منوعات

أشرف عبدالشافى يكتب: درس الحب

فوجئتُ بزوجتى تذكرنى بمقال كتبته على فيس بوك بعنوان “الحب الأول “، وابتسمتُ على اعتبار أنها لا تنسى كتاباتى وتتذكر دائماً كلماتى.

لكنها لم تكن كذلك فى حقيقية الأمر! ، فقد طلبتْ منى بلهجة تهديد توضيحاً لهذا الذى مازلت اتذكره حسب ما جاء بالمقال !، وهل انتابنى الحنين إليه فكتبت عنه أم ماذا ؟!.

وكدتُ أفقد النطق من هول الآداء المباغت والذى ينذر بمعركة شرسة بدا واضحاً أننى سأخسرها مع هذا التحفز المسائى!، وانتبهتُ لذلك ونظرتُ إليها ضاحكاً : “هذه تخاريف كتابة ،لا حب قبلك ،ولا بعدك ، أنت البدايات والنهايات “.

لكن شرراً تطاير منها ، وظنتْ أنى ” أبلفها بكلمتين “، وكان علىّ فى تلك اللحظات أن أتماسك فلستُ متهماً وهى ليست جهة تحقيق !، والحب الأول كذبة كبرى وليس من الحكمة قول أى كلام أخر ، وتذكرتُ كيف كنت أسخر من قصص الحب الأول وكيف كنتُ أعالج أصدقائى المصابين به حتى لا يكبر بداخلهم ويتحول إلى أخطبوط يفسد باقى حياتهم ويحرمهم من تجارب جديدة ،وجميعنا عاش تجربة أولى فى مطلع حياته ، لكنها تكتمل وتكتسب معانيها فى قصص أكبر يكللها الزواج ،كتلك التى أعيشها معك يا حبيبتى.

قالت : لا والنبى يا شيخ ؟!
ومضت إلى المطبخ غاضبة مزمجرة ، وتركتنى أبحث فى قصائد الشعراء عن الحب الثانى ، فلم أجد سوى أبيات أبى تمام :
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل فى الأرض يألفه الفتى وحنينُه أبداً لأول منزل

دسستُ القصيدة وأبو تمام كله بعيداً ،وواصلت التقليب حتى عثرت على ما أبغى وأريد ، فها هو الشاعر “مريد البرغوثى ” يؤكد كلامى ، فالحب الأول يظل خيطاً واهناً ينمو ويكتسب القوة فى القصة الكبرى :
الحُب الثانى، والثالث، والرابع
كلُّها حُبّ أول
لا لمسةَ تُشبِهُ لَمْسة.
حتى جرسُ الباب، لا يُكررُ رَنينه

الخوفُ، كلّ مَرةٍ، طازجُ
حتى في المرة الأخيرة
نَخافُ لِلمَرةِ الأولى.
الحُب الأخير،
هو، أيضاً، حُب أول.

جريتُ إلى المطبخ وقرأتُ لها القصيدة بكل حماس ، فهزتْ رأسها وقالت :
“أديك اتعلمت حاجة جديدة .. ما فيش حاجة اسمها حب أول .. ماشى؟! ”
انصرفتُ وأنا أردد : ماشى طبعا !.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى