بنوك

الخبير المصرفي الكبير محمد عبدالعال يكتب: دور البنك المركزى فى خفض واستقرار الأسعار

يؤدى البنك المركزى المصرى دوراً حيويا عبر إدارته المتوازنة للسياسة النقدية ، بشقيها إدارة سعر الفائدة ، وإدارة سوق النقد ، وذلك لتعزيز الاستقرار الاقتصادى فى البلاد ، وضمان توازن الأسواق ، بما فى ذلك إصدار و اتخاذ كافة السياسات والإجراءات ، والتوجيهات التى تساعد بشكل فعال فى تحقيق أهم وأسمى أهدافه المرحلية ، على الإطلاق ، وهو إحتواء معدل التضخم المرتفع ، أى خفض أسعار السلع والخدمات ، خاصة حينما يكون الاقتصاد القومى يعانى من ظروف اقتصادية صعبة ، من جراء تداعيات و صدمات معظمها خارجية ، و مخاطر وتوترات جيوسياسية متجددة ومتكررة على الساحتين العالمية و الاقليمية .

وحقيقة الأمر أن البنك المركزى المصرى قد لعب فعلاً دورا حاسما فى توجهه لتحقيق استقرار الأسواق ، وخفض الاسعار وكبح جماح التضخم وذلك من خلال العمل عبر مسارات متعددة ، قابلة للتطبيق والقياس على أرض الواقع ، وبشكل مستمر ، ومخطط ، ومتوازن ، وقد تمثل ذلك فى حزمة من الشواهد ، المنسقة تماما ، مع أجهزة الدولة ومجموعات العمل الاقتصادية ، والمالية ، فى الدولة المصرية ، وأيضا فى تفاهماته واتفاقياته التى يعقدها مع المنظمات والمؤسسات الإقتصادية والتمويلية الدولية .

وفى هذا الصدد يمكن أن نذكر بعض اهم عناصر تلك الشواهد ، على سبيل المثال ، وليس الحصر ، و نبدأ بأهمها وهو قرار تحرير سعر الصرف فى السابع من مارس من ٢٠٢٤ ، ومنذ لحظة صدور القرار و البنك المركزى يتابع باستمرار عمليه تدبير النقد الاجنبى اللازم لسداد وتسوية كافة الاعتمادات المستندية المستحقة او مستندات الاستيراد الواجبة التحصيل وبالأسعار الرسمية ، والتاكد من توفر ارصدة كافية فى سوق ما بين البنوك ، وبالتالى اختفت ظاهرة تواجد طلبات معلقة بالنقد الأجنبي أو مراكز مكشوفة لدى وحدات الجهاز المصرفى . وبالتالى تم الإفراج عن معظم السلع الاستراتيجية ومستلزمات وخامات الانتاج والتى كانت محتجزة فى الموانى انتظارا لتدبير النقد الاجنبى ..، وبالطبع أدى هذا التحرك إلى ضربة ثلاثية التأثير ، حيث تم القضاء على أهم عناصر الطلب على السوق الموازى ، وبالتالى انخفضت اسعار الدولار ، وفى النهاية توفرت السلع وانخفضت اسعارها . بشكل حقيقى ومتدرج والاهم من خفضها هو تحقيق خطوات متقدمة فى استقرار الأسواق واستهداف التضخم .

على الجانب الآخر و وملازماً مع إعلان تحرير سعر الصرف ، قام المركزى المصرى بتبنى سياسة نقدية مرحلية شديدة التقيد فيما يتعلق بسعر الفائدة، فقام برفعها خلال الربع الاول من هذا العام بمقدار ٨٠٠ نقطة أساس من اجل مواجهة التضخم المرتفع ، والعمل على احتوائه وصولا إلى مستهدفاته المخططة تدريجياً ، وبالتالى التحكم فى معدل التضخم وخفض الاسعار. كما استمر البنك المركزى فى تخصيص ٢٥٪؜ من محفظة الجهاز المصرفى التمويلية لأنشطة التمويل المتوسط والصغير ، باسعار عائد منخفضة ، وهو ما ينعكس فى انخفاض اسعار منتجات تلك القطاعات وتوفرها فى الأسواق ، حيث أن منتجات تلك الانشطة تُعرض فى الأسواق بتكلفة تمويل تقل عن اسعار الاقراض الرسمية ( الكوريدور ) بفارق كبير ؜ يتحمل عبئه البنك المركزى وذلك بغرض خفض اسعار المنتجات للمستهلك النهائى .

كما نعلم كيف يمنح البنك المركزى الضوء الاخضر ، لوحدات الجهاز المصرفى المملوكة للدولة لاصدار شهادات ادخارية ، باسعار عائد فائقة التميز ، لتعوض المدخرين من القطاع العائلى عن ارتفاع معدل التضخم ، من ناحية وايضا دعم قدرة تلك البنوك على امتصاص السيولة وخفض جانب الطلب لاحتواء التضخم من ناحية ثانية . كما يتعاون البنك المركزى مع وزارة المالية عبر وحدات الجهاز المصرفى ، فى تنفيذ مبادرتها التمويلية الجديدة لأنشطة الصناعة والزراعة . وهو الأمر الذى يساعد ايضا بشكل حاسم على خفض اسعار السلع للمواطنين . نتيجة إتساع حجم وفرص التمويل لتلك النوعية من الشركات وتميز اسعار اقتراضها من خلال المبادرة .

و يستمر تدخل البنك المركزى المصرى بآليات السوق المفتوح ، لتنظيم العرض النقدي وسحب السيولة الفائضة لدى وحدات الجهآز المصرى ، وعَدْلَ نظام قبول الودائع الأسبوعية من قبول الإيداع وفقا لنظام التخصيص ، الى القبول وفقا للإيداع المطلق ،وبعائد مجزى ، كل ذلك ، ليضمن استقرار الأسعار. والتحكم الدقيق فى معدل السيولة وكمية وسائل الدفع المتاحة في السوق ،وبالتالي تحقيق التحكم فى عرض النقود ومعدل التضخم .

وفى ذات الوقت يستمر البنك المركزى بتبنى سياسات لدعم النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمار وخلق فرص عمل، والسعى فى استكمال وإنجاح برامج الإصلاح الاقتصادى والهيكلي بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية ، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتعزيز النشاط الاقتصادي العام، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض أسعار السلع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى