” … الرئيس السيسى إعتاد دائماً أن يكون مختلفاً مِقداماً على ما لم يُقْدِمْ عليه الآخرين – يقصد (الآخرون) ـ … لذا أتوقع أنه سوف يكتفى بهذا القدر من الإنجازات”…هكذا بلغة بهلوانية ظاهرها يخالف باطنها يخرج شخص اسمه “محمد أنور عصمت السادات” بكل ظلال الإسم وإيحاءاته ليطلق “قنبلة دخان” لها مقصودها السياسوي.
بل ويستطرد “محمد أنور عصمت السادات” بكل ظلال الإسم وإيحاءاته فيقول: ” أتوقع بحلول عام ٢٠٢٤ موعد الإنتخابات الرئاسية وبعد إكمال الرئيس السيسى عامه العاشر في الحكم وتحقيق ما وعد به من نقلة حضارية للدولة المصرية… أتوقع الحدث الأكبر وهو أن يعلن الرئيس في عام ٢٠٢٤ عدم الترشح…”!!!
وأمام هذا البيان المكتنز بالشُبُهَات السياسوية؛ والذي أذاعه ” محمد أنور عصمت السادات” على موقع الحزب الوظيفوي المُسمى “الإصلاح والتنمية” كرئيس لهذا الحزب ـ أمام هذا البيان ـ يتأمل العقل التفكيكوي الراصد لخطاب “النخبة المصرية” فاصلاً جديداً من فصول تواصل “سيناريوهات الربيع العبروي”؛ والذي استهدف ولا يزال مصر منذ العام 2011 م؛ فلم يسلم الوطن من سوءات هذا السيناريو الصهيونوي بغير تصدي المؤسسة العسكريتارية الوطنية بقيادة الراحل المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام السابق للقوات المسلحة المصرية وفريقه لإدارة تلك الأزمة بمهارة استراتيجا/سياسوية فذة.
إن بيان “محمد أنور عصمت السادات” المثير للطرافة بمنطوقه يكشف بوضوح عبر تفكيكه مدى تهافت تفكير شرائح عديدة من مربعات العقل النخبوي المصري المتسيس؛ والمتشبثة بمنطقها المُعمم وهلامويته واقترابه من درجة السذاجة؛ لتنطبق عليه مقولة “الحق الذي يُراد به الباطل”!!
والواجب الالتفات إليه أن تفكيك خطاب بيان ما صدَّرَه ” محمد أنور عصمت السادات” بعنوان: ” هل يفعلها الرئيس (2024م)؟ يكشف تواصل حالة الاستهداف غير المنقطعة من نُخب الترويج لديموقراطيات سيناريوهات الفوضى العبروية المسماة “الربيع العربي” وهي تضع الدولة المصرية ونظامها ومؤسستها الوطنية الحامية؛ مستهدفاً، يستوي في ذلك ـ على سبيل المماثلة ـ خطاب “محمد أنور عصمت السادات” كمتسيس محلي بأكلاشيه “لافتة” حزبه “الإصلاح والتنمية”؛ وخطاب “جماعة حسن الساعاتي البناء المتأخونة” و”ميليشيات مقاعد مقاهي” التنشط الدولاراتوي برعاية أجهزة الاستخبارات الأميركية ومن على شاكلتهم؛ ممن يغنون الأغنية الهابطة التي تسمى “الديموقراطية”من دون إدراك لفقهياتها العميقة!!
لذلك فما يدعو لممارسة القراءة التفكيكوية لبيان حزب ” محمد أنور عصمت السادات”، أن لغته تُروِّج بثقة مفتعلة لأمنيات مخبوءة؛ تكشفها توقعاته المشبوهة بمُغادرة أو بوجوب مغادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقعد مسؤولية الرئاسة في العام 2024 م، متجاوزاً عن دستورية الفترة الثالثة التي يمكن أن يمضيها نتيجة الضرورات المعروفة في نهج مسؤولية إدارة الحكم. وكأن الرئيس السيسي قد اختص محمد أنور عصمت السادات فأَسَرَّ (قال له سراً) بذلك.
غير أن القصة كلها ترتبط بحقيقة أن “المضمر المسكوت عنه” في كل متأملات النخبة المصرية المتسيسة، بمربعاتها المحددة يسعى بدأب التمني لوضع نهاية لهذه المرحلة الراهنة والخاصة جداً، والتي لم يكن في متوقعاتها أن تجتاز “مصر/ الوطن/ الدولة/ النظام” ما تم إعداده لها من متربصات بهدف إسقاطها، فتفتيتها لثلاث مقاطعات: “سنية مسلمة” في شمالها بالدلتا و”قبطية مسيحية” في مصر الوسطى و”نوبية” في صعيدها وصحرائها الغربية؛ وإلحاق سينائها الغالية بالدولة الصهيونية تحقيقاً لحلم “من النيل إلى الفرات”!!
بيان ما يُسمى “حزب الإصلاح والتنمية” الذي أشهره “محمد أنور عصمت السادات” قد لا يعني أنه يسعى للمشاركة في لعبة التآمر، أو يأمل تفتيت مصر باعتباره حزباً وظيفوياً منتمياً لنسيج السياق السياسوي الجامع للدولة ومرتبطا بها؛ ولكنه وهذا هو الأخطر يقوم بتزكية وترسيخ حُمَّى حملات استهداف رأس الدولة ونظامها؛ والسعي لإزاحته من موقع القيادة الحاكمة والضابطة لحركة الواقع ومشروعات تطويره.
إن تلك اللغة الناعمة التي استخدمها السادات ـ هي في حقيقتها مُخَادِعَة ـ لأنه اهتم بذكر مناقب الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ جاءت به المؤسسة العسكريتارية المصرية؛ وقدمته للمسؤولية تلبية لرغبات جموع المصريين في يونيو/ حزيران 2013 م. وبذكر السادات هذه المناقب فهو تقرير لواقع حقيقي غير مكذوب في منتجه الرافع لشعار “الجمهورية الجديدة”؛ وما يتحقق من منجزات تاريخانية على صعيد البنية، تلبي وتتناسب مع المستهدفات المواكبة للتحولات الهائلة في عصر العولمة الراهن باقتصاداته المتغيرة الهائلة.
بيان رئيس ما يُسمى “حزب الإصلاح والتنمية” يحاول الفصل بالعمد بين جهود المتحقق في الواقع المصري عبر التواصل البنيوي مع القوة المحركة لإدارة هذه الجهود والمحددة في رأس النظام وقاعدته الوظيفوية/ المؤسسة العسكريتارية المصرية؛ والمحكومة بوجوبية “فقه الضرورة السياسوية” والذي يجعل منها قوة ملزمة بحماية الوجود والكينونة للوطن وإدارة أزماته.
وبنهج أشبه بـ “لغة الطفولة البريئة” يقدم “محمد أنور عصمت السادات” غرائب ما يُسوِّق له تحقيقاً لغرض محدد ومقصود حين يذكر توقعه: ” الحدث الأكبر وهو أن يعلن الرئيس… عدم الترشح”؛ ويستطرد بذكر متخيله المثير للدهشة والمتماهي مع متمنيات “الجماعة المتأخونة” و”هوامش التمركس” و”متعطلي التنشط” بأن الرئيس السيسي سيسلك نهجاً بعدم ترشحه؟ لماذا كما يُروِّج السادات لأنه ” إكتفى بما حقق من إنجاز كبير يشهده القاصي والداني ويضرب القدوة والمثل والنموذج، ويكون الرئيس الذي زهد في الحكم بمحض إرادته وهو في قمة نجاحه، ويسطر إسمه بأحرف من نور في تاريخ مصر المعاصر، مانحاً الفرصة لجيل جديد ونمو وتطور طبيعي للتنظيمات المدنية والشعبية مكتفياً بما أنجزه لمصر خلال فترة حكمه”!!
وفي الحقيقة أن هذه عبارات “محمد أنور عصمت السادات” الناعمة في الظاهر… والمريبة في الباطن تُلبي مشاعر متمنيات العديد من العناصر السياسوية المنتكبة بوجود وثبات السيسي في مقعد السلطة؛ ومن دون شك فإنها منزعجة بما يقوم بتنفيذه من جهود إعادة ابتناء الدولة المصرية بعد ضمان وجودها بما يواكب العصر ويناسب تطوراته العولموية. وهو ما توفره الفترة الثالثة من الرئاسة المتاحة له وتنتهي في عام 2030م بعد إقرارها بتعديل الدستور المصري تلبية لمشروع مواجهة التحديات الهائلة والمتربصة بمصر خلال “فوضى الربيع العبروي”؛ فالشعوب تضع دساتيرها، وتعدلها تلبية لضرورات فقه الحالة لأنها ليست كُتُباً مُنَزَّلة.
عبد الفتاح السيسى بوجوده في مركز قيادة الدولة المصرية يمثل “الرجل الذي لها حقاً” مدعوماً بظهيريه الكبيرين: “المؤسسة العسكرية الوطنية” و”الجموع الشعبوية” التي وإن كانت تُعاني راهناً مشقات التحولات الاقتصادوية فهي أدركت عقب “فوضى الربيع العبروي” و”تمكين جماعة حسن الساعاتي البناء” مخاطر ألا تكون مصر دولة متماسكة برسوخها؛ والتي يُعاد الآن بناؤها بفعالية ذلك الوجود؛ والتي لم تسلم من متاعبها كذلك أغلبية شعوب العالم لأسباب عديدة: (كورونا والمشكلة الروسية الأوكرانية أنموذجاً)!!
والمريب في أمر بيان ما يُسمى حزب السادات “الاصلاح والتنمية” أن “المواقع المتأخونة” وكذلك “المواقع المتمولة” نشطت في إعادة تسويقه والترويج له وتمرير تعبيرات أحقادها المضادة للسيسي؛ فيتناغم ما قاله “محمد أنور عصمت السادات” عزفاً بالترافق مع حملات التفاهة التي تروجها مواقع “جماعة حسن الساعاتي البناء” في الفضاء الافتراضوي بالدعوة للتظاهر الغوغاءوي بـ” هاشتاج”:
“#انزل_ 11_11_ حرر بلدك
# احشد_ ليوم_11_نوفمبر
# اجهز_ ليوم_ 11نوفمبر
# ارحل_يا_سيسي”
وهنا لا يمكن التغافل عن ذكر “المُشْتَركِ الْمُضْمَر/ الخفي” في بيان حزب “الإصلاح والتنمية” الذي قام بترويجه “محمد أنور عصمت السادات” بشعار ” هل يفعلها الرئيس (2024) ؟ بعدم الترشح ” مع ما تروجه “جماعة حسن الساعاتي البنَّاء” المضادة لقيم الوطنية وما تقوم بالتحشيد له؛ كذلك بشعار (11/11/2022م) ليكون مشابها في الغرض والمستهدف السياسوي وهو”ارحل ياسيسي”!!
والحقيقة التي ينبغي إدراكها في بيان “الإصلاح والتنمية” لـ “محمد أنور عصمت السادات” أنه يتمنى مغادرة السيسي السلطة بلغة مُدَاهِنَة؛ على الرغم من اضطراره لتعداد ملامح الخطوط العامة لما يتحقق في مصر خلال حكم السيسى.
وبقراءة عنوان البيان بوعي مدرك لمحمول الخطاب:”هل يفعلها الرئيس (2024) ؟”؛ تتبدى رغبة “محمد أنور عصمت السادات” في إخراج السيسي من الصورة السياسوية؛ لأن التساؤل هنا بقدر ما هو ظاهر في الصيغة فإنه في المحمول يتمنى اعتزاله العمل الرئاسوي؛ في ضوء ما ساقه من امتداح لجهوده في حماية الدولة المصرية وإعادة بنائها وتحديثها.
وما يؤكد هذه الرغبة الدفينة هو ما ورد في ذلك البيان حول منجز السيسي الكبير؛ لكن “محمد أنور عصمت السادات” يتمنى أن يزهد السيسى “في الحكم ـ ويناور بالقول ـ وهو في قمة نجاحه ويسطر إسمه بأحرف من نور في تاريخ مصر المعاصر”. والسؤال لماذا قد يفعل السيسي ذلك يا سادات؟! يحصر البيان الدافع المُتمنى بأن يمنح السيسي:” الفرصة لجيل جديد ونمو وتطور طبيعى للتنظيمات المدنية والشعبية مكتفيا بما أنجزه لمصر خلال فترة حكمه”.
والمريب في الأمر أن “محمد أنور عصمت السادات” يُسوِّق سبباً يدعو للسُّخرية بذلك الطرح السياسوي؛ وهو القول بمنح الفرصة…ولكن لمن؟ هل لكوادر “جماعة حسن الساعاتي البناء”؟ أم “جماعات التنشط الإيديولوجي” من “الصبيان المتمركسين” الذين لم يتعمقوا حتى في قراءة النظرية وتحولاتها؟ أم “جلاس مقاهي أرجيلة/شيشة” الديموقراطية من المتمولين بدولارات تنظيمات رعايا أجهزة الاستخبارات الغربية؟!
إن “محمد أنور عصمت السادات” في بيانه هذا يؤكد أنه “مترهل المنطق”، إذ يدور في حواف العموميات من المفاهيم والاصطلاحات؛ لأنه لا يحدد مقصوده بمواصفات “الجيل الجديد”؛ وكذلك ما كينونة “التنظيمات المدنية والشعبية”؟ ويهرب من الاعتراف بكونها تجمعات نخبوية هشَّة الثقافة والحضور؛ ومنبتة الصلة بالعلم السياسوي الأصيل؛ وعاجزة عن ممارسة دورها الميداني؛ حيث لا بضاعة لها سوى المكرور من الكلمات بالتضاد مع “مسؤولية العسكر الوطنية”؛ وتوهم سهولة “مدنية الحكم” في بيئة فقيرة البنية السياسوية؛ وضحلة المفردات والقدرات المرتبطة بهذا المتخيل!!
البيان المريب الذي أطلقه “محمد أنور عصمت السادات” بكل ظلال الإسم وإيحاءاته يصب في تحقيق مستهدف “خلخلة” ثبات الدولة المصيرية المسترد في الإقليم والقارة الأفريقية بعد أن جرت إحالته إلى التقاعد خلال مرحلتي محمد حسني مبارك والمتأخون محمد مرسي العياط، واللتين جرى خلالهما تهميش الحضور المصري والوصول به إلى قِيْعَان السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع.
الرئيس عبد الفتاح السيسى رغم أنف قوى الاستهداف ورغبة “محمد أنور عصمت السادات” لم ينتهِ من إنجاز المشروع الوطنوي الكبير؛ وليس من شيمة الجندي في الجيش المصري الانسحاب المطلق من مسؤولية تنفيذ القسم؛ إذ أن مؤسسته العسكريتارية تواصل برجالها ومتابعاته إنجاز المطلوب؛ على كافة الصُعُد الدفاعية والاستراتيجوية والتنموية؛ ولعله قد حدد خطوط اكتمال الانجاز بتاريخ انقضاء فترته الدستورية الثالثة؛ ليضع مصر/ الوطن على طريق الرخاء والعطاء.
ومن دون شك فإن هذا التوقيت الذي تبغضه كل الجماعات المضادة للوطنية تدرك بالنسبة لمشروعاتها الفاسدة مخاطر استمرار عبد الفتاح السيسى في موقع قيادة الدولة؛ فهو الرجل الذي يقود بدأب مؤسسات البناء منذ تولي المسؤولية مهما كانت أعباء التنمية ومستجداتها.
ما يتمناه “محمد أنور عصمت السادات” بالدعوة لاعتزام السيسي عدم الترشح للرئاسة في عام 2024م هو عين ما تتمناه “جماعة حسن الساعاتي البنَّاء” حتى من قبل هذا التوقيت؛ غير أن “الرئيس عبد الفتاح السيسى” لا يهرب من تحمل المسؤولية التي يلتزم بها بشرف الجندية؛ والتي تضمن دوماً سلامة وجود مصر؛ ولن يُسلِّم الراية إلا مرفوعة لسواه؛ مهما روَّج “محمد أنور عصمت السادات” بكل ظلال الإسم وإيحاءاته لخلاف ذلك!!