منوعات

أحمد الشهاوى يكتب : حكاية جديدة مع الزمرد!

كنتُ أخجل وأنا صغير من نطق الزمرد والزبرجد وأميل إلى التعويض عنهما بنطق الذهب والماس والفضَّة واللؤلؤ والياقوت والعقيق والجاد ( اليَشْب )،.

لأن ليس في أسمائها حرف الراء ، إذ كنت وما زلت أنطق الراء الباريسية ، ولأنني لم أعد أخجل من نطقها ، ولما كنت في المدرسة ألقي خطبي كنت أتجنب الكلمات المحتوية حرف الراء كواصل بن عطاء.

وقد اختتمت كتابي ( أنا من أهوى 600 طريق إلى العشق ) بقسمٍ سادسٍ أسميته ( زمرد الجنة ) ، ويضم مئة طريق إلى العشق ، إذ أنه – عندي – هو الجنة لمن تلبسه من النساء .

وقد ساءلتُ نفسي هل النساء يحببنه ؛ لأن قلوبهن خضراء كلونه ، شفيفة ونادرة وعالية القيمة ؟

وإذا كان جسد المرأة بحُكْم تضاريسه الجغرافية الفاتنة يُفْتِنُ بانحناءاته وانسياباته ، حيث يخفي ويستر ، فإن الزمرد يحتوي قشورًا دقيقةً تسمَّى سُتُر ( جمع ستار ) ، وهي تستر وتحجب تمامًا كما تفعل المرأة حين تخفي زمرد جسدها بما يشفُّ أو يخفي ، أو إن شئت قل الدانتيل أو الحرير الذي يصف ويبدي ويظهر ويغري .

والزمرد الذي قصدتُه في القسم الأخير من كتابي هو ( زمرد الجنة ) ، الذي تُعْجَب به النساء ، ويسعين إلى ارتدائه ، إذ هو شديد الشعاع كأرواحهن ، خُصوصًا البريَّات منهن ، اللواتي لا يحببن اختلاطًا في تكوين أرواحهن كالزمر الذي ( لا يشوب خضرته شيء من الألوان من صفرة ولا سواد ولا غيرهما ، حسن الصبغ ، جيد المائية ) كما يذكر أبو العباس أحمد بن يوسف القيسي التيفاشي في كتابه ” الأحجار الملوكية ” .

وهو في حضوره كحضور الأنثى في كسرها للضوء ، ووهجها ، وتوقدها ، ولمعان عينيها ، إذ هو حجرٌ لديه قدرةٌ على خلق إيقاعٍ نغميٍّ عالٍ لدي المُحبين من العارفين في العشق ، فهو ابن المنطق والروح ، حيث يمنح الحكمة لمن يرتديه ( وربما هذا ما جعلني أقتني خاتمًا لي من الذهب المُطعَّم بالزمرد والماس من مزادٍ في أمستردام ) .

ولأنه يُؤسِّس للفرح والعشق ، فقد ختمتُ به كتابي ، وربما – أيضًا – أردتُ لمن يقرأ – خُصوصًا النساء – أن لا يُلْدَغن من ثعابين الرجال ، ويكشفن كذبهم عليهن ، حيث يحميهن من لدغات الثعابين والحيَّات ، وكذا يشْعر قلبه بالكذب ، إذا ما رأى أحدًا يكذب ، فيتغيَّر لونه .

وإذا كان هو يمنح المرأة سِحْرًا وألقًا ، فإنه يُبْطِلُ عمل السِّحْر ومسّ الشياطين ، ويُورِّث الجاه ، ويمنح الفصاحة ، ويؤجِّج الشهوة في العشق ، ويُعتقَد في تعبيره عن الوفاء .

هل أردتُ باستخدامي الأحجار الكريمة مفاتيح لكتابي – وليست فقط مجرد عناوين – أن أداوي النفوس بها حينما ترتبط بالعشق ؟

فالزمرد – مثلا – شافٍ للقلب ، يؤثِّر إذا ما اكتمل القمر وكان في تمامه خُصوصًا إذا أتى الربيع مختالا ، وهوجسرٌ بين قلبين منقوعين في العشق .

والزمرد – عندي – حجرٌ مُقدَّسٌ يرمزُ إلى الخلود والخصب والخير والخيال والماء المُنَزَّل من السماء ، إنه حجرُ النبوءات والأسرار والغموض والديمومة .

فالمصري القديم كان يتَّخذ الزمرد تمائمَ تقيه وتحميه ، وتدفع عنه الأذى ، وتمنحه البركة والبقاء .

ولكم تمنيتُ أن أنقش – لمن أعشقُ – الستمائة طريق إلى العشق على أحجار الزمرد ، مثلما نُقشت الوصايا العشر على ألواحٍ من الزمرد كما يُروَى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى