منوعات

د. صابر أبوحامد يكتب : المرأة بين الجبروت والوداد

المرأة بين الجبروت والوداد.. النوع الأول ـ وهو قليل لا يكاد يوجد بين المؤمنات ـ يمثله ما يحكيه هذا الرجل الذي حدث خلاف بينه ، وبين امرأته :

خاصمتها إثر ذنبٍ في المسا حصلا
ورحـتُ دونَ وداعٍ أقـصدُ الـعَمَـلا
وفي الظهيرةِ عُدتُ البيت مُكتئِبا
وصلتُ لكنْ سرور الروحِ ما وصلا
رأيتـها عـنـدَ فـتحِ البـاب بـاكيةً
ودمعُـها أغـرقَ الخدّينَ والـمُقلا
عـانقتها عندَ ظني أنـها ندِمـت
وصرتُ أسردُ في توصيفها غزلا
يا أقرب الناس مِن قلبي كفى ألمًا
فدمـعُ عينيكِ لـولا الـحبّ مـا نـزلا
ففـارقتني وقـالت : لـم يـكُن ألـمًا
بـل كنتُ أقطعُ بالسكّـينةِ الـبَصَلا

ومثل هذه المرأة أمَرَ الإسلام بحسن معاملتها ، وكسب رضاها ، وحسن التودد لها ، ويعجبني في شأنها قول “الغزالي” في “إحياء علوم الدين” : “واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها ، بل احتمال الأذى منها ، والحلم عن طيشها وغضبها … ومن آداب المعاشرة أن يزيد على احتمال الأذى منها بالمداعبة والمزح والملاعبة ، فهي التي تطيب قلوب النساء”
وقد أحسن زوج هذه المرأة حين ردّ عليها بقوله :

مهـلًا فدمعُـكِ غـالٍ يجـرحُ الـمُقَـلا
حتّى ولو سال من تقْطيعِكِ البصلا
أنتِ التي في حنايا الكونِ مُلْهِمتي
أنتِ التي تبعثيـن الـحبَّ والأمـلا
لا زلتِ عِشـقًا يداويني إذا طَفِقَتْ
مصائبُ الدهرِ ترمي حوليَ الأسَلا
[ المقصود بـ “الأَسَل” الأشواك والرماح]
ما أعذبَ الكونَ في عينِي وأنتِ بِهِ
لولاكِ ما راقَ في روحي وما جَمُلا

والنوع الآخر ـ وهو والحمد لله كثير بين النساء اللاتي رباهنّ الإسلام ـ ويمثله من أخبر الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهن المؤهلات لدخول المُؤَهَّلات لدخول الجنَّة رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء ، فقال عليه الصلاة والسلام ـ :

“ألا أُخْبِرُكُمْ بِرِجَالِكُمْ مِن أهلِ الجنة ؟
النبيُّ في الجنة ، والصِّدِّيقُ في الجنة ، والشهيدُ في الجنة ، والمولود في الجنة ، والرجلُ يزورُ أخاهُ في ناحيةِ المِصْرِ لا يزورُهُ إلَّا للهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ

ونِساؤُكُمْ من أهلِ الجنةِ الوَدُودُ الوَلودُ العؤودُ على زوجِها ، التي إذا غَضِبَ جاءتْ حتى تَضَعَ يَدَها في يَدِ زَوْجِها، وتقولُ : لا أَذُوقُ غَمْضًا حتى تَرْضَى”
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى