في نهاية كتابى “بهجة السينما” كتبت الآتي : المتفرج يغوص في الفيلم، فكأنه لا يشاهد، لا يتفرج من الصالة على الشاشة الفضية البعيدة عنه، لا..
بل هو خلال العرض يندمج فيصير البطل/البطلة، وبدون أن يدري يتشرب من عطاءات الفيلم المقصودة وغير المقصودة، وهنا تكمن خطورة الفنون عمومًا، والسينما خصوصًا بصفتها الأكثر انتشارًا وتأثيرًا؛ لذلك تنقسم الأفلام لنوعين: نوع يبث الإيجابية الخيرية التي تعالج النفوس الإنسانية من الأكسدة النفسية التي تؤدي للاكتئاب، ونوع يبث السلبية الشريرة التي تُمرض النفوس الإنسانية.
النوع الخير كتاب السيناريو فيه والمخرجين وغيرهم، هم أصلًا من البشر المحبين للبشر عامة، هم رسل محبة وتعارف إنساني عن طريق فنهم السينمائي، أما النوع السلبي الشرير، فهنا لعبة الخبثاء، ليسوا تحديدًا كتاب السيناريو والمخرجين وغيرهم، رغم أن بعضهم خبيث بالسليقة ويكتب ليؤثر شرًا.
أساس لعبة الخباثة مصدرها بعض المؤسسات بالغة الذكاء الشرير، فهي تضع مشاهدًا وجُملًا مع تكرارها بأكثر من طريقة، بحيث تؤثر على المدى الطويل، وتسحب المشاهدين ليفكروا ويتصرفوا كما خطت تلك المؤسسات التي تمولها جهات حكومية، من بينها أجهزة المخابرات والهيئات ذات التوجه العنصري أو الفكري المتطرف عامة. ولا أقول أن هدف هذه الأفلام هي الشعوب الخارجية دائمًا، بل أحيانًا ما يكون المستهدف هو الشعب نفسه التابع لهذه الحكومات والمؤسسات.
السينما الإيجابية تلك التي تفن فنًا يعرف بالآخر، وتقرب نوعيات البشر من بعضها. السينما السلبية تفعل العكس.. تبث القلق من الآخر والكراهية.
وهنا نضطر للقول أن السينما من أهم وأخطر وأخبث أسلحة الحرب الباردة، وقد استغلها الغرب استغلالًا رهيبًا في اختراق كتلة الاتحاد السوفييتي، وأيضًا اختراق العالم الثالث ليسحبهم إليه ويكرههم في الاتحاد السوفييتي.