الإقبال الاستثماري، وتراجع الثقة في الأدوات المالية التقليدية، إلى جانب ارتفاع التوقعات بمزيد من التيسير النقدي الأمريكي.

وأوضح المركز أن أسعار الفضة قفزت خلال الأسبوع الماضي بنسبة 13.3% محليًا، بالتوازي مع ارتفاع عالمي بنسبة 4.4%، لتغلق على أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، وذلك بدعم من تراجع الدولار، وارتفاع الطلب الصناعي، وزيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية.

فوضى في السوق المحلية ووقف للتداول

وفي تطوّر لافت، حذر مركز “الملاذ الآمن” من حالة فوضى تسعيرية بدأت تسيطر على السوق المحلية، حيث قام عدد من تجار الخام برفع الأسعار بشكل غير مبرر، ثم اتجهوا لاحقًا إلى تقليل المعروض من الفضة الخام، ما تسبب في شلل جزئي داخل السوق وتوقف عمليات البيع والشراء بشكل ملحوظ.

وقال المركز في تقريره: “سوق الفضة بدأ يدخل مرحلة خطيرة؛ لاحظنا أن بعض تجار الخام رفعوا الأسعار فوق المستويات الطبيعية دون مبررات واضحة، ثم اتجهوا لتقليل المعروض، وهو ما خلق حالة من الشلل والارتباك في التداولات.”

وأضاف التقرير: “إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد نشهد قفزات غير مبررة في الأسعار خلال الفترة المقبلة، وهو ما يتطلب تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لضبط السوق، ومنع الممارسات الاحتكارية، والعبث بآليات التسعير، حفاظًا على المستهلك والمستثمر على حد سواء.”

وأشار المركز إلى أن بعض المصانع توقفت بالفعل عن الإنتاج نتيجة نقص الخامات في ظل امتناع تجار الخام عن البيع، انتظارًا لمستويات أسعار أعلى، وهو ما يتزامن مع موجة ارتفاعات متسارعة في الأسواق العالمية، وارتفاع الذهب إلى مستويات تقترب من 4000 دولار للأوقية.

خلفية تاريخية لسعر الفضة

يُعد السعر الحالي للفضة عالميًا، وهو 49 دولارًا للأوقية، الأعلى منذ عام 2011، حين لامست الفضة عتبة 50 دولارًا للأوقية للمرة الثانية في تاريخها، بعد أن وصلت إلى هذا المستوى لأول مرة عام 1980 خلال محاولة شهيرة للأخوين هانت لاحتكار السوق.

أداء الفضة في سبتمبر 2025

شهد شهر سبتمبر 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الفضة، مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها:

  • استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي.
  • تنامي الضبابية السياسية في فرنسا واليابان.
  • ارتفاع التوقعات بتيسير نقدي عالمي.
  • التوجه المتزايد نحو أصول بديلة أكثر أمانًا.

العوامل الداعمة لصعود الفضة

وأكد تقرير مركز الملاذ الآمن أن هناك مجموعة من العوامل التي تدعم ارتفاع أسعار الفضة، من بينها:

  • تراجع الدولار الأمريكي.
  • توقعات خفض الفائدة الأمريكية.
  • مشتريات البنوك المركزية.
  • التوترات الجيوسياسية.
  • القلق من ضعف العملات الورقية.

وتتميّز الفضة بخصوصية مزدوجة، إذ تُصنّف كـ معدن ثمين وصناعي في آنٍ واحد، ما يجعلها تتأثر بالطلبين الاستثماري والصناعي بشكل مباشر.

اختلالات العرض والطلب

بحسب بيانات معهد الفضة العالمي، بلغ الطلب الصناعي على الفضة في عام 2024 نحو 680.5 مليون أوقية، مدفوعًا بالطلب القوي على:

  • الطاقة الشمسية،
  • البنية التحتية الكهربائية،
  • المركبات الكهربائية.

وعلى الرغم من تراجع الطلب الإجمالي بنسبة 3%، إلا أن الطلب ظل يفوق العرض للعام الرابع على التوالي، مسجّلًا عجزًا قدره 148.9 مليون أوقية. ومن المتوقع أن يستمر هذا العجز خلال عام 2025 للعام الخامس على التوالي، مع إنتاج متوقع يبلغ 844 مليون أوقية مقابل طلب يتجاوز 940 مليون أوقية.

تفوق الفضة على الذهب

وأشار التقرير إلى أن الفضة تفوقت في الأداء على الذهب منذ بداية عام 2025، حيث ارتفعت بنسبة 67%، مقارنة بارتفاع الذهب بنسبة 50%، مما أدى إلى انخفاض معدل الذهب إلى الفضة إلى 81 نقطة، وهو أدنى مستوى خلال عام.

تحذيرات من ارتفاع مفرط

حذّرت شركة Metals Focus من أن الارتفاع الحاد في أسعار الفضة قد يؤدي إلى تراجع في الطلب الصناعي، نتيجة ما يُعرف بـ”الادخار الصناعي”، وهو اتجاه بعض الشركات إلى ترشيد استهلاك المعدن وخفض التكاليف.

كما أشار التقرير إلى أن التطورات التكنولوجية في قطاع الطاقة الشمسية قد تُقلل من استهلاك الفضة بنسبة تتراوح بين 15% و20% خلال العام، رغم أن النمو الكبير في الطاقة النظيفة سيستمر في دعم الطلب طويل الأجل.

التوقعات المستقبلية لسوق الفضة

ورغم احتمالات الترشيد الصناعي، لا يتوقع الخبراء أن يتأثر الاتجاه الصعودي العام لأسعار الفضة، في ظل استمرار عجز المعروض المتوقع خلال العام الحالي عند 187.6 مليون أوقية، وهو ما يُعد ثالث أكبر عجز تاريخي.

ويرى المحللون أن الطلب الاستثماري القوي سيواصل دعم الأسعار، في الوقت الذي تزداد فيه أهمية الفضة كمعدن استراتيجي في ظل التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والتقنيات الكهربائية، مما يُعزز مكانتها كعنصر حيوي في الاقتصاد العالمي خلال المرحلة المقبلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى