
أصدر مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث تقريرًا يرصد تطورات أسعار الفضة على المستويين المحلي والعالمي خلال الأسبوع الماضي، حيث أشار إلى أن أسعار الفضة ارتفعت بالأسواق المحلية بنسبة 9% خلال تعاملات الأسبوع، مدفوعة بعدة عوامل دولية، أبرزها تراجع الدولار الأمريكي، وزيادة الطلب الصناعي، إلى جانب تنامي التوقعات بتيسير السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
أداء الفضة محليًا
وبحسب التقرير، فقد ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 بمقدار 5 جنيهات، حيث بدأ تعاملات الأسبوع عند 55 جنيهًا، واختتمه عند 60 جنيهًا.
في حين بلغ سعر جرام الفضة عيار 925 نحو 70 جنيهًا، وسجل عيار 999 نحو 75 جنيهًا. كما استقر سعر جنيه الفضة (عيار 925) عند 560 جنيهًا.
أداء الفضة عالميًا
على الصعيد العالمي، ارتفعت أوقية الفضة بنحو 3 دولارات، من 43 دولارًا إلى 46 دولارًا، لتُغلق عند أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2011، بدعم من تراجع قيمة الدولار الأمريكي، وارتفاع الإقبال على الملاذات الآمنة، إلى جانب الرهانات المتزايدة على اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وهو ما يزيد من جاذبية المعادن غير المدرة للعائد، وعلى رأسها الفضة.
مكاسب منذ بداية العام
وأشار التقرير إلى أن الفضة سجلت مكاسب قوية منذ بداية عام 2025، حيث ارتفعت محليًا بنسبة 46.3%، أي ما يعادل 19 جنيهًا للجرام، من 41 جنيهًا في يناير إلى 60 جنيهًا حاليًا.
أما عالميًا، فقد قفزت أسعار الأوقية من 29 دولارًا إلى 46 دولارًا، بزيادة قدرها 17 دولارًا تعادل نحو 59%، لتصبح الفضة واحدة من أفضل الأصول أداءً بين المعادن النفيسة خلال العام الجاري.
نظرة تاريخية: تضاعف السعر حدث نادر
وأوضح التقرير أن تضاعف أسعار الفضة خلال فترة 4 سنوات يُعد من الظواهر النادرة، حيث تكرر هذا الأمر فقط 6 مرات منذ عام 1973. وفي معظم تلك الحالات، كان الأداء مؤشرًا على بداية موجة صعود طويلة الأجل، وليس مجرد ارتفاع مؤقت.
وأشار إلى أن الفترات التي تجاوزت فيها مكاسب الفضة نسبة 100% خلال 4 سنوات، ترافقت مع عوائد سنوية تراكمية بمتوسط 19.5%، وهي نسبة تتفوق على أداء معظم المعادن الأخرى في فترات الاستقرار.
ومع ذلك، حذر التقرير من أن الفضة لم تحافظ دائمًا على مكاسبها بعد كل موجة تضاعف، مستشهدًا بما حدث في عام 2006 عندما تراجعت الأسعار بنحو 33% بعد صعود قوي، رغم تحقيقها مكاسب فاقت 100% في الفترة السابقة.
الزخم الحالي: صحي ومستدام
يرى التقرير أن الارتفاع بنسبة 38% خلال العام الماضي لا يعتبر مفرطًا مقارنة بالموجات السابقة، ما يشير إلى أن السوق يشهد زخمًا صحيًا ومستدامًا نسبيًا.
كما أشار إلى أن الفضة سجلت 21 قمة سعرية خلال السنوات الأربع الماضية، وهو ما يُعد مؤشرًا على وجود قوة دافعة أساسية وراء هذا الاتجاه الصاعد، ويُعزز فرضية أن السوق دخلت في موجة صعود هيكلية طويلة الأجل.
دروس من القمة السابقة في 1980
استعاد التقرير تجربة يناير 1980 حين ارتفعت أسعار الفضة إلى قرابة 50 دولارًا للأوقية، مدفوعة بمجموعة من العوامل المتشابهة مع الوضع الحالي، من بينها:
- تضخم مزدوج الرقم في الولايات المتحدة تجاوز 13%.
- صدمة أسعار النفط بعد الثورة الإيرانية.
- ضعف الدولار الأمريكي.
- التحول نحو الأصول الصلبة من قبل المستثمرين.
- مضاربات مكثّفة أبرزها من عائلة “هانت” الشهيرة.
ورغم انتهاء تلك الموجة سريعًا، فإنها أثبتت أن التضخم المرتفع والمخاطر الجيوسياسية وضعف الثقة في العملات الورقية تشكّل بيئة مثالية لصعود أسعار الفضة، وهي نفس الظروف التي تعود إلى الواجهة مجددًا في عام 2025.
العوامل الحالية لصعود الفضة
رصد التقرير عددًا من العوامل الأساسية التي تُسهم في صعود أسعار الفضة حاليًا:
- التحوّط من التضخم: رغم تشديد السياسة النقدية، يظل التضخم مرتفعًا، ما يجعل الفضة وسيلة فعّالة لحماية القوة الشرائية.
- الطلب الصناعي القوي: تُستخدم الفضة في الألواح الشمسية، السيارات الكهربائية، والإلكترونيات، مما يضيف بُعدًا صناعيًا إلى جانب دورها كأصل نقدي.
- المخاطر الجيوسياسية: الحروب التجارية وتوترات البنوك المركزية وضعف الثقة بالعملات الورقية تُحفّز التوجه نحو المعادن الثمينة.
- تأثير الذهب: تجاوز الذهب حاجز 3700 دولار للأوقية عزز الاتجاه الصعودي للفضة، التي تتحرك تاريخيًا في الاتجاه نفسه ولكن بوتيرة أكثر تقلبًا.
هل تكسر الفضة حاجز 50 دولارًا؟
يرى التقرير أن تجاوز الفضة لمستوى 50 دولارًا سيحمل دلالة رمزية واستراتيجية قوية، تُشير إلى تحوّل المستثمرين بشكل فعلي نحو الأصول الملموسة كوسيلة للتحوّط من التضخم والديون والتقلبات الاقتصادية.
واستشهد التقرير بتحركات سابقة للأسعار تؤكد أن صعود الفضة يكون عادة سريعًا وحادًا، مثلما حدث في:
- 1979–1980: ارتفعت من 30 إلى 49.45 دولارًا في أقل من 5 أسابيع.
- 2011: صعدت من 30 إلى 48 دولارًا خلال 3 أشهر.
لذا، فإن اختراق الفضة لمستوى 50 دولارًا قد يُطلق موجة صعود سريعة، يليها تصحيح سعري محتمل على المدى القصير.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة
توقّع مركز “الملاذ الآمن” أن تشهد أسعار الفضة أحد سيناريوهين خلال الفترة المقبلة:
- اختراق المستوى التاريخي (50 دولارًا) في حالة استمرار زخم الطلب الصناعي والتضخم والضبابية السياسية.
- تصحيح مؤقت يسبق موجة صعود جديدة مدفوعة بالعوامل الأساسية ذاتها.
ورأى المركز أن الفضة تُعد أحد الرهانات غير المتماثلة في الأسواق المالية، لما تتمتع به من مخاطر محدودة ومكاسب محتملة مرتفعة.
السياسة النقدية والاقتصاد العالمي
أشار التقرير إلى أن بدء الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، مع التوقعات بالمزيد من التخفيضات خلال العام الجاري والعام المقبل، يُعدّ عاملًا إيجابيًا للفضة والذهب معًا.
حيث يؤدي ذلك إلى تقليل تكلفة الاحتفاظ بالمعادن مقارنة بالسندات والعوائد النقدية، ويُضعف الدولار الأمريكي، ما يُعزّز جاذبية الأصول البديلة.
كما أن المخاوف من الركود التضخمي، وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، كلها عوامل تُضيف إلى أهمية الفضة كملاذ آمن.
الطلب الصناعي وتحديات السوق
أكد التقرير أن تقلبات الفضة أعلى من الذهب بسبب صغر حجم السوق نسبيًا، إلا أن الإمدادات لا تواجه تهديدات حقيقية.
وأشار إلى أن الربع الثالث من العام يشهد عادة بطئًا موسميًا في الطلب الصناعي، إلا أن بعض التأجيلات الحالية ناتجة عن الرسوم الجمركية وعدم اليقين التجاري، خاصة في السوق الصينية التي شهدت ذروة مبكرة مدعومة بحوافز حكومية انتهت لاحقًا.