ضمن احتفالات المملكة العربية السعودية بيوم التأسيس، نقلت الساحة الثقافية في قرية التأسيس بالطائف، زوارها إلى رحلة زمنية ملحمية قبل 300 عام، حاكت فيها عرضًا أدائيًا مسرحيًا لفرقة “المنقية” العسكرية، التي شكلها الإمام سعود بن عبدالعزيز، تجمع في ثناياها أعظم شجعان الدولة، وهي فرقة تحمل سلوكًا دفاعيًا وهجوميًا بشكل استثنائي في ساحات القتال، لما أضفى عليها الإمام سعود من تدريب خاص، وعتاد متميز، يحمل فرسانها الأقحاح أجود وأفضل أنواع الأسلحة ومراكب نجائب الخيل العربية الأصيلة المدرعة بشكل استثنائي.
وأدخل المشهد الأدائي الذي قدمته قرية التأسيس، الحضور في جوٍ اتسم بذكاء الدولة السعودية في التعامل مع فرسانها الشجعان وقوة التلاحم والترابط التي جمعتهم في الحفاظ على ما يملكونه من أرضٍ وزرعٍ ودولة عريقة، من خلال تشكيل أول فرقة عسكرية أمر فيها الإمام سعود بن عبدالعزيز، اختار فيها المحاربين الجديرين بالذكر وأعظم شجعان قومه وأشهر مغاويرهم، فكان كلما سمع بفارس مشهور دعاه إلى الدرعية وضمه للمنقية ويمده هو وأسرته بمؤونة سنوية من القمح والتمر والسمن ويمنحه فرسًا أو ذلولًا وسلاحًا ويصحب ذلك الحرس في غزواته، مجهزين ساعة الحرب بكل الأسلحة، وخيولهم مكسوة بلبس، أي مادة صوفية محشوة لا تخترقها السيوف والرماح، وبسبب هذه الفرقة المذهلة سرعان ما انصاعت له العديد من الأقاليم، لما وجدوه من ثقة قدمها الإمام لهم وبولائهم لدولتهم.
وأضفى الأداء المسرحي الذي جذب المئات من الزوار في الساحة الثقافية بمناسبة يوم التأسيس، صفات الإمام وحنكته في إعداد الخطط العسكرية، ودهاءه الذي أدخل روح الحماسة في أبناء الدولة السعودية للانضمام إلى فرقة المنقية، لما لمسوه من بعد نظر وتنظيم امتازت فيه فرقة الإمام سعود وفق توجيهاته السديدة، وعمليات احترافية في الكر والفر والتمويه، والتنفيذ بمنتهى السرعة وصلابتها في عدم خسارتها للمعارك.
وبالإضافة إلى أن المنقية وما حكاها ممثلو المسرحية في أدائهم, إلى أن الإمام كان يأخذ معه إلى الدرعية كثيرًا من عقداء وقادة الحروب، ويسند لهم قيادة الغزوات حتى كان ذكر أفراده مرعبًا لكل أعدائه لأنهم لم يخسروا أبدا وصاتت شجاعتهم وسمعتهم العالية في البسالة، ولم يتقهقروا قط، حتى أضحت المنقية اسمًا بارزًا في تاريخ الدولة السعودية العسكري ودليلًا على التنظيم الكبير لأساس الدولة واهتمامها بالتفاصيل الدقيقة في حماية أراضيها ومواطنيها