هذا الخيال غير المحدود بأفق والمصور سينمائيًا، لن يضايق المشاهد طالما الخيال طُبق في فنية متناسقة، فيأخذ المشاهد لحالة الفيلم بأحاسيس الفيلم، بعقلانية الفيلم.
وهنا نذكّر بمقولة للفنان المخرج الإيطالي فيدريكو فيليني: “الذهاب إلى السينما أشبه بالعودة إلى الرحم، فأنت تجلس هناك ساكنًا مُتأملًا في الظلام تنتظر الحياة لتظهر علي الشاشة”.
في السنوات الأخيرة كانت سلسلة أفلام هاري بوتر وملك الخواتم على وجه المثال، هي أنجح تلك الأفلام.
ونجاحها لاتساع وعمق الخيال عند المؤلفين أساسًا، ثم عند المخرجين والفنيين، ولم يكن كل هؤلاء قادرين على النجاح بدون التكنولوجيا الحديثة بما فيها أجهزة الكومبيوتر، ولهذا قلنا من قبل: السينما بند من بنود إنتاجية الشعوب، تأخذ من بقية العطاءات وتعطيها، فهل كنا سنشاهد كل هذا الإبهار في أفلام ملك الخواتم وهاري بوتر وقراصنة الكاريبي، بل في فيلم تيتانيك، لولا التقدم التكنولوجي الرائع؟
كما لم تترك السينما أفلام السوبرمان بتنويعاتها، لم تترك أفلام الرعب والكوارث. الرعب من ضمن نوازع الإنسان عمومًا، وبناء على ذلك تقدمت السينما لتهري المشاهدين بمختلف أفلام الكوارث والرعب، من كوارث سقوط الطائرات لكوارث غرق السفن، لكوارث الأعاصير التي تقتلع المدن من جذورها.
وليس لدى هوليوود مانع من إنتاج كوارث تدمر البيت الأبيض على من فيه، هذا بعدما دمرت تمثال الحرية وأشهر الجسور العظيمة!.
ففي هوليوود تخيل كما تشاء فلا حدود ولا مانع ولا قوانين تحد من خيال المبدعين. وهي تستفيد من فكرة أو مشهد أو مشاهد في فيلم ما، لتعيد وضعه في فيلم آخر، وربما الفيلم الآخر لا صله بينه وبين الفيلم الأصلي سواء في شعرة ضئيلة ما. مثلًا: نزول الحلفاء في شاطئ نورماندي، تم تصويره في أكثر من فيلم.
لكن أشهر تلك الأفلام هو فيلم (إنقاذ الجندي ريان) لسبيلبرج. وقد فوجئت بفيلم (روبين هود) الذي أخرجه ريدلي سكوت، وبطولة النجم راسل كرو وكيت بلانشيت، وهو إنتاج عام 2010، فوجئت به يصنع نزولًا بحريًا يماثل النزول لنورماندي خاصة ما حدث في فيلم (إنقاذ الجندي ريان)! فيلم روبين هود الذي أحداث أسطورته تقريبًا في نهايات القرن الثاني عشر يأتي فيلم ينتج عنه عام 2010 فيقلد تصميم المركبات الحربية البرمائية المصفحة حاملة الجنود والتي استعملت في الحرب الحقيقية وأحياها سبيلبرج، يحاكيها فيلم روبين هود طبق الأصل لكن بمراكب خشبية!.
نفس التصميم والباب الذي يفتح من الأمام فيسرع الجنود بالنزول منه سريعًا لمياه الشاطئ،يبدل الإصابات بالرصاص وجعله المخرج إصابات السهام! إصابات فوق المياه وتحتها وعلى الشاطئ. إنها المخيلة السينمائية التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا والتقطتها. ألم تلتقط فكرة المسلسلات المصورة (الكومكس) وتحولها لأفلام ناجحة مثل أفلام الرجل العنكبوت وغيره؟! المهم عند هوليوود هو إنتاج فيلم سينمائي مدهش مهما حشر فيه من مبالغات واقتباسات.
ولاحظت وأنا الهاوي، نفس الشيء في فيلم قديم هو(الوصايا العشرThe Ten Commandments) إخراج سيسيل دي ميل، وعرض عام 1956، في الفيلم استعراض للمركبات القتالية لقوات الفرعون، وإذا بي أشاهد مشهدًا في فيلم (مباريات الجوع The Hunger Games) الذي عرض عام 2012، استعراض لمركبات المتبارين يكاد يتطابق مع مشهد الوصايا العشر، الفرق أن مباريات الجوع حدّث المشهد القديم. أرى إن هذا اقتباس خيالي فني ممدوح.