تحدث الدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، ووزير الاستثمار المصري الأسبق، عن رؤيته للمناخ الاستثماري في مصر، مستعرضًا خريطة القوى الاقتصادية العالمية، وطارحًا رؤيته لتحسين الأجواء في ظل أزمات عالمية عديدة.
وأضاف خلال لقائه بالإعلامية أمل الحناوي، عبر بودكاست “حكاوي مع أمل”، أنه يصنف نفسه ضمن إطار البراجماتية السياسية، لأنه لا يؤمن بوجود عقيدة ثابتة في مجال الاقتصاد يجب الانتماء إليها، بل يعتبرها مدارس مختلفة يجب استغلالها لتحقيق الصالح العام، مشددًا على أهمية دور القطاع الخاص في ظل رقابة جيدة وفعالة من جانب الدولة لتحقيق أكبر قدر من التوازن بين حرية السوق وقدرة القطاع الخاص على العمل والإنتاج بكفاءة.
وأوضح أن الكثير من الدول تعاني من اختلاط مهام الدولة مع القطاع الخاص، مما يدفع القطاع إلى “التمرد” على قواعد الرقابة والمنافسة.
وفيما يتعلق بتجارب الدول الاقتصادية، لفت “محي الدين” إلى أن الغلبة كانت للدول الأوروبية في القرن التاسع عشر، ثم تحولت الدفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والآن بات المستقبل آسيويًا، قائلاً: “العالم يتجه شرقًا”، مثمنًا الجهود الصينية والهندية المتطورة، فضلًا عن الدول المنتمية لمجموعة “آسيان” وعددها 10، ومنها سنغافورة وفيتنام وغيرها من البلدان التي عانت من الفقر في الماضي ولكن بدأت في الانطلاق منذ بداية الستينيات. كما أشار إلى أن بعض الدول الإفريقية تُصنَّف واعدة نظرًا لما تمتلكه من مكونات سكانية شابة وموارد طبيعية.
وشدد على ضرورة عدم الفصل بين السياسة والاقتصاد، مؤكدًا أن الاقتصاد يعمل ضمن إطار قواعد سياسية هي التي تحدد التوجه الاقتصادي، وبالتالي لا يجب الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي. لهذا السبب ظهر مصطلح “الاقتصاد السياسي” لحل مشكلات عموم الناس في إطار اختياراتهم السياسية.
وأضاف: “لا أستطيع التعامل مع الاقتصاد باعتباره صفقات أو لقطات مكررة؛ الاقتصاد سيسير في إطار سياسة متكاملة وعمل مؤسسي ورؤية واضحة. لذلك يجب دائمًا البحث والنظر في أولويات الدولة والحكومة في عملية التنفيذ”.
وفيما يتعلق بقراءته للوضع الحالي، أكد أن الاقتصاد العالمي بدأ في التدهور منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، لكن كانت هناك فترة ذهبية لمصر خلال الأعوام من 2004 إلى 2008، حيث شهدت نموًا اقتصاديًا ملحوظًا وزيادة في الاستثمارات، فضلًا عن الهدوء النسبي في السياسة الإقليمية. وكان يجب العمل آنذاك على إصلاح نظام الجمارك وتعديل النظم المصرفية، وتحقيق الاستقرار النقدي، وتعديل النظام الضريبي. ولكن الآن يعاني العالم من أزمة متزايدة في الثقة بين الأطراف الرئيسية القائدة للاقتصاد العالمي، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا وآثارها على أوروبا، وقيود التجارة والاستثمار بين الصين والولايات المتحدة.
وسلط الضوء على استراتيجية الأمن الاقتصادي، التي تتكون من خمس مبادرات تهدف إلى تقييد حركة التصدير أو الاستثمار القادم لأوروبا من الدول غير الأوروبية، مما يصل إلى تقييد البحث العلمي والابتكار والتنمية، متوقعا أن تؤدي هذه القيود إلى توتر شديد في الوضع الاقتصادي الدولي، وقد تستفيد بعض الدول الصاعدة من هذه التوترات. ولكن كيف؟
أجاب على السؤال الذي طرحه؛ مبررًا أن الاستفادة ستكون لأنها ليست دول متنازعة، ولا تعاني توترا سياسيا وليست طرفا في الصراعات، فضلا عن حركة التجارة المحدودة، مستكملا: “مصر إذا رفعت صادراتها 10 أضعاف لن تؤثر في ميزان القوة الاقتصادية الدولية المتسارعة؛ وبالتالي هناك هامش كبير جدا للحركة يمكن الاستفادة به وبنفس النموذج نجد الدول الآسيوية مثل سنغافورة وفيتنام وغيرها؛ تنأى بنفسها عن أي صراع سياسي؛ رغم كونهم جغرافيا من جيران الصين، ولكنهم حريصون على العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرًا ذلك يسمى “حياد إيجابي”.
وإجابة عن سؤال: “ما هي الخطوات التي تخطوها مصر لتحقيق استقرار اقتصادي”، ذكر في عدة نقاط الآتي:
– تحقيق الاستقرار الاقتصادي عن طريق السيطرة على معد ت التضخم، فلا يمكن جذب استثمارات في ظل مشكلات التضخم وعجز الموازنة.
– التوسع في الإصلاح الهيكلية، وتطويرها.
– السيطرة على عجز الموازنة والسيطرة على خدمة الدين العام الخارجي والمحلي
– تسوية الأرض؛ بمعنى أن يكون الملعب ما بين الأطراف التابعة للدولة بغض النظر عن مسمياتها والقطاع الخاص يتمتع بقدر من العدالة والتنافس وحرية المنافسة.
مشيرا إلى أن النقاط السابقة؛ تؤدي إلى حالة من المرونة؛ وتساعد الاستثمارات على التوسع، وترفع معدلات التشغيل والرواتب، آنذاك يصبح النمو أكثر ارتفاعا والتنمية أكثر قدره على التحقق، متابعًا: “التنمية تعتمد على النمو، والنمو يعتمد على الاستثمار، والاستثمار يعتمد على التمويل، والتمويل لا يأتي من فراغ.. يهدف أيضًا للاستثمار الذي يحقق النمو؛ الذي يؤدي للتنمية”، أي أن الأمور كلها متصلة ببعضها البعض؛ إذن الاستقرار الاقتصادي هو الأساس الذي من دونه لن ينتعش الاقتصاد أو تتحرك حركة التصدير للأمام.
قال الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، ووزير الاستثمار الأسبق، إن انتقاله لتبوء المناصب من الطابع المحلي إلى النطاق الدولي، كان مستندًا إلى عدم تخوفه من الفشل.
وأضاف أن جزءًا كبيرًا من الأجواء الدولية لأي شخص يقوم على الرصيد الذي حققه وهو في عمله المحلي، مؤكدا أنه لم يتخوف أن رصيده الذي حققه محليًّا يذهب هدرًا.
ومتحدثًا عن تفاصيل انتقاله للعمل في الخارج، أوضح أن الفرصة جاءت 2008 للعمل في البنك الدولي، مشيرًا إلى أن العمل في المناصب التنفيذية العليا بهذه المؤسسات الدولية يشهد قدرًا كبيرًا من التوافق.
ونوه بأن مصر من الدول المؤسسه للبنك الدولي في عام 1945 بعد اتفاقية بريتون وودز (الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من 1 إلى 22 يوليو 1944).
وأفاد بأنه عمل في هذه المؤسسة كنائب لرئيس البنك الدولي لشئون تنميه القطاع الخاص والتمويل، لافتًا إلى أنه كان قد طرح هذه الفكرة على القيادة السياسية في ذلك الوقت لكنها لم ترحب بها.
وأرجع ذلك إلى أنه لم يكن قد أتم عمله آنذاك، حيث كانت هناك ملفات مهمة منها إتمام تسوية مديونية قطاع الأعمال العام للبنوك العامة، إلى أن تمت تسويتها بنجاح حتى وصلت إلى الصفر.
ولفت إلى توليه مسئولية الإشراف على التنمية المستدامة والتنميه البشرية في البنك الدولي، بجانب برنامج مكافحة الفقر والعمل على تطوير الإدارات الاقتصادية، مشيرًا إلى توليه عدة مناصب أخرى كان آخرها النائب الأول لرئيس مجموعة البنك الدولي للتنمية المستدامة.
وأشار إلى أنه بطبيعة عمله، يعطي أولوية للتمويل من خلال الاستثمار، لكنه لا يقصد معاداة الاستدانة، غير أنه لا يفضِّل أن تُكبَّل الدولة أو الشركات بديون أو قروض، موضحًا أنه يحاول قدر المستطاع أن تكون القروض ملجئًا أخيرا ومُبرَّرًا وله مجال لسداده.
ونوه بأن الدولة عندما تموّل نفقاتها العامة فيجب أن تكون لديها إيرادات، ولهذا جُعلت موازنات الدول التي تضم نفقات عامة يكون بها إيرادات تأتي الضرائب المباشرة وغير المباشرة والمصادرالسيادية الأخرى لتغطية النفقات.
وأوضح أن هناك مبدأ متعارف عليه بوحدة الموازنة العامة للدولة، وهناك مبدأ أيضا بأن تكون هناك أولوية للنفقات، مشيرًا إلى أن البرلمان يضع النفقات العامة للتعليم وللصحة وللبنية الأساسية والأجور والمرتبات والإنفاق على المجالات السيادية والأمنية ولأرباب المعاشات والمساهمات في مجالات مختلفة للضمان الاجتماعي.
وذكر محي الدين، أن الموارد تأتي الضرائب، وأنه في حالة عجز الضرائب والموارد السياديه تدبر الدولة الموارد من خلال مجالين إما ما يعرف من الاقتراض من البنك المركزي، وذلك عبر تشغيل مطبعه البنك وهو ما يكون له أثر تضخمي وهو أمر غير مفضل على الإطلاق.
وقال إن الاقتراض يكون من البنك المركزي داخليًّا من خلال الطباعة، في حين يجب أن يعادل الإصدار النقدي النمو في الاقتصاد، فإذا زاد معدل الإصدار عن النمو سيحدث التضخم وهي عملية آلية ميكانيكية متعارف عليها في أي دولة من الدول.
وأفاد بأن هناك مجالات أخرى قد ترى الدولة أنها بدلًا من أن تلجأ لهذا المصدر التضخمي من بدايته، تذهب للاقتراض من الخارج الذي يكون له أنواع، إما يكون قرض ميسر طويل المدى كتمويل من المؤسسات المالية الدولية زي البنك الدولي أو من بنك التنمية الإفريقي أو بنك التنميه الإسلامي، وهذا يكون مرتبطًا بمشروعات.
وشدد على أن صندوق النقد الدولي هو الملجأ الأخير، ولا يُلجأ إليه إلا في حالة وجود أزمة في ميزان المدفوعات، حيث لا يقدم الصندوق تمويلًا لمشروع أو للموازنة، بل لابد أن تكون الدولة في حالة أزمة ميزان مدفوعات أو أزمة سعر صرف أو اختلال في موازناتها.
ولفت إلى أنه جرت العادة أن تكون هناك أزمتان متزامنتان، وذلك بين الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات، ويتزامن معهما أيضا في أحوال كثيرة أزمات في السوق النقد الأجنبي.
وأوضح أنه من الأولى للدولة أن تغطي مواردها من الضرائب والموارد السيادية، وأن تغطي استثماراتها بالمدخرات المحلية، مشيرًا إلى والمدخرات ليست فقط التي تأتي من المواطنين لكن أيضا من القطاع الخاص ومدخرات متراكمة من الدولة ومؤسساتها.
وأفاد بأنه في هذه الحالة، تكون مؤسسات الدولة وشركاتها تحقق فائضا ولا تحقق عجزا، فإذا كانت الدولة تسجل عجزا وليس فائضا ستكون هناك مشكلة في تراجع الادخار.
وأوضح أن هذه الحالة تعبر عن عدد من شركات مصر التي تحقق إما عائدا محدودا أو تحقق خسائر، وفيما أكد أن هناك شركات تابعة الدولة تحقق أرباحا لكنه نوه بأن في شركات أخرى تحقق خسائر.
وأكد محي الدين، أن هناك بنوكًا مملوكة للدولة تحقق فائضًا، لكن هناك شركات من شركات الدولة تحقق خسائر.
وتحدث عن الحالة الاقتصادية المصرية، وربطها بالبرنامج مع صندوق النقد الدولي، حيث بدأ البرنامج في 2016، متمنيًا أن يكون البرنامج الحالي مع الصندوق هو الأخير.
ولفت إلى تصريح الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بأنه يسعى مع حكومته أن يكون البرنامج الحالي هو آخر البرامج مع صندوق النقد الدولي.
وقال إن البرنامج الأخير بدأ في ديسمبر 2022 وينتهي في نوفمبر 2026، وبالتالي سيكون مرّ عليه أربع سنوات، موضحًا أنه في السنة الأولى من التنفيذ كانت بها مشكلات كثيرة حيث أعقبت جائحه كورونا، وتزامنت مع آثار سلبية للحرب الأوكرانيه.
وشدد على ضرورة عدم المبالغة ولا التقليل من شأن الصدمات الخارجيه، لكن الأثر الخارجي السلبي للأزمتين معروف.
في الوقت نفسه، أوضح محي الدين الإدارة الاقتصاديه الداخلية عليها عبء ومسئولية تتحملها في بعض النتائج، وتحديدًا سبب تأثر مصر أكثر من غيرها بهذه الأزمات الخارجية سواء حرب أوكرانيا أو أزمة كورونا، بجانب التدهور الإقليمي وبخاصة بعد الأحداث المؤسفة والكارثية في غزه التي لها أيضًا أثر سلبي على إيرادات الدوله خاصة الإيرادات السيادية مثل قناة السويس.
ونوه بأن السنه الأولى من البرنامج بتداعياتها كانت سنة ليست هي الأفضل، ويمكن القول إن الاقتصاد يحصل فيها على تقدير مقبول.
وأشار محي الدين، إلى السنة الثانية التي انتهت بالفعل كان تقديرها جيدا، وهي التي أجريت فيها المراجعة الأولى والثانية بعد تأخرها لسنة، وكذلك المراجعة الثالثة اللي تمت بنجاح.
ونوه بأن هذه السنة جاءت بعد فترة صعبة، ولا يزال التضخم مرتفعًا، موضحًا أنه لا يزال هناك مجال كبير للاستمرار في تحقيق الاستقرار في مرونة سعر الصرف والتحسن الكبير في هذا الشان.
واستدل على ذلك بالقضاء على السوق السوداء، مع ضبط وضع القطاع المالي، وتحول صافي الأصول الأجنبية للبنوك من العجز إلى أرقام إيجابية، والتحسن النسبي في معدل النمو.
لكن شدد على أن معدل النمو في حالة دولة مثل مصر لا يكتفي بأرقام 3 و4%، بل يتوجب أن يكون الرقم لا يقل عن ضعف ما يتحقق، حتى يشعر به المواطن العادي، موضحًا أن هذه المؤشرات يتحدث عنها المسئولون لكن المواطن يقول إنه لم يشعره بتحسن.
وأكد أن معدل التضخم قد يكون عاليًّا، وأن معدلات الاستثمار ليست ذات وتيرة عالية، وأن التصدير لم يتعافَ بعد، وكذلك الأمر بالنسبة لحركه الاستثمار.
وشدد على ضرورة أن تشهد السنتان المتبقيتان من البرنامج، تحقيق نجاحا باهرا وتوفيقا شديدا، حتى يكون الاقتصاد المصري على مسار بلا رجعة للصندوق بعد تحقيق التوازنات الاقتصادية.
وتحدث محي الدين، عما إذا كان متفائلًا بشأن السنتين المقبلتين، قائلًا إن مجال الاقتصاد يكون التفاؤل دائما مرتبطًا بشروط وجهود لتحقيق الأهداف.
ولفت إلى أن الجهد المطلوب كبير في الاستثمار في رأس المال البشري في التعليم وفي الرعاية الصحية وفي زيادة المهارات والتدريب، مؤكدا أن المنافسة عاتية في ظل وجود مستجدات تكنولوجية.
وأوضح أن هناك قطاعات صاعدة ويجب أن يتم تأهيل سوق العمل والوافدين الجدد له من الخريجات والخريجين للتعامل معها، موضحًا أن هذه القطاعات تحتاج قدرات ومهارات أكبر مما كان عليه الوضع في الماضي.
ونوه بأن هناك استثمارات مطلوبة في إطار المشاركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي في مجالات التحول الرقمي والبنية الأساسية، مؤكدا أن هناك تطورًا كبيرًا حدث بالفعل في مجالات البنية الأساسيه لكن الدولة بحاجة للمزيد وبخاصة في الطرق البينية بمختلف المحافظات واستكمال مبادرة حياة كريمة.
وشدد على ضرورة تطوير المرافق الأساسية الحيوية في التعليم وفي الرعاية الصحية والصرف الصحي وغير ذلك من المرافق في الريف بالذات، بجانب ضرورة تمتين الاقتصاد والمجتمع ضد الصدمات الخارجية حتى لا يتعرض لآثار مضاعفة جراء أي صدمة خارجية.
وأوضح أن مصر تتأثر بتداعيات سلبية جراء تغير المناخ، والتغيرات في الوضع الاقتصادي والسياسي الدولي في أعقاب الحرب بين أوكرانيا وروسيا والمشكلات في الإقليم.
ونوه بأنه من الضروري تمتين الاقتصاد ليكون قادرًا على التعامل بمرونة مع الصدمات، لافتًا إلى أن كل هذا يتطلب أن يكون هناك تمويل بالاعتماد على الاستثمار وليس من خلال القروض ولو كانت ميسرة أو بها عنصر سماح كبير.
وشدد على ضرورة المحافظة على استتباب الوضع الأمني في مصر بعد قدر من التدهور الشديد في الفترة من 2011 إلى 2013، موضحًا أن الوضع الإقليمي السيئ وكذلك الوضع العالمي أيضا في مجالات الأمن يؤكد أن مصر واحة أمن في ظل توترات سياسية وأمنية عصفت بمجتمعات وباقتصادات.
وأكد أنه لا يمكن الحديث أبدا عن الاقتصاد أو الاستثمار أو لا تصدير إذا حدث أي نوع من أنواع التراجع في الاستقرار الأمني.
ورأى أنه دائمًا ما هناك مجال للأخد والرد حول كيفية تمويل هذه المشروعات الكبيرة للبنية الأساسية، لكنه أشار إلى أنه طالما أنها تحققت بالفعل على الأرض فيجب الاستفاده منها بتطوير الصناعة والزراعة والحركة الإنتاجية.
وأفاد بضرورة إعطاء الأولوية الأولى بلا منازع للقطاع الخاص في كل مجال يستطيع القيام به، لأن القطاع الخاص أكثر كفاءة وأكثر قدرة على التعامل مع التغيرات، وأكثر قدرة في المجالات اللي يوجد بها تجديد وابتكار مستمرين أن يجدد من نفسه ونشاطه ويتحمل الخسائر والمخاطر.
وأوضح أن القطاع الخاص لديه القدرة أيضًا أن يراجع نفسه إذا ما نفذ مشروعا خاطئ، فيقوم من عثرته، وإذا تعثر فيوجد قطاع خاص أكثر منه جدارة وكفاءة يستطيع الاستحواذ عليها.
ولفت إلى أن الدولة عندما تتعثر تستمر في تعثرها لعشرات السنوات، فيما يدفع المواطنون نتيجه هذا التعثر، موضحًا أن التعثر لا يكون بدون حساب عندما تكون هناك شركة خاسرة ولا تحقق أرباحًا اقتصادية.
وتفاءل “محي الدين” بالاقتصاد المصري في المحيط العربي والافريقي وأيضا في منطقة البحر المتوسط، لأنه الأكثر قدرة على التنوع الاقتصادي.
وأوضح أنه يتابع بقدر من الاهتمام والتقدير جهود دول عربية خليجية مجاورة بأنه رغم عدم قدرتها الطبيعية على التنوع الاقتصادي لكنها تنفذ أعمالًا جبارة في التنوع، وألا تكون أكثر اعتمادًا على النفط أو الغاز الطبيعي.
وأوضح أن المسئولين في هذه الدول يحتفون يحتفون كلما تحسن المؤشر في القطاعات الاقتصادية غير النفطية بقدرتها على أن موازناتها العامة وميزان مدفوعاتها وناتجها المحلي أصبح أقل اعتمادًا على النفط.
وأفاد بأن مصر لديها تأهل أكبر للتنوع الاقتصادي بحكم أنها إذا أرادت أن تزرع أو تصنع أو تقوم بالترويج السياحي فلديها كل المقومات لذلك، بما يفوق كثيرًا القدرات المتاحة في دول أخرى.
ونوه محي الدين، لابأن مصر لديها ما ليس لدول أخرى من حيث الزخم البشري والتركيبة السكانية العالية.
وتحدث محي الدين عن التحديات التي واجهته خلال رحلة عمله بالمؤسسات الدولية، قائلًا إنَّه على مدار عشر سنوات في البنك الدولي لم يكن المعتاد لأحد أن يستمر بهذه المناصب لفترات طويلة، موضحًا أن العبرة بالجدية والاجتهاد في العمل.
وشدد على أن عمل مع فريق متميز على مدار عشر سنوات في البنك الدولي، مؤكدا أن التوفيق حالفه أيضًا في عمله داخل مصر سواء في إطار وزارة الاستثمار وفي هيئات مختلفة وشركات قابضة.
ولفت إلى أنه عند توليه حقيبة الاستثمار كان أصغر وزير في الحكومة حيث كان يبلغ 39 سنة، وعمل مع رؤساء هيئات وشركات وجهات تابعة للوزارة، كانوا يكبرونه من حيث الخبرة والسن لكن جمعهم التقدير المتبادل.
وأشار إلى أنه استفاد من عمله السياسي المبكر، وذلك منذ مرحلة الشباب أو حتى طفولته، مؤكدا أنه وجد مساندة كبيرة من الشباب الذين زاملوه في العمل، ووجد عددًا كبيرًا منهم في أعمال تنفيذية وزارية وفي أعمال مهمة في الدولة وذلك بعدما غادر الوزارة.
وعن تعامله مع الأزمات، أكد أنه لم يأخذها بشكل شخصي، بحكم أن طبيعة العمل العام دائما تشهد وجود مثل هذه المشكلات التي يتوجب التصدي لها.
أما عن طبيعة عمله في الخارج، فأوضح “محي الدين”، أن التحديات كانت مختلفة، باعتبار أن من يعمله في وطنه يكون ذلك بعقله وقلبه وكل جوارحه، في حين أن العمل بالخارج يكون أكثر تقسيما في المهام وأكثر تنظيما من الناحية المؤسسية.
ولفت إلى أن الموارد في المؤسسات الدولية تتيح الفرصة من أجل اجتذاب أفضل الموارد البشرية، موضحًا أن مصر بها أكثر الناس تميزًا وقدرة لكن الحكومة لم يتوفر لديها أسقف معينة لرواتبهم أو تعويضهم.
وردًا على سؤال عن إمكانية حصوله على جائزة نوبل للاقتصاد، ردّ ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، قائلا إن هذا يمكن أن يُتاح للأجيال المقبلة من الاقتصاديين، موضحًا أن الجائزة تأتي من خلال ابتكار وتطوير نماذج ونظريات وحلول تكون لها طبيعة في التطبيق.
وأشار إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الشباب الواعد في الجامعات المصرية، يمكن أن تتاح لهم الفرصة للإباداع والتطوير، لكنه أكّد أن الحصول على هذه الجائزة لا يأتي عن طريق الصدفة، لكن من خلال مناخ مؤسسي متكامل يتيح للاقتصادي وللفيزيائي وللكيميائي وللطبي تحقيق ذلك.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي وإتاحة التمويل المناسب له، وتعويض أفضل العقول في مصر من القائمين على هذا القطاع، ليكونوا قادرين على الحصول على هذه الجوائز.
ونوه بأن الأهم من الحصول على جائزة نوبل هو تقدير المجتمع لحلول يقوم بها أهل الاقتصاد والسياسة لتيسير الحياة على عموم الناس.