منوعات

د. أحمد سمير يكتب : نظرية التطور .. جدل بلا نهاية!

في كل مرة بيبقى فيه جائزة أو بحث له علاقة بنظرية التطور بتبقى فيه حالة جدل عنيفة جدا وتقريبا بكتب في كل مرة بوست بمعنى البوست ده.

خلينا نفرق بين الرصد وبين وضع الرصد ده في نظرية، هدفها جمع البيانات في إطار بيخدم حاجتين، أولا تنظيم المعلومات اللي عندنا فعليا وثانيا توجيه أبحاث المستقبل.

فيه نظريات مركزية في العلم، اللي هي تقريبا بتمثل أساس بيتبني عليه حاجات كثيرة جدا، زي مثلا نظرية نيوتن أو نظرية أينشتاين.. دول بيفسروا من أول سقوط التفاحة على الارض لغاية حركة الكون وأصله.. تغيير نظرية نيوتن كان معاه تغيير كبير جدا جدا في رؤية العلم للعالم..

يعني مثلا الكون اللي زمنه مطلق بقى الزمن فيه نسبي ولكل جسم زمن مختلف ومش بس كده فيه حاجة اسمها مفردة خارج حدود الزمن نفسه أو على الأقل خارج حدود النظرية، وبالمناسبة دي أزمة بتواجه أغلب نظريات العلم.. إنها بتحاول تبقى كاملة لكن لغاية النهارده دائما بتبقى فيه حاجة عصية شويتين.. ومش بس كده هو أي عدم اكتمال لا يُعزى في العلم لقوى خارقة، لأن ده ضد صيرورة العلم ببساطة، هو مش تحدي للقوى الخارقة بقدر ما إن العلم منهجيته ما فيهاش قوى خارقة، بالنسبة له أي مجهول قابل للبحث (وطبعا هنا بقى بيبقى فيه اختلاف.. البعض شايف إن العلم قادر على كشف كل حجاب والبعض شايف إن ده مش هيحصل أبدا والعلماء بالمناسبة ما بيختلفوش عن الناس في ده الفارق إن العلماء من أصحاب الاعتقاد الأول بيطاردوا كل حجاب من أجل كشف كل شيء في النهاية والعلماء أصحاب الاعتقاد الثاني بيزقوا الحجاب لأبعد مدى وأبعد مدى ده هم مش عارفينه فتقنيا الإثنين حال الممارسة واحد.)

المهم الرصد في نظرية التطور إن البشر كائنات متأخرة وإن فيه كائنات منقرضة وإن الكائنات القديمة مش مماثلة تماما للحالية وإن كان فيه تشابه تشريحي بينها ومع اكتشاف دي إن إيه لقينا تشابه بين الكائنات في دي إن إيه وإن بعض الكائنات أقرب منها من كائنات أخرى وإن فيه جينات معينة مقصورة على جنس معين وهكذا.

مثلما اتجمعت الداتا الكونية وقت نظرية نيوتن وافترضت إن الزمن أزلي والكون ثابت ولا نهائي.. وزي ما اتجمعت الداتا الكونية وقت نظرية أينشتاين وافترضت إن الكون بدأ من مفردة في انفجار عظيم وإنه متناهي، اتجمعت الداتا البيولوجية وافترضت إن الكائنات كلها بدأت من أصل واحد مشترك وإنها طوال الوقت بتتطور وتتغير وبتظهر أنواع جديدة وتنقرض أنواع وهكذا.
ممكن نظرية أينشتاين تتغير، ممكن طبعا.. هل فيه حاجات نظرية أينشتاين ما بتفسرهاش.. أيوه.

العلم كله شغال كده تغير مستمر، فعليا فيه حاجات مش متفسرة في عمل الجاذبية ورغم النجاح المهول في رصد موجات الجاذبية وتصوير أفق حدث ثقب أسود، حاجات زي الطاقة المظلمة والمادة المظلمة ممكن تبقى نقاط تشهد تغيرات كبيرة جدا في المستقبل ولغاية دلوقتي مش مفهومة بإحكام، أساسا حاجات زي ليه الكون مش متجانس تماما لسه مش مفهومة تماما لغاية دلوقتي وممكن تشهد تغيرات كبيرة مستقبلية.
هل نظرية التطور بتفسر كل حاجة.. وهل ممكن تتغير.

الحقيقة هي بتحاول فعليا تفسر كل حاجة ويمكن دي كانت واحدة من مشاكل بوبر معاها (هو تراجع بعدين) إن اللي الانتخاب الطبيعي ما بيفسروش كانت النظرية بتعزوه للانتخاب الجنسي زي تفسير ألوان الطاووس أو طول رقبة الزرافة أو الذكاء البشري أو تعزوه للانجراف الجيني، وبالتالي فتخريجاتها كثير وهي تخريجات صعب اختبارها وعلشان كده بالرغم من إن العلم قائم على التبدل، نظرية التطور بالذات صعب تتغير.

المهم العلم فعليا بيشتغل كده ونماذجه دي بتقدر تنظم البيانات فيسهل دراستها، زي لما حد يحكي لك حدوتة مرتبة أو يحكي لك أحداث ما لهاش علاقة ببعض ومتباعدة والحاجة الثانية بتوجه أبحاث المستقبل وفي النهاية العلم منهجيته ما فيهاش قوى خارقة سواء كان اللي بيشتغل فيه بيحاول يزق الحجاب لأبعد مدى أو ما بيعتقدش في وجود ما هو محجوب أصلا وإنه قصور وقتي فقط.

أما بقى ما النظرية وما نعرف وما علاقته بالواقع؟ فدي اسئلة فلسفية مهمة جدا وفيه اختلاف كبير بخصوصها..
فيه ناس رفضت وجود الميتافيزيقا في النظريات وهو وجود افكار ما فيش عليها دليل تجريبي في النظريات بس الحقيقة دي فكرة شبه انتهت، لأن ببساطة أي نظرية علمية لازم يبقى فيها فكرة ميتافيزيقية مسبقة بطريقة ما، زي إن قوانين الفيزياء مثلا ثابتة في كل زمان ومكان وهكذا. فيه ناس واقعية ودول أغلب العلماء لأن فعليا صعب تبقى عالم وما تبقاش واقعي ودول شايفين إن النظريات ونماذجها التفسيرية واقعية وبتعبر عن الحقيقة حتى لو حقيقة مش كاملة تماما لسه وفيه ناس مش بتؤمن بواقعية تفسير النظريات وبتعتبرها إما بتحقق مصلحة ما في وقت ما أو اعتباطية ودول البرجماتيين و النسبويين.

المهم الموضوع مش بسذاجة الأبيض والأسود ومش خناقة أو معركة في حارة الفيسبوك ببساطة محور الأزمة في أغلبه عدم فهم ما وراء النظريات (ممكن تفهم النظرية وما تفهمش ما وراها) وعدم فهم طريقة عمل العلم أو المطلوب منه وأخيرا افتعال صراع دائم بين العلم والدين بيخسر جميع الأطراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى