
كشف تقرير صادر عن بنك ستاندرد تشارترد تحت عنوان “الصيرفة الإسلامية للشركات: آفاق جديدة للنمو والاستثمار”، أن التمويل الإسلامي يشهد توسعاً متسارعاً حول العالم، حيث تحوّل من قطاع متخصص محدود النطاق إلى ركيزة رئيسية في المنظومة المالية العالمية، تمتد عبر أكثر من 80 دولة، بإجمالي أصول تتجاوز 5 تريليون دولار أمريكي.
وأوضح التقرير أن هذا النمو الكبير لم يمنع استمرار بعض الالتباسات المفاهيمية المتعلقة بطبيعة التمويل الإسلامي ومبادئه وهياكله وآلياته، وهو ما يشكّل تحدياً أمام القيادات المؤسسية الراغبة في دخول هذا المجال أو الاستثمار فيه، حيث أشار إلى أن 65% من الشركات المهتمة بالحلول المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية تفتقر إلى المعرفة الكافية أو الخبرة العملية في هذا القطاع.
وأضاف التقرير أن محدودية الإلمام بمنتجات التمويل الإسلامي تمثل عاملاً رئيسياً يحد من قدرة الشركات على الاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة التي يوفرها هذا القطاع، إذ تبلغ قيمة الأصول الإسلامية العالمية نحو 5.5 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 7.5 تريليون دولار بحلول عام 2028. كما أوضح التقرير أن عدد الشركات المصدّرة للصكوك قد تضاعف تقريباً منذ عام 2020، مما أدى إلى زيادة حجم الإصدارات بنسبة 38% ليصل إلى 58.8 مليار دولار في عام 2024.
وفي هذا السياق، قال خورام هلال، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخدمات المالية الإسلامية في بنك ستاندرد تشارترد: “لقد أصبح التمويل الإسلامي أحد أسرع مصادر رأس المال نمواً على مستوى العالم، لكن مستوى الوعي المؤسسي به لم يواكب بعد وتيرة هذا النمو بالشكل المطلوب. الشركات التي تبادر إلى تطوير قدراتها في هذا المجال ستتمكن من النفاذ إلى أسواق رأسمالية متخصصة تتجاوز أصولها التريليونات من الدولارات، والاستفادة من تسعير تفضيلي في الأسواق ذات الإقبال المرتفع، إلى جانب الحوافز الحكومية المتاحة في الاقتصادات سريعة النمو. كما ستتمكن هذه الشركات من الوصول إلى رؤوس الأموال الموجّهة نحو الاستثمارات المستدامة، التي تدمج مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في بنيتها. إن هذه الفجوة المعرفية تمثل عائقاً مكلفاً يؤدي إلى ضياع فرص اقتصادية واعدة”.
وأشار التقرير إلى أن مبادئ التمويل الإسلامي تتقاطع بشكل وثيق مع أطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG)، حيث ترتكز كلتاهما على مبادئ الشفافية والعدالة والمسؤولية البيئية، موضحاً أن عام 2024 شهد ارتفاعاً كبيراً في الإقبال على الصكوك المستدامة، إذ تجاوزت نسبة تغطية إصداراتها 4.3 مرات في المتوسط، مقارنة بـ 3.1 مرات للصكوك التقليدية، وهو ما يعكس تنامي اهتمام المستثمرين بالأدوات المالية التي تجمع بين الامتثال للشريعة الإسلامية ومتطلبات الاستدامة البيئية.
كما أكد التقرير أن الابتكار الرقمي يواصل تعزيز هذا الزخم، إذ من المتوقع أن تسهم الصكوك المرمّزة وتقنيات البلوك تشين وأدوات الامتثال الشرعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي في إحداث تحول نوعي في آليات جمع وإدارة رأس المال، من خلال خفض تكاليف الإصدار وتعزيز الشفافية والحوكمة عبر الحدود بكفاءة أكبر.
ولفت التقرير إلى أن التمويل الإسلامي أصبح مدخلاً استراتيجياً للأسواق التجارية العالمية، خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وأفريقيا، حيث تمثل الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ضرورة اقتصادية أو اتجاهاً متسارع النمو. كما يُعد التمويل الإسلامي ركيزة أساسية لما يُعرف بـ “ممر التجارة بين دول الجنوب”، الذي يربط هذه المناطق بتدفقات تجارية تتجاوز 5.7 تريليون دولار أمريكي، أي ما يعادل ربع حجم التجارة العالمية، مما يبرز دوره المتزايد في إعادة تشكيل خريطة التجارة والاستثمار العالمية.
وأشار التقرير كذلك إلى أن اقتصادات الحلال تمثل فرصة سوقية ضخمة تقدر بنحو 2.2 تريليون دولار أمريكي، حيث تستفيد الشركات العاملة في الأسواق ذات الأغلبية المسلمة بشكل متزايد من حلول التمويل التجاري الإسلامي وسلاسل الإمداد المتوافقة مع الشريعة، من خلال مبادرات مثل Halal360 التي أطلقها بنك ستاندرد تشارترد صادق، إلى جانب شبكات التمويل التجاري الإسلامي التي تشهد توسعاً سريعاً.
ويُعد بنك ستاندرد تشارترد البنك الدولي الوحيد الذي يمتلك منصة صيرفة إسلامية عالمية، حيث يقدم خدماته لعملائه في أكثر من 30 سوقاً عبر ستاندرد تشارترد “صادق”، وقد أدار البنك عمليات تمويل إسلامي تجاوزت 200 مليار دولار أمريكي شملت إصدارات الصكوك والتمويل التجاري المهيكل والتمويل المستدام، مما يعزز مكانته كمؤسسة مالية رائدة تجمع بين الخبرة العالمية والالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية.







