أسواق وأعمال

حسن هيكل يكتب: المقايضة الكبرى – تصفير الدين العام

واصل الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال حسن هيكل تحليلاته للمشهد الاقتصادي المصري عبر منصة X في سلسلة تدوينات تحت عنوان “بجد”.

وكتب حسن هيكل في الحلقة الثالثة عن الدين العام الذي وصفه بأنه “المقايضة الكبرى – تصفير الدين العام وكسر دائرة الدين المفرغة وسراب اللحاق بها”.

وجاء تحليله كالتالي:

الخلفية

١- الدين العام المحلي بالجنيه حوالي ٦ تريليون، والفائدة فقط في آخر ٧ سنين ٤ تريليون. يعني الدين العام المحلي، تقريبا كله، أصله فائدة!! لو حضرتك عندك ضائقة مالية وحصلك ده، حتروح للبنك وتقوله شيل الفائدة وأدفعلك الأصل، ما بالك لو قلت للبنك حديلك أصول بقيمة الدين كله.

ناهيك أن الحكومة تلهث كل سنة لتغطية فائدة الدين العام التي تبتلع الموازنة العامة على حساب الإنفاق في الصحة والتعليم والبحث العلمي. ‏

٢- أوروبا في الفترة من ٢٠١٠-٢٠١٥: قام البنك المركزي الأوروبي بشراء أصول كبيرة من المصارف في البلدان المختلفة حتى تتفادى الإفلاس. في اليونان، إيطاليا ، أسبانيا. اللي حصل انه المركزي، قرر توفير السيولة بشراء أصول مباشرة وتخفيض المديونيات، وده أوروبا وده منذ أقل من ١٠ سنين. ‏٣- أمريكا في ٢٠٠٨، وهي محراب السوق الحر، قام المركزي في ظل أزمة مالية خانقة بشراء وتمويل مش بس بنوك ولكن شراء شركات من منتجي العربيات لكل حاجة تانية!

‏الملخص: أنه في أوقات الأزمات، مفيش حاجة اسمها استقلال بنك مركزي وتستخدم ميزانيته لصالح البلد. ‏الوضع في مصر ٢٠٢٤: ‏لنأخذ هذه الفكرة ونطورها مع خلفية أن الدين أصله فائدة، ويشتري البنك المركزي المصري أصول الحكومة (شركات + أراضي + مصارف + شركات تأمين الخ) مقابل الدين المحلي بالجنيه، من بابه.

يعني من صبيحة اليوم التالي، الدين العام سيكون صفر. وتزول من ميزانية الدولة الديون بالجنيه، ويصبح لديها فائض توجهه لبرامج حماية الطبقات المدبوحة، صحة، تعليم.

‏ويؤسس البنك المركزي صندوقا او شركة قابضة (وممكن يبقى الصندوق السيادي الحالي) لهذه الملكيات، ويضاف لهذه الشركة مساهمات عينية لكل الشركات المملوكة للأجهزة السيادية.

في اليوم التالي.. كل الشركات العامة سواء ملكيتها للحكومة او الأجهزة تبقى خاضعة لشركة قابضة واحدة، بميزانية مجمعة ويتم نشرها ومراقبتها من الجهاز المركزي للمحاسبات.

فتصبح ملكية كل ذلك للبنك المركزي بنسبة الأغلبية، والأجهزة السيادية بنسبة أقلية، ويمثل كل مالك في مجلس إدارة هذه الشركة القابضة (صندوق) على أن تترك إدارتها لإدارة محترفة تدير وتتصرف لصالح البلد بما تراه صحيحا ووفقا لاهداف محددة.

‏ماذا نكون قد حققنا من ذلك؟

‏أولا: تصفير الدين العام المحلي؛ وأن تركز الحكومة على كل ما هو هادف لتنمية المجتمع وتحسين أوضاع المواطن + نقلة نوعبة في السياحة + مركز لوجيستي ينقل قناة السويس لحته تانية + توطين صناعات ذات تنافسية عالمية + استخدام القفزة في البنية التحتية لاستقطاب مشروعات تكنولوجيا وخدمات ومنها طبية معتمدة على معدن ناس كتير هايلة في مصر + خلق مناخ استثماري لإطلاق العنان للقطاع الخاص وخاصة الشركات المتوسطة والصغيرة، والمصدرين، الخ ‏

ثانيا: إدارة جميع الاستثمارات بطريقة محترفة، بدلا من الحكومة التي هي بصفة عامة مدير سيئ للاستثمارات!

‏ثالثا: توحيد الميزانيات، بشفافية وبمراقبة؛ يبقى عندنا ميزانية عامة للحكومة، للبنك المركزي، والشركة القابضة(الصندوق)؛ ومش عشرات الميزانيات.

‏رابعا: حل إشكالية تدخل بعض الجهات في ادارة عمل اقتصادي بحت، على ان يكون تأثيرها بملكيتها الجزئية وأعضاء مجلس ادارتها في الشركة القابضة( الصندوق).

خامسا: البنوك اللي معظم ربحتيها جايه من انها بتلم الودائع وتسلفها للحكومة ستضطر بعد دفع الدين العام انها تمول مشروعات استثمارية ودفع عجلة الانتاج و ترجع تعمل دورها بجد!

أستأذن أن الاسترسال القادم يبقى عن الآثار الجانبية لهذه الفكرة المحورية، وطريقة وآليات تنفيذها، لأنه لا يمكن أن نكمل بدين عام محلي ٦ تريليون وعليه فائدة ٣٠٪، يعني ٢ تريليون اضافة السنة القادمة،ونكمل “دبح” الميزانية العامة، ونقلل من إنفاق حكومي -بالفعل منخفض- في التعليم والصحة.

حان الوقت لكسر هذة الدائرة المفرغة مرة واحدة متحصنين بالسيولة الدولارية من رأس الحكمة وأخوتها بدلا من ان نجري ورا سراب ووطأة فائدة تتراكم على دين يدبح اي حد!

‏عندنا فرصة تاريخة، فلنغتنمها، بإرادة + بعلم + بعض من الخيال.. وما تخدش شهور لتنعكس على المواطن.

 

 

 

للمزيد : تابعنا موقع التعمير ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك التعمير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى