
قررت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات المنيا، في جلستها المنعقدة اليوم السبت، إحالة أوراق المتهمة “هاجر. أ” (26 عامًا) إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامها، وذلك بعد اتهامها بقتل زوجها وأطفاله الستة عمدًا باستخدام مادة سامة داخل قرية دلجا بمركز دير مواس.
وجاء القرار خلال ثاني جلسات المحاكمة في القضية رقم 13282 لسنة 2025 جنايات دير مواس، والمقيدة برقم 2579 لسنة 2025 كلي جنوب المنيا، على أن تحدد المحكمة جلسة لاحقة للنطق بالحكم بعد ورود رأي المفتي.
وعُقدت الجلسة برئاسة المستشار علاء الدين محمد عباس، وعضوية المستشارين حسين نجيدة وأحمد محمد نصر، وأمانة سر أحمد سمير وعادل إمام.
حضور المتهمة بطفلتها الرضيعة داخل قاعة المحكمة
شهدت الجلسة حضور المتهمة من محبسها مصطحبة طفلتها الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها الشهر ونصف، وسمح رئيس المحكمة لها بالجلوس خارج قفص الاتهام نظرًا لحملها الطفلة، حيث جلست بأحد المقاعد المخصصة وسط حراسة أمنية مشددة.
وخلال الجلسة، استجابت المحكمة لجميع طلبات هيئة الدفاع، واستدعت عددًا من شهود الإثبات والنفي، إلى جانب خبراء السموم وأعضاء هيئة تدريس من كليتي الزراعة والطب الشرعي، إضافة إلى أشقاء المتهمة الذين أدلوا بشهاداتهم أمام هيئة المحكمة.
تفاصيل شهادة الخبراء
أكد خبراء السموم أمام هيئة المحكمة أن مادة الكلوروفينابير المستخدمة في الجريمة هي مادة سامة شديدة الخطورة، لا تفقد خواصها السمية حتى عند تعرضها للمياه أو النار، موضحين أن جرامًا واحدًا منها يكفي لقتل شخص يزن 100 كيلوجرام.
وأشار الخبراء إلى أن الفحص الإكلينيكي للأطفال المتوفين أثبت أن الوفاة نتجت عن تناول تلك المادة، وهو ما أكدته التقارير الرسمية الصادرة عن المركز القومي للبحوث.
تضارب في أقوال الشهود
وخلال الاستماع إلى شهادة أشقاء المتهمة، وهما مصطفى. أ وسارة. أ، لاحظت المحكمة تناقضًا في أقوالهما، حيث حاولا تبرير اعتراف شقيقتهما بالجريمة بادعاء تعرضها لضغوط نفسية وإجبار معنوي، إلا أن المحكمة سجلت تضاربًا واضحًا بين أقوالهما وبين اعترافات المتهمة السابقة أمام النيابة.
فيديوهات وتفاصيل مروعة من التحقيقات
من جانبه، كشف علي عابد، محامي المجني عليهم، أن المتهمة خططت للجريمة مسبقًا، وأن كاميرات المراقبة وثّقت لحظات حمل الأطفال للخبز المسموم من منزلها.
وأوضح المحامي أن المتهمة أعدّت المادة السامة وخلطتها بالخبز المخصص للأطفال ووالدتهم، واستخدمت أحد الأطفال ويدعى محمد كـ”تجربة” لتأثير السم، حيث راقبت حالته الصحية بعد تناوله الطعام. كما تعرضت الطفلة رحمة للحرق بالنار أثناء محاولتها الدفاع عن إخوتها.
شهادة الأم المكلومة
وخارج قاعة المحكمة، وقفت أم هاشم أحمد عبد الفتاح، والدة الأطفال الستة المتوفين والزوجة الأولى للمجني عليه، تبكي وتطالب بـ”القصاص العادل”، مؤكدة أنها فقدت أبناءها وزوجها في أيام معدودة، وقالت والدموع تملأ عينيها:
«لا أنام ووجوههم أمامي ليلًا ونهارًا… كانوا في مراحل التعليم المختلفة، وأطالب بإعدامها ومن ساعدها».
خلفية القضية والتحقيقات
تعود تفاصيل الواقعة إلى يوليو 2025، عندما شهدت قرية دلجا بمركز دير مواس وفاة عدد من الأطفال تباعًا في ظروف غامضة، أعقبها وفاة الأب، وسط شكوك طبية حول السبب الحقيقي. ومع تصاعد الوفيات، كشفت التحقيقات أن الزوجة الثانية، “هاجر”، وراء الحادث، بعد أن دسّت مادة سامة في الطعام بقصد التخلص من زوجها وأبنائه.
وكان المستشار محمد أبوكريشة، المحامي العام لنيابات جنوب المنيا، قد أصدر قرارًا بتشكيل فريق من النيابة العامة للتحقيق، ضم المستشارين أحمد قورة، وسعيد عبد الجواد، ومحمود بكري، رؤساء نيابة جنوب المنيا الكلية، إلى جانب أحمد جمال مدير نيابة دير مواس، وعبد الرحمن عرفان وكيل النيابة.
وخلال الجلسة الأولى، قالت المتهمة أمام المحكمة:«كنت عايزة أأذيهم بس، ماكنتش أقصد أقتلهم، ومكنتش عارفة إن الجرعة قاتلة»، مضيفة أن غيرتها من الزوجة الأولى دفعتها إلى ارتكاب الجريمة.
كما قدم دفاع المتهمة مظروفًا يحتوي على فلاشة تضم مقاطع فيديو لوالدة المجني عليهم في لقاءات إعلامية، زاعمًا وجود تناقضات بينها وبين أقوالها في التحقيقات، وقد قررت المحكمة ضم الفيديوهات إلى ملف القضية للاطلاع عليها.