منوعات

حجاج أدول يكتب : هوليود وقوى السينما الناعمة(2)

أمريكا يصدق عليها رواية الأديب ستيفنسن (مستر جيكل ودكتور هايد)، شخص واحد له جانب بالغ الطيبة وجانب ثان بالغ الشر، والصراع محتدم بينهما.

لكني هنا أتحدث عن المجمل المؤثر، لا عن الاستثناء غير المؤثر. ويجب أن نوقن بأن منتج الفيلم والعاملين الفنيين فيه لا يهمهم في الغالب الصدق الواقعي أو الحق النزيه، بل يهمهم أساسًا إنتاج فيلم مبهج ومدر للدولارات معًا، هكذا ببساطة.

وفي بعض الأفلام التي تثير قضايا مهمة، يكون الفيلم عبارة عن تسليع لهذه القضية، أي تحويلها لسلعة لنبع دولارات بحجة الغوص في القضية! ومن يستشهد بأفلام ذات أهداف صادقة إنسانية راقية ليدافع عن عموم أمريكا، أقول له: من فضلك، لا تأتِ بالاستثناء لتفرضه على الغالب، لكن دعني أعترف معك أن صناعة الأفلام لها جانب يستشرف الواقع الحقيقي ويريد عرض قولة حق صافية، مع الاحتفاظ بجماليات السينما.

أتتنا أفلام هوليود في مصر وطوَعت عقولنا، وبثت فينا يقينا بأن الأمريكان هم الأعلون وهم المبتغي، وأن أمريكا هي الإمبراطورية التي علينا أن نسجد لها ونطلب منها المدد والرضاء، وأن علينا أن نبتهل لها قائلين: “أنتِ ماما وأنتِ بابا” ونستكملها بصوت إسعاد يونس: “وأنتِ أنور وجدي“!.

انهمرت علينا الأفلام الهوليودية فصبغت عقولنا بالأمركة. وحين يقال مصطلح العولمة، فحقيقة الأمر أنها أمركة مسيطرة بقواها المادية والناعمة معًا.. فبالسينما الأمريكية اعتقدنا أن الأمريكي الغازي هو الخَيِّر وأن الهندي الأحمر هو الشرير، والشرير الهندي يحارب الطيب الأمريكي ظالمًا له، وأن الهندي الطيب هو الهندي الذي يتم قتله برصاص الأمريكي! لكن الفيلم يقول لنا في طيبة أمريكية معهودة: إن بعض الهنود طيبون، حقيقي طيبون، إنهم الهنود الذين يعملون ويخدمون بطل الغرب الوسيم الشجاع، الهنود المستسلمون لإرادة الأمريكي الغازي! هل تذكرنا تلك الأسطر بما جرى ويجري في فلسطين؟ طبعًا.

هذا البطل الكاوبوي الشجاع حريف في الملاكمة شغوف بتقبيل الجميلات، بطل سريع في إشهار المسدس وقادر ببندقيته أيضًا أن يصرع عشرة عشرين من الهنود الأغبياء الذين يمتطون الخيول ويهجمون على الناس المسالمين، يهاجمون وهم يصيحون صيحات متوحشة ويصبغون وجوههم بصبغات توضح تخلفهم.

“يلاحظ أن بعد عقود من السنين صارت شعوب الغرب ليس فقط تصبغ وجهها في الأعياد وفي المباريات الرياضية، بل وتصرخ صرخات انفعالية تمامًا كما كانت تفعل الشعوب التليدة التي كانت تسخر منها” إذن أليس من حق الأمريكي الشجاع أن يطلق عليهم النار دفاعًا عن نفسه وعن أطفاله وعن فتاته الجميلة؟ وبعد أن ينتهي الأمريكي من القضاء على الهنود المتوحشين.

يأتي الدور على شعوب أمريكا الجنوبية حين يحاولون الرد على التعدي الأمريكي، فهم أيضًا الأشرار! ليه وليه المتخلفين دول يعارضوا أطماع أمريكا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى