أسواق وأعمال

 «الملاذ الآمن»: ارتفاع محدود لأسعار الفضة محليًا وسط تصحيح عالمي حاد بعد رفع الهوامش

سجّل سوق الفضة تحركات متباينة اليوم الأربعاء، حيث شهدت الأسعار المحلية ارتفاعًا محدودًا مقابل ضغوط تصحيحية قوية على المستوى العالمي، بحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن». وأوضح التقرير أن هذا التباين جاء في أعقاب تأثير رفع متطلبات الهامش في بورصة شيكاغو التجارية، وذلك في فترة تميزت بانخفاض السيولة وتعززت فيها تأثيرات المضاربات على الأسعار.

وأظهرت بيانات السوق المحلية أن سعر جرام الفضة عيار 800 بلغ نحو 102 جنيه، بينما سجل عيار 925 حوالي 118 جنيهًا، وعيار 999 وصل إلى نحو 127 جنيهًا. أما سعر جنيه الفضة فقد استقر عند مستوى 944 جنيهًا. وعلى المستوى العالمي، تراجعت أوقية الفضة من 76.31 دولارًا إلى نحو 72 دولارًا للأوقية، في إطار موجة تصحيح بعد صعود استثنائي شهدته الأسعار خلال الفترة الماضية.

وأشار مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة سجلت خلال عام 2025 مكاسب حادة وصلت إلى نحو 148%، مدفوعة بعوامل أساسية قوية مثل زيادة الطلب الصناعي والاستثماري. غير أن هذا الارتفاع القياسي شهد تصحيحًا عنيفًا، إذ أجبرت زيادات الهوامش المتداولين على تصفية مراكزهم، مما أدى إلى أكبر هبوط يومي للفضة منذ سبتمبر 2020، حيث انخفضت الأسعار بنسبة 11% بعد ساعات من وصولها إلى مستوى قياسي عند 84.01 دولارًا للأوقية. وجاءت عمليات جني الأرباح بعد دخول كل من الذهب والفضة مناطق تشبع شرائي واضحة بنهاية العام.

رفع الهوامش وتأثيره على الأسواق

وكان العامل المباشر وراء موجة التصحيح هو قرار بورصة شيكاغو التجاري رفع متطلبات الهامش على عقود الفضة الآجلة اعتبارًا من 29 ديسمبر. حيث ارتفع الهامش الأولي لعقود مارس 2026 إلى 25 ألف دولار للعقد الواحد، ما دفع شريحة واسعة من المتداولين محدودي السيولة إلى الخروج القسري من السوق أو مواجهة التصفية التلقائية. ويرى المحللون أن رفع متطلبات الهامش يؤدي إلى ضرورة ضخ سيولة إضافية من قبل المتداولين للحفاظ على مراكزهم، وفي حال العجز عن ذلك، تُغلق المراكز بشكل قسري، ما يزيد من الضغوط البيعية على الأسعار.

وبررت بورصة شيكاغو هذه الخطوة بأنها تهدف إلى مواءمة الهوامش مع مستويات التقلب المرتفعة في السوق، بينما يرى بعض المحللين أن هذه الإجراءات تأتي في إطار محاولة احتواء سوق اتسمت فيه المضاربات بشكل مفرط. وفي هذا السياق، أشار مايكل هايج، رئيس أبحاث العقود الآجلة والسلع في بنك سوسيتيه جنرال، إلى أن ضعف السيولة في نهاية العام يجعل حتى الأوامر الاعتيادية قادرة على إحداث تحركات سعرية كبيرة.

الطلب الصيني وعلاوات تاريخية

ويأتي تصحيح الأسعار في وقت بلغ فيه الطلب الاستثماري على الفضة في الصين ذروته، حيث ارتفعت علاوات الفضة الفورية في بورصة شنجهاي لأكثر من 8 دولارات للأوقية فوق أسعار لندن في 24 ديسمبر، وهو أعلى فارق تسجله الأسواق تاريخيًا. وقد دفع هذا الارتفاع المستثمرين نحو اقتناء المعدن الفعلي وسط قيود متزايدة على المعروض. وأغلقت بورصة شنجهاي للذهب عند مستوى 78.49 دولارًا للأوقية، أي أعلى بنحو 7 دولارات مقارنة بعقود كومكس الآجلة.

وقدّر تقرير سوسيتيه جنرال أن قيود التصدير الصينية المحتملة، والتي ستبدأ من الأول من يناير، قد تؤدي إلى تراجع الصادرات بما يقارب 30%، ما يزيد من العجز العالمي الحالي الذي يتراوح بين 200 و230 مليون أوقية. كما حذّر التقرير من أن أي إجراءات تنظيمية محتملة في الولايات المتحدة، خصوصًا إذا صُنفت الفضة كعنصر ذي أهمية للأمن القومي، قد تزيد من شح المعروض، في وقت تُتداول فيه الفضة المادية بعلاوات تتراوح بين 10% و15% في عدد من الأسواق الرئيسية.

الطلب الصناعي ودور الفضة في التكنولوجيا الحديثة

وتستهلك الصين أكثر من نصف الإنتاج العالمي من الفضة الصناعية، خاصة في قطاعات الطاقة الشمسية، والمركبات الكهربائية، والإلكترونيات. ويحتاج إنتاج السيارات الكهربائية إلى كميات كبيرة من الفضة، لا سيما في أنظمة الطاقة والبنية التحتية للشحن، ما يساهم في تضييق المعروض وزيادة الضغوط على السوق.

ومن الناحية الفنية، أشار التقرير إلى أن التصحيح كان متوقعًا، بعد أن ظل مؤشر القوة النسبية للفضة (RSI) أعلى من مستوى 70 لفترة طويلة، وهو ما يعكس حالة تشبع شرائي واضحة، كما شهد الذهب وضعًا مشابهًا قبل تراجعه الحاد مطلع الأسبوع. وقد ارتفعت الفضة بأكثر من 25% منذ منتصف ديسمبر، متجاوزة مستويات الستينات وصولًا إلى 84 دولارًا للأوقية، ما أدى إلى عمليات تصحيح حاد لجني الأرباح.

ملخص عام لعام 2025

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن عام 2025 كان عامًا استثنائيًا للذهب والفضة، مدعومًا بتصاعد التوترات الجيوسياسية، واستخدامهما كأدوات تحوط ضد التضخم، إلى جانب ضعف الدولار الأمريكي وتوقعات خفض أسعار الفائدة. كما أشار التقرير إلى تحذيرات إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، بشأن القيود الصينية المحتملة على صادرات الفضة، مؤكدًا أن هذه القيود قد يكون لها تأثير سلبي واسع نظرًا للدور المحوري للمعدن في صناعات الإلكترونيات، والطاقة الشمسية، والمركبات الكهربائية، ومراكز البيانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى