
كتبت- هايدي فاروق
في أمسية جديدة من أمسيات ندوة “تواصل” الشهرية، التي تشرف عليها الكاتبة الصحفية الدكتورة عزة بدر، نائب مقرر لجنة السرد القصصي والروائي بالمجلس الأعلى للثقافة، وبمشاركة نخبة من المبدعين والكتاب، أقيمت الفعالية بمقر المجلس، وشهدت تنوعًا فنيًا وأدبيًا لافتًا.
البداية كانت مع الإبداع الشعري بمشاركة الشاعرة نجلاء السيد، التي ألقت مجموعة من قصائدها، منها: “زعيق الروح”، و”ريحة الأيام”، و”صك المغفرة”.
وقد ألقت نجلاء السيد قصيدتها “صك المغفرة”، التي جاءت في حالة وجدانية صادقة، وعبّرت فيها عن معانٍ عميقة من الحنين والحكمة والحب الطفولي، بأسلوب شعري بسيط ومؤثر.
ثم انتقلت الفعالية إلى فقرة الموسيقى، حيث قدّم الفنان محمد فوزي حسن معزوفة “النهر الخالد”، تلاه مروان إسلام، الطالب بمعهد الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون، الذي عزف مقطوعات موسيقية من أعمال موتسارت.
في فقرة الإبداع القصصي:
قدمت القاصة والشاعرة اعتماد عبده عددًا من القصص الومضية من مجموعتها مقشة مريم، منها:
“العقدة الأخيرة”
“كعكة بالسكر”
“سر الكرباج”
“صانع الفخار”
“رجل وكشاف”
كما عرض الدكتور عماد البحيري قصته “جلاليب على الموضة”.
وخلال الجلسة، أكدت الدكتورة عزة بدر أن فن الومضة القصصية يعد امتدادًا لفن القصة القصيرة، مشيرة إلى ظهوره بوضوح في أدب نجيب محفوظ، خاصةً في أحلام فترة النقاهة.
الرؤية الفكرية: “البصمة الشعورية بين فن السرد والذكاء الاصطناعي”
شارك في هذه الجلسة كل من:
محمد عزام (استشاري إدارة التكنولوجيا وعضو لجنة الثقافة الرقمية بالمجلس الأعلى للثقافة)
الدكتور أحمد فوزي (أستاذ بمعهد بحوث الإلكترونيات بالمركز القومي للبحوث)
أيمن محمد الحسنيين (نائب مدير عام مؤسسة روزاليوسف ومحاضر بمعهد نظم المعلومات بوزارة الدفاع)
مصطفى عرام (قاص وشاعر وسكرتير تحرير مجلة صباح الخير)
استعرض مصطفى عرام تجربة عملية متميزة، حيث عرض ثلاث قصص:
قصة كتبها بنفسه بعنوان “جدي” قبل خمس سنوات، وكانت مفتتحًا لكتاب القائد الذي بداخلك للكاتب عادل حافظ.
وقصتين أخريين أنتجهما روبوتا الذكاء الاصطناعي “تشات جي بي تي” و”بارد” (قبل تطويره إلى “جيميني”)، بناءً على طلبه كتابة قصة بنفس العنوان.
وأوضح عرام أن التجربة كشفت عن قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج نصوص أدبية متقنة شكليًا، لكنها طرحت تساؤلات جوهرية حول:
هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن ينتج نصوصًا تحمل “بصمة شعورية” حقيقية؟
لمن تعود ملكية النص الأدبي الناتج عن الذكاء الاصطناعي: للإنسان، أم للآلة، أم أنها ملكية مشتركة؟
وهي تساؤلات ما تزال محل نقاش واسع بين المتخصصين.
مداخلات فكرية:
أشار محمد عزام إلى أن الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي أصبحا أداتين رئيسيتين تحددان قدرة الدول على النمو والتطور، مؤكدًا أن الصين وأمريكا تخططان لاستثمار تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة في هذا المجال، مما يحتم علينا التعامل مع الذكاء الاصطناعي كمساعد للإبداع وليس كمنافس له.
أوضح الدكتور أحمد فوزي أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تنويع الأساليب واللهجات وتحويل النصوص إلى مفاهيم بصرية، لكنه لا يستطيع أن يحل محل الشعور الإنساني، معتبرًا إياه أداة ذكية لتعزيز الإبداع لا بديلاً عنه.
تناول أيمن محمد الحسنيين الإشكاليات القانونية والأخلاقية المصاحبة للذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى تعقيد المسألة في جرائم مثل “التزييف العميق”، والتي يصعب معها تحديد الجاني والأداة ومسرح الجريمة وفق القواعد التقليدية، محذرًا من تطور الذكاء الاصطناعي الخارق الذي قد يصل إلى مرحلة يتفوق فيها على الإنسان، مستشهدًا بتحذيرات علماء كبار مثل “جيفري هينتون” و”إيلون ماسك”.
واختتمت الندوة بالتأكيد على أهمية رفع الوعي المجتمعي، وتطوير منظومة قانونية وأخلاقية تواكب تطورات الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على جوهر الإبداع الإنساني.