يتجه الاقتصاد العالمي إلى الدخول في ركود خلال العام 2023، بحسب توقعات الاقتصاديين التي تتزايد أكثر فأكثر وتتجه إلى الإجماع بشأن أداء الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، لكن الجدل في الأوساط الاقتصادية سرعان ما تحول إلى سؤال ما إذا كان الدخول في الركود الاقتصادي سيكون حتمياً أم أنه يوجد احتمالات لتجنبه إذا ما اتخذت السلطات المالية والنقدية إجراءات معينة.
يقول مارك زاندي، وهو كبير الاقتصاديين في “موديز أناليتكس”، قوله إنه “عندما يكون لديك تضخم مرتفع، ويقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة لمكافحته، فإن هذا يؤدي بالضرورة إلى انكماش أو ركود”.
تحذيرات اقتصادية قاتمة من رؤساء البنوك في وول ستريت
وأكد التقرير الذي نشرته شبكة “CNBC” الأميركية واطلعت عليه “العربية نت” أن زاندي ينتمي إلى أقلية من الاقتصاديين الذين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه تجنب الركود عن طريق رفع أسعار الفائدة لفترة محدودة، وهذا يُجنب الاقتصاد سحق النمو.
ورغم ذلك؛ فإن زاندي ذاته لا يزال يُرجح بأن يُصاب الاقتصاد العالمي بما أسماه “حالة الإغماء”، مشيراً الى أن الجميع يتحدث عن الركود وذلك “خلافاً لما كان يحدث في السابق”.
وكان الفدرالي الأميركي ساعد سابقاً في تحفيز الإقراض من خلال خفض أسعار الفائدة إلى الصفر، وعزز سيولة السوق من خلال إضافة تريليونات الدولارات من الأصول إلى ميزانيته العمومية، لكنه عاد ورفع أسعار الفائدة بسرعة من الصفر في مارس الماضي، إلى نطاق من 4.25%، إلى 4.5%، مع أواخر العام 2022.
ويواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن معركة جادة مع التضخم، إذ تشير التوقعات تشير الى زيادات إضافية في أسعار الفائدة لتصل إلى حوالي 5.1% بحلول أوائل 2023، ويتوقع الاقتصاديون أنها قد تحافظ على تلك المعدلات المرتفعة للسيطرة على التضخم.
وقال توم سيمونز، وهو الاقتصادي المتخصص في أسواق المال في “جيفريز” إن الاقتصاد العالمي “يتجه الى ركود كلاسيكي”. وأضاف: “آلية النقل التي سنراها تعمل أولاً في بداية 2023، سنبدأ في رؤية بعض الضغط الهامشي في أرباح الشركات. بمجرد أن يبدأ ذلك في التماسك، سوف يتخذون خطوات لخفض نفقاتهم. المكان الأول الذي سنراه هو تقليل عدد الموظفين. سنرى ذلك بحلول منتصف 2023، وذلك عندما سنشهد تباطؤاً للنمو الاقتصادي بشكل كبير، كما سينخفض التضخم أيضاً”.
وقالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في شركة (KPMG) : “آمل أن تكون موجة الركود القادمة واحدة وقصيرة وضحلة”. وأضافت: “النبأ السار هو أننا يجب أن نكون قادرين على التعافي منه بسرعة. لدينا ميزانيات جيدة، ويمكنك الحصول على رد على معدلات الفائدة المنخفضة بمجرد أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في التيسير. إن حالات الركود التي يسببها بنك الاحتياطي الفيدرالي ليست ركوداً في الميزانية العمومية”.
وتظهر أحدث التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد سينمو بمعدل 0.5% في عام 2023، ولا يتوقع حدوث ركود.
ومن غير الواضح إلى متى سيتمكن صانعو السياسة من الاحتفاظ بأسعار الفائدة عند مستويات عالية. حيث يتوقع المتداولون في سوق العقود الآجلة أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2023. وفي توقعاته الخاصة، يُظهر البنك المركزي تخفيضات في أسعار الفائدة بدءاً من عام 2024.
ويعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتعين عليه التراجع عن معدلات أعلى في مرحلة ما بسبب الركود، لكن سيمونز يتوقع أن يستمر الركود حتى نهاية عام 2024 في فترة ارتفاع الأسعار.
وقال سايمونز: “من الواضح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يقوم بعكس مسار السوق فيما يتعلق بالمعدلات مع تراجع الأمور”. وأضاف: “ما لا يتم تقديره هو أن الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى هذا من أجل الحفاظ على مصداقيته على المدى الطويل فيما يتعلق بالتضخم”.
من جهته يقول زاندي: “في بداية العام، كنا نحصل على 600 ألف وظيفة جديدة شهرياً، والآن نحصل على حوالي 250 ألفاً”. ويضيف: “أعتقد أننا سنشهد 100 ألف ثم العام المقبل سيذهب بشكل أساسي إلى الصفر.. هذا ليس كافياً للتسبب في ركود ولكنه كافٍ لتهدئة سوق العمل”. ويتابع زاندي: “المفارقة هنا أن الجميع يتوقع ركودا”.