خفت حدة التوترات بشكل طفيف في فرنسا خلال الليلة الخامسة من الاضطرابات حيث سعت السلطات لاحتواء تداعيات مقتل مراهق من أصول عربية، والتي أعادت إشعال الجدل حول العنصرية وعدم المساواة.
وأصبحت أعمال الشغب والنهب، التي عقدت مقارنات مع رد فعل أميركا على مقتل جورج فلويد في عام 2020، لحظة حساب للبلاد التي شهدت احتجاجات متكررة في السنوات الأخيرة بشأن قضايا مثل إصلاحات المعاشات التقاعدية وارتفاع تكاليف المعيشة.
ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى اجتماع مع رئيسة الوزراء إليزابيث بورن ووزراء آخرين في وقت لاحق الأحد لمناقشة الوضع، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
ووسط تواجد مكثف للشرطة في جميع أنحاء البلاد، تم اعتقال حوالي 719 شخصاً خلال الليل، انخفاضاً من أكثر من 1300 في الليلة السابقة، وفقاً للحكومة. ونشرت السلطات 45 ألف شرطي وألوية خاصة ومركبات مسلحة في الشوارع التي اجتاحها شبان أشعلوا النيران وهاجموا الضباط والمباني العامة والمتاجر.
بينما كتب وزير الداخلية جيرالد دارمانين على تويتر عن “ليلة أكثر هدوءاً”، استمرت الاشتباكات في مدن مثل مرسيليا في إشارة إلى أن الأزمة لم تنته بعد.
وقال مفوض شرطة باريس لوران نونيز في مقابلة على تلفزيون “بي إف إم”، إن الضباط المنتشرين على طول الشانزليزيه أوقفوا خطط أعمال الشغب التي ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفاً أنه تم أيضاً إيلاء اهتمام خاص لمراكز التسوق التي يستهدفها “الجانحون”.
مخاطر سياسية
وتشكل الاضطرابات خطراً سياسياً على ماكرون، الذي ألغى زيارة إلى ألمانيا كان من المفترض أن تبدأ اليوم الأحد. ودعا ماكرون ووزير العدل إريك دوبوند موريتي الآباء وشركات التواصل الاجتماعي إلى المساعدة في إنهاء العنف.
كما تتصاعد التكاليف الاقتصادية للاضطرابات. وقال وزير المالية برونو لو مير، السبت، إن حوالي 10 مراكز تسوق وأكثر من 200 متجر – سوبر ماركت – و250 متجر تبغ و250 منفذاً مصرفياً تعرضوا للهجوم أو النهب في الليلة السابقة.
بدوره، قال رئيس غرفة التجارة في إيكس مرسيليا بروفانس، جان لوك شوفين، لموقع فرانس إنفو: “تم استهداف جميع أنواع الشركات، خاصة تلك التي لديها سلع ثمينة”. وقال إن التقدير الأولي لشركات التأمين قدر الأضرار بأكثر من 100 مليون يورو (109 ملايين دولار)، وهو رقم سيرتفع بلا شك.
وألغت علامة الأزياء “LVMH Celine” عرض الملابس الرجالية المقرر عقده يوم الأحد في باريس بينما قلصت السلطات وسائل النقل العام في بعض المدن وألغت الأحداث الثقافية مثل الحفلات الموسيقية.
فيما أقيمت جنازة خاصة يوم السبت في مسجد في “نانتير” للصبي “نائل” البالغ من العمر 17 عاماً ذي الأصول العربية، والذي أُطلق عليه الرصاص يوم الثلاثاء من مسافة قريبة في سيارة.
ووجهت إلى الضابط الذي أطلق الرصاصة تهمة القتل العمد وهو رهن الحبس الاحتياطي. وقال لوران فرانك لينارد، محامي الضابط، لراديو أوروبا 1 إن الشرطي اعتقد أنه بحاجة إلى إطلاق النار.
ممارسات الشرطة
وقالت والدة نائل، التي عُرفت باسم مونيا فقط، في مقابلة مع “فرانس 5” إنها لم تلم الشرطة. وأضافت: “ألوم شخصاً واحداً، الشخص الذي قتل ابني”.
تعود الاضطرابات في فرنسا إلى عام 2005 عندما أعقبت أسابيع من أعمال الشغب مقتل صبيان في محطة كهرباء فرعية بعد مطاردة الشرطة. وقد سلطت الضوء على ممارسات الشرطة الفرنسية بالإضافة إلى التوترات المستمرة منذ فترة طويلة في الضواحي الفقيرة.
وفي عام 2005، أعلنت الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ التي استمرت قرابة شهرين، وهي خطوة تجنبها ماكرون حتى الآن.