منوعات

محمد عبدالعال يكتب: مصر فى عيون موديز بين التشاؤم والتفاؤل !!

نادرًا ما تُخفض وكالة تصنيف دولية التصنيف الاتمانى لدولة ما ، وفى ذات التقرير تُعلن عن رفع نظرتها لذات الدولة من سلبى فى تقييمها السابق ،الى مستقر فى تقريرها الحالى .

وحقيقة الامر ان هذا لم يصيبنى بالدهشة لسببين اولهما ان موديز ذاتها كانت عادلة حينما حملت لنا دوافع الطمأنة والتفاؤل، و عدلت النظرة المستقبلية لمصر الى مستقرة ، بدلا من سلبية فى تقريرها السابق .

وثانيهما ان معظم دول العالم خاصة الدول الناشئة ،تعرضت او تتعرض لمثل هذا التخفيض بين الحين والآخر ،من قبل وكالات التصنيف الدولية ،وليس هذا انحيازا لمصر ولكن لأن معظم الدول ،متقدم ،ونامى ،معرضة لذات درجات التخفيض فى جدارتها الاتمانية نتيجة تداعيات حرب لم تكن متوقعة ، ويتعاظم تاثيرها السلبى يومياً ،ولا يخفى على احد منا ان تحسن الاوضاع الاقتصادية فى مصر ودول العالم هو امر مرهون بوقف الحرب الروسية الاوكرانية .

نعود الى تقرير موديز ،حيث نجد ان الوكالة قد ارتأت تخفيض درجة التصنيف السيادي المصرى للعملات الاجنبية والمحلية طويلة الاجل بمقدار درجة واحدة منB2 الىB3 لاول مر منذ عام ٢٠١٣ ، أي منذ عشر سنوات . مع تعديل النظرة المستقبلية الى مستقرة .

وكانت اهم الاسباب التى دعت وكالة موديز الى هدا الخفض بحسب وجهه نظرها ، هى انخفاض الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية ، و إنخفاض معدل السيولة ، وبالتالى انخفاض قدرة الدولة على امتصاص الصدمات الخارجية ، كما اشارت الى ، زيادة صافى مراكز الالتزامات بالنقد الأجنبى.

وحقيقة الامر ان كل تلك الدوافع معروفة ومعلنه ، وهى امور طبيعية ومتوقع حدوثها فى كافة الدول التى عانت وتعانى من صدمتى ( كوفيد والحرب الروسية الاوكرانية ) ، تضافرت تداعياتهما السلبية ، وفقا لظروف كل دولة .

وعلى الجانب الآخر كانت هناك عوامل ذكرتها وكالة موديز فى طيات تقريرها ان هناك دوافع اخرى مطمئنة ومتفائلة ، كان اهمها :

إن سير الحكومة قدما فى برنامج الاصلاح الهيكلي ، وتحوله الى نموذج مستدام لتوليد تدفقات راسمالية مستدامة والعملات الاجنبية غير مرتبطة بالديون ، سوف يساعد على مواجه متطلبات خدمة الدين الخارجى .

التأثير  الايجابى المتوقع من تنفيذ برنامج الطروحات المرتقب ، رغم ان ذلك سوف يحتاج بعض الوقت .

إن الحكومة المصرية تملك القدرة والخبرة لاحداث التوازن الامثل بين معضلات اربعة، هى ارتفاع تكاليف الاقتراض المحلى ، وظروف التشديد فى اسواق راس المال العالمية ، وايضاً احتياجات الدعم الاجتماعى ، واخيراً هدف الحكومة فى تحقيق فوائض فى الموازنة العامة .

كما  اشارت موديز ان تقييمها اخذ فى اعتباره إحتمالات تقلص العجز فى الميزان التجارى ايضا الى ٣٪؜ فى العام المالى ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ بدلا من ٣,٥ ٪؜ فى العام المالى السابق.

ومن جانبنا نوضح ليس فقط انحيازا لبلادى ولكن احقاقا للحق ، هناك الكثير من العوامل الايجابية الاخرى والتى لا تقلل من اهمية المخاوف ونقاط الضعف التى اوردتها وكالة موديز فى تقريرها ، ولكن يتعين على كمحلل للحدث ان نذكرها ومنها على سبيل المثال وليس الحصر :

السياسة النقدية شديدة التقييد والتى تستهدف السيطرة على التضخم وخفضه الى معدلاته المستهدفه، وفى ذات الوقت تجنب احتمالات ظواهر للركود الاقتصادى ، عن طريق دعم قطاعات الصناعة ،والزراعة بالمبادرات الحكومية ، وايضا منح اسعار فائدة مميزة للقطاع العائلى للاحداث التوازن فى جانبى العرض والطلب وزيادة الطلب المشتق .

الجهاز المصرفى المصرى يملك القدرة المالية القوية لمواجه الازمات ، وقد استطاع تدبير كل المبالغ اللازمة لانهاء مشكلة تراكم البضائع والسلع الاستراتيجية التى كانت بالجمارك فى وقت قياسى .

ان التسهيل الممنوح من صندوق النقد الدولى لمدة ٤٦ شهراً بقيمة ثلاث مليارات دولار ، سوف يساعد على علاج الخلل فى عجز ميزان المدفوعات . ويساعد مصر على مواجهة الصدمات الخارجية .

ان الاحتياطى النقدى ،برصيده الحالى رغم الاستخدام الجزئى طبقًاً لوظائفه مازال فى الحدود الآمنه وفقا للمقاييس العالمية ، .كما أنه  ينمو بمعدل ايجابى وان كان بسيطاً خلال الخمس اشهر الماضية .

انتهاج سياسة مرنة لسعر الصرف تضمن وتشجع الاستثمار الاجنبى المباشر ، وتدفق تحويلات المصريين فى الخارج ،وتحول دون نمو ظاهرة الدولرة .

استقرار نمو معظم مصادرنا التقليدية من النقد الأجنبى خاصة السياحة والتصدير وقناة السويس .

أحسنت وكالة موديز ، حينما اختتمت تقريرها موضحة ، بامكانية معاودة رفع التصنيف الإتمانى لمصر ، من خلال العمل على تنفيذ برامج الاصلاح الاقتصادى والهيكلة ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد والاستثمار الاجنبى وتحقيق الاستقرار فى المؤشرات الكلية وخفض الدين العام المحلى والخارجى

 

.للمزيد: موقع التعمير للتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيس بوك التعمير 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى