منوعات

د. أحمد سمير يكتب : معايير نوبل

لطالما تغيرت معايير جائزة نوبل في الأدب الجمالية وأهدافها وما الجائزة إلا سجل لتغير تلك المفاهيم.

بدأت الجائزة بتفسير ضيق لكلمة مثالي التي وردت في نص وصية نوبل واصفا الأدب الذي يريد له الفوز.

كان العقد الأول للجائزة مجرد مطاردة محافظة للغاية لذلك المثالي.. كانت مجرد تكريم لأدب يحترم الكنيسة والسلطة والآباء.. نسخة مدجنة للغاية للفن.

العقد الثاني من الجائزة شهد منحها للكثير من الاسكندنافيين؛ أرادت الجائزة أن تقف على الحياد طوال فترة الحرب العالمية الأولى، خشيت من أن تنعت بالانحياز لجهة ما وعملت بمبدأ (الباب اللي ييجي لك منه الريح سده واستريح)

في العشرينات اتسع أفق الجائزة وبدأت تعي أن مهاجمة ما رسخ أو الكشف عن الخبايا ومناطحة الكبار ليس بأي حال إفسادا؛ لقد كان ألفريد نوبل نفسه كثير النقد للمجتمع.

في الثلاثينات ركزت الجائزة على مفهوم العالمية.. أرادت تكريم آدابا لها توجه عالمي ومعروفة على مستوى العالم وهي رؤية كشفت عن قصور كذلك فالشهرة العالمية والتوجه العالمي ليست صنو الجودة دائما.

كانت الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بمثابة ميلاد جديد وحقيقي للجائزة؛ هكذا تضع الحروب رغم قسوته الإنسان أمام أسئلته الكبرى ليعيد تعريف كل شيء.

أدركت الجائزة أن الفن هو ما ينتقل بالإنسان إلى رحاب أوسع، هو ما يحمل تجريبا يعبد طرقا جديدة بالفعل.. فاز إليوت وأندريه جيد وجيمس جويس.

استمرت الجائزة في تكريم تلك النزعة لسنوات طويلة تالية إلا أن ذلك النوع من الكتابة أصبح هو السائد، هنا قررت الجائزة أن تضطلع بدور جديد، بدأت تلتفت إلى أن عليها كذلك يقع عبء التعريف بأولئك المتميزين في ثقافات أخرى، الخروج خارج نقطة المركز الضيقة إلى كل رحاب الدائرة، الخلوص إلى العمق الحقيقي للعالم، فاتخذت قرارها بالتعريف بثقافات أخرى وآداب أخرى وأدباء متميزين لكنهم مع ذلك غير معروفين.

في السنوات الأخيرة للجائزة أصبح الاختيار أصعب وأصعب وبات على الجائزة أن تحتفظ طوال الوقت بما يميزها؛ لذا لجأت أحيانا إلى توسيع مفهوم الأدب لتفوز صحفية سيفيتلانا أليكسيفيتش عن فن المقال وبوب ديلان الموسيقي عن فن كتابة الأغنية، وأحيانا إلى تكريم أدباء مهاجرين كتبوا بلغة البلاد التي استقروا فيها وأحيانا تعود إلى تذكر آداب ما بعد الاستعمار!

فهل يكون اليوم عزفا على أوتار قديمة أم يشهد رؤية جديدة للجائزة تعالج بها شحوبها المتزايد أم تنوء مرة أخرى تحت وطأة الأيديولوجيا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى