منوعات

د. هانى جنينة يكتب : المرض الهولندي.. والاقتصاد المصري!!

المرض الهولندي – Dutch disease .. من كلاسيكيات التحليل الاقتصادي الذي ينطبق الي حد كبير جدا علي حالة الاقتصاد المصري ولذا وجب التنويه للعلاج و الحذر.

باختصار…
في ١٩٥٩، اكتشفت هولندا احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي و ادي هذا الاكتشاف الي ارتفاع حاد في إيرادات الدولة من انتاج وتصدير الغاز.

ولكن بالرغم من الانتعاش في قطاع البترول والغاز لما يقرب من ال١٠ سنوات، الا ان الاقتصاد الهولندي تدهور بشدة في السبعينيات كما تجلي في ارتفاع معدلات البطالة خلال العقد من ١ الي ٥%.

وفي أواخر السبعينيات، تحديدا في ١٩٧٧، اطلقت مجلة الEconomist اسم الDutch Disease علي حالة الاقتصاد الهولندي في هذه الفترة.

اسباب و اعراض المرض الهولندي؟

١. اكتشاف مورد طبيعي ضخم مثل الغاز في هولندا في ١٩٥٩ او البترول في المكسيك في منتصف السبعينيات. وهذا  يعرف بال Positive supply shock…

٢. تصدير الغاز او البترول (أو اي مورد طبيعي اخر) = تدفق دولار = ارتفاع سعر العملة المحلية مقابل الدولار او علي الاقل استقرارها عند مستوي مرتفع.

٣. ارتفاع إيرادات الدولة من ما يسمي بالدخل الريعي (economic rent) يدعم من قدرتها علي الإنفاق وزيادة الإنفاق تؤدي الي ارتفاع معدلات التضخم خاصة في القطاعات غير الصناعية و غير المتداولة عالميا – non tradable sectors – مثل الأراضي و العقار.

٤. ارتفاع معدلات النمو في القطاعات غير الصناعية مقارنة بقطاع الصناعة غير النفطي يؤدي الي ا) ارتفاع الأجور في القطاعات غير الصناعية و ٢) هروب الاستثمار والعمالة من القطاعات الصناعية غير النغطية.

٥. و مع ارتفاع معدلات التضخم، يحدث ارتفاع في سعر الصرف الحقيقي او ما يعرف بreal exchange rate appreciation ليفاقم مشكلة ارتفاع او ثبات سعر الصرف الاسمي.

٦. ولزيادة الطين بلة، تلجأ الدول التي تعاني من الDutch Disease الي استغلال تدفقاتها النقدية الضخمة كضمان للقروض الخارجية مما يفاقم من مستويات الدين الخارجي خلال اوقات الرخاء.

٧. وبعد سنوات من الزخم المدعوم بقطاعات محددة مثل الطاقة والعقار، تبدأ مظاهر الضعف والمرض الاقتصادي في الظهور مع انخفاض اسعار السلع عالميا وتدهور الدخل الريعي.

٨. وعادة ما يكون اول خطوات العلاج هو تخفيض سعر الصرف لاعادة احياء القدرة التنافسية للصناعات غير النفطية التي أوشكت علي الاندثار بعد سنوات من ضعف الاستثمار.

ومن الضروري الاشارة الي الاتي:

بالرغم من ان المرض تم تشخيصه في السبعينيات في الدول المنتجة والمصدرة للسلع (خاصة البترول والغاز)، الا ان هناك متحورات من نفس المرض في الدول التي تعتمد اعتمادا مفرطا علي مصدر واحد للعملة الأجنبية مثل:
١. تحويلات العاملين بالخارج
٢. التدفقات المالية قصيرة الاجل
٣. الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع بعينه دونا عن عن باقي القطاعات

ولذا، تعلمت الدول الاكثر عرضة للمرض ان ترشد انفاقها في اوقات الرخاء وتحتفظ بالفوائض في استثمارات خارجية عن طريق صناديق الثروة السيادية و هو ما أصبح يعرف بال Counter cyclical fiscal policy.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى