الذكاء الاصطناعي يطلق “جيوش” المحتالين.. خبراء الأمن السيبراني يحذرون من هجمات التزييف العميق والديدان الذكية

ناقشت جلسة العمل الخاصة بـ«الذكاء الاصطناعي + الأمن السيبراني: استخدام الذكاء الاصطناعي للدفاع ضد الهجمات المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي» ضمن فعاليات معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2025، التحولات الجذرية التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في مشهد الهجمات الإلكترونية على مستوى العالم.
وشدد خبراء الأمن السيبراني المشاركون في الجلسة على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح عنصراً محورياً في بناء الهجمات الرقمية الحديثة، حيث تجاوزت قدرة المهاجمين حدود الأدوات التقليدية وقيود المكان والزمان، ما يتطلب من المؤسسات تبني حلول دفاعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على أن الثقة البشرية تبقى خط الدفاع الأخير، خاصة في ظل انتشار تقنيات التزييف العميق (Deepfake).
الهجمات التفاعلية وتقنيات التزييف
وقال أحمد علاء، مدير فرع شركة تريند مايكرو في مصر، إن طبيعة الهجمات السيبرانية تغيرت بشكل جذري مع دخول الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الأساليب التقليدية لم تعد كافية، وأن المهاجمين أصبحوا قادرين على استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجمات أكثر دقة وتعقيداً. وأوضح أن المهام اليومية البسيطة مثل كتابة البريد الإلكتروني أو إعداد الملفات المالية أصبحت تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمكّن المهاجمين من تطوير رسائل تصيّد احترافية للغاية.
وأضاف علاء أن الهجمات الرقمية لم تعد مرتبطة بمكان محدد، بل يمكن تنفيذها من أي نقطة في العالم، مستفيداً من تقنيات مثل الـDeepfake في انتحال الأصوات وإجراء اجتماعات افتراضية يصعب التمييز بينها وبين الحقيقة. وأكد أن الهجمات أصبحت تفاعلية بشكل كامل، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي الرد لحظياً على الضحية وإيهامها بأنها تتعامل مع شخص حقيقي. وأشار إلى أن شركات الأمن بدأت بدورها بدمج وحدات ذكاء اصطناعي ضمن حلولها للتنبؤ بالهجمات وتحليل السلوك قبل وقوع الاختراق، مع التحذير من انتشار أدوات مجهولة المصدر قد تحتوي على أبواب خلفية تهدد خصوصية المؤسسات والأفراد.
ظهور “ديدان الذكاء الاصطناعي”
من جانبه، حذّر إسلام أحمد، مدير تطوير الأعمال لمصر وشرق إفريقيا بشركة Group-IB، من استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع لإنتاج محتوى مزيف عالي الدقة يُستخدم في تضليل المستخدمين وتنفيذ هجمات أكثر تعقيداً. وأوضح أن تقنيات الـDeepfake، التي بدأت كأداة ترفيهية، تحولت الآن إلى وسيلة لانتحال شخصيات مسؤولة وطلب تحويلات مالية أو تمرير قرارات حساسة.
وأشار إسلام إلى ظهور جيل جديد من الهجمات يُعرف بـ”AI Worms”، وهي برمجيات خبيثة تتكيف تلقائياً مع البيئة المستهدفة دون الحاجة إلى خادم مركزي، ما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة. وأكد أن الإشكالية الأساسية اليوم تكمن في الثقة، إذ لم يعد بالإمكان التحقق بسهولة مما يُسمع أو يُرى على الإنترنت، في ظل قدرة المهاجمين على إنشاء رسائل وروابط وبيئات تفاعلية تبدو طبيعية بالكامل.
الاستطلاع واختراق الأنظمة في ثوانٍ
وأوضح كريم شيبة، رئيس فريق هندسة الأنظمة وخبير أول بشركة فورتينت، أن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة في مرحلتي الاستطلاع والحصول على بيانات الدخول، حيث أصبح المهاجم قادراً على إجراء تحليل شامل للهدف خلال ثوانٍ باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات OSINT، مما يمكنه من استهداف نقاط الضعف بدقة عالية. وأكد أن الدفاعات التقليدية لم تعد كافية، وأن المؤسسات بحاجة إلى أدوات تحليل تعتمد على الذكاء الاصطناعي لفحص صورتها الرقمية الخارجية تماماً كما يراها المهاجم.
وأشار وائل محمد، مهندس أول في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات بشركة Cyshield، إلى أن جيل الهجمات الحالي لم يعد يعتمد على أنماط ثابتة يسهل اكتشافها، بل يستخدم تقنيات متقدمة مثل التوليد الآلي، التخفي متعدد الأشكال، والتعلم السياقي، لتصبح الهجمات قادرة على محاكاة سلوك البشر والتطور باستمرار، ما يجعل أدوات الحماية التقليدية عاجزة عن التصدي لها.
الذكاء البشري وخط الدفاع الأخير
واختتم محمد عبد العزيز، خبير أول في الحلول التقنية بشركة Dell Technologies، الجلسة بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي أصبح لاعباً أساسياً في الهجمات الدفاعية والهجومية على حد سواء، لكنه حذر من الاعتماد الكلي عليه دون رقابة بشرية. وأوضح أن المرحلة الأكثر حساسية في الهجمات هي مرحلة الاستطلاع، حيث يمكن للمهاجم رسم صورة دقيقة للبنية الرقمية لأي مؤسسة بسرعة كبيرة، مما يمنحه أفضلية منذ اللحظة الأولى. وأكد عبد العزيز أن التسجيلات الصوتية والصور المزوّرة قد تجعل المستخدم العادي أكثر عرضة للخداع، مشدداً على أن الذكاء الاصطناعي في الدفاع ضرورة، لكنه لا يغني عن التدخل البشري.
معرض Cairo ICT 2025
يُقام معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر 2025، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، تحت شعار “الذكاء الاصطناعي في كل مكان AI Everywhere”، في مركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، بمشاركة أكثر من 500 عارض.
ويضم الحدث خمس فعاليات كبرى تشمل: PAFIX للمدفوعات الرقمية والشمول المالي، AIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، Connecta للشباب والترفيه الرقمي، Innovation Arena للإبداع، وCyber Zone للأمن السيبراني، وتقام لأول مرة داخل موقعين بالمعرض. ويشارك في الحدث جهات حكومية ومؤسسات كبرى مثل وزارة الاتصالات، البنك المركزي المصري، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، هيئة ITIDA، البريد المصري، الهيئة العربية للتصنيع، وجهاز مستقبل مصر كضيف شرف.
ويرعى المعرض هذا العام عدد من الشركات الكبرى مثل دل تكنولوجيز، إي فاينانس، WB Engineers+Consultants، البنك التجاري الدولي CIB، هواوي، أورنج مصر، مصر للطيران، إجيبت تراست، ماستركارد، ميدار، فورتينت، سيلزفورس، مجموعة بنية، خزنة، البنك الأهلي المصري، البنك العربي الأفريقي الدولي، بنك الإسكندرية، مجموعة شاكر، ICT Misr، IoT Misr، نتورك إنترناشيونال، وMeinhardt






