أعلن البنك العربى الافريقى الدولى عن إصدار أول تقرير عن مصر في مجال التجارة العالمية، وعمل البنك بجد لإخراج هذا التقرير التاريخي إلى حيز الوجود، حيث قدم رؤى قيمة حول المشهد التجاري في مصر، وكشف عن التحديات الرئيسية والفرص المحتملة للنمو في أعمالنا التجارية. ويقدم التقرير خلفية عن بيئة التجارة الحالية ويقدم نتائج قابلة للتنفيذ يمكن أن تساعد الشركات على التنقل والازدهار في هذه السوق الديناميكية. وأشار إلى أنه يعتقد أن هذا التقرير سيكون بمثابة مورد أساسي لأصحاب المصلحة الذين يهدفون إلى تعزيز فهمهم لفرص التجارة في مصر.
وجاء نص التقرير:
يتطور المشهد التجاري في مصر بسرعة، مدفوعًا بالتحولات الاستراتيجية والحلول المبتكرة. يقدم فريق البنك العربي الأفريقي الدولي رؤى حول كيفية تحفيز انخفاض قيمة الجنيه ونقص العملات الأجنبية للمرونة والقدرة على التكيف بين الشركات، وتعزيز التنويع وتعزيز الاقتصاد الوطني.
ويشهد المشهد التجاري في مصر تحولًا ديناميكيًا، يتسم بتحولات استراتيجية وحلول مبتكرة لمواجهة التحديات القائمة. وفي حين واجهت البلاد عجزًا تجاريًا مستمرًا بسبب اعتمادها على الواردات وقاعدة التصدير الضيقة نسبيًا، تشير التطورات الأخيرة إلى مسار واعد نحو بيئة تجارية أكثر توازناً ومرونة.
وقد شكل انخفاض قيمة الجنيه المصري وفترات نقص العملات الأجنبية تحديات، ولكنها حفزت أيضًا على استجابات مبتكرة من كل من الحكومة والقطاع الخاص. وقد أعطت البنوك الأولوية بشكل استراتيجي لتخصيص العملات الأجنبية للسلع الأساسية والمواد الخام للإنتاج، وتعزيز قدرات الإنتاج المحلي ودعم سلاسل التوريد.
وأظهرت الشركات المصرية قدرة ملحوظة على التكيف في مواجهة هذه التحديات. وتقوم الشركات التي تركز تقليديا على الاستيراد الآن بتنويع عملياتها لتشمل أنشطة التصدير والتجارة، مما يولد تدفقات قيمة من العملات الأجنبية لدعم عملياتها التجارية الأساسية. ولا يؤدي هذا التنويع إلى تعزيز الشركات الفردية فحسب، بل يساهم أيضًا في بناء اقتصاد وطني أكثر قوة وتنوعًا.
وقد ظهرت حلول مالية مبتكرة لتسهيل التجارة وتخفيف المخاطر. على سبيل المثال، زود هيكل الاستخدام المدفوع عند الاطلاع (UPAS) الخاص بالبنك العربي الأفريقي الدولي الشركات بأدوات فعالة لضمان شراء المدخلات الأساسية في الوقت المناسب وتخفيف الضغط على موارد العملات الأجنبية.
ورغم استمرار التحديات الهيكلية، فإن التدابير الاستباقية التي اتخذها مختلف أصحاب المصلحة تشير إلى الالتزام بمعالجة هذه القضايا. ويجري تنفيذ الاستثمار المستمر في القطاعات الموجهة للتصدير، وتطوير البنية التحتية، وإصلاحات تيسير التجارة، مما يمهد الطريق لنمو مستدام وشامل تقوده التجارة.
وبشكل عام، يشهد المشهد التجاري في مصر تطورًا، مع التركيز المتزايد على التنويع والابتكار والمرونة. ورغم استمرار التحديات، فإن النهج الاستباقي الذي تتبناه الشركات والمؤسسات المالية والحكومة يشير إلى توقعات إيجابية لمستقبل التجارة في مصر.
الفرص:
إن عضوية مصر في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA) ستغير قواعد اللعبة، حيث تفتح الوصول إلى سوق واسعة تضم 1.3 مليار شخص وناتج محلي إجمالي مجمع يبلغ 3.4 تريليون دولار أمريكي. ويمثل هذا فرصة غير مسبوقة للشركات المصرية لتوسيع نطاق وصولها وتنويع منتجاتها والاستفادة من مصادر جديدة للنمو. إن تركيز الاتفاقية على إلغاء التعريفات الجمركية وتقليل الحواجز غير الجمركية يخلق بيئة أكثر ملاءمة للتجارة، مما يسمح للشركات المصرية بالمنافسة بشكل أكثر فعالية على الساحة القارية.
علاوة على ذلك، فإن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر على مفترق الطرق بين أفريقيا وأوروبا وآسيا يجعلها مركزًا مثاليًا لإعادة التصدير. ومن خلال الاستفادة من موانئها وبنيتها التحتية اللوجستية المتطورة، تستطيع مصر تسهيل تدفق البضائع بين هذه المناطق. ويمكن للمصدرين الأوروبيين والآسيويين الاستفادة من مصر كبوابة للسوق الأفريقية، في حين يمكن للشركات الأفريقية الاستفادة من سهولة الوصول إلى السلع من القارات الأخرى. يمكن أن تؤدي إمكانات إعادة التصدير هذه إلى تعزيز حجم التجارة المصرية بشكل كبير، وتوليد الإيرادات وخلق فرص العمل.
ويشكل ظهور منصات تمويل سلسلة التوريد الرقمية عبر الحدود بين البلدان الأفريقية، بدعم من بنوك التنمية المتعددة الأطراف، تطورا واعدا آخر. تعمل هذه المنصات على تبسيط عمليات تمويل التجارة، مما يجعل حصول الشركات على الائتمان أسهل وأقل تكلفة. وهذا مفيد بشكل رئيسي للمصدرين المصريين، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي غالبا ما تواجه تحديات في تأمين التمويل الكافي. ومن خلال الاستفادة من هذه المنصات، يمكن للشركات المصرية فتح فرص نمو جديدة وتوسيع تواجدها في الأسواق الإقليمية والعالمية.
كما أن انضمام مصر مؤخرا إلى كتلة البريكس يوفر سبلا جديدة لتنويع التجارة. ومن خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع هذه الاقتصادات الناشئة، تستطيع مصر تقليل اعتمادها على الأسواق التقليدية والوصول إلى مجموعة واسعة من السلع والخدمات بتكاليف أقل. بالإضافة إلى ذلك، يوفر بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس مصدرًا بديلاً لتمويل مشروعات التنمية والتجارة، مما يعزز مرونة الاقتصاد المصري. وهذا التنويع في الشركاء التجاريين ومصادر التمويل يمكن أن يوفر حاجزا ضد الصدمات الاقتصادية العالمية ويساهم في تحقيق النمو المستدام على المدى الطويل.
وأخيرًا، يمكن لاحتمال التخفيض الجزئي للدولار في الاقتصاد المصري أن يخفف من المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار الصرف وربما يقلل تكاليف الاستيراد. ومن خلال تنويع احتياطياتها من العملات واستخدام العملات البديلة مثل اليوان الصيني أو الروبية الهندية، تستطيع مصر تعزيز استقرارها المالي واكتساب مرونة أكبر في علاقاتها التجارية.
التحديات:
وعلى الرغم من هذه الفرص، تواجه مصر تحديات كبيرة في تعظيم إمكاناتها التجارية. ومن أهم هذه العوامل سوء حالة البنية التحتية في جميع أنحاء أفريقيا، مما يعيق حركة البضائع ويزيد من تكاليف التجارة. وهذا لا يحد من القدرة التنافسية للصادرات المصرية فحسب، بل يعيق أيضًا التحقيق الكامل لفوائد منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. ويتطلب التصدي لهذا التحدي استثمارات كبيرة في تطوير البنية الأساسية، على المستويين المحلي والإقليمي، لتسهيل التدفقات التجارية والحد من الاختناقات اللوجستية.
وهناك عقبة رئيسية أخرى تتمثل في غياب وكالة ائتمان الصادرات المصرية والتمويل المدعوم من وكالة ائتمان التصدير. وهذا يحد من توافر التمويل التجاري بأسعار معقولة للمصدرين، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويحد من قدرة مصر على تقديم شروط ائتمانية تنافسية للمشترين المحتملين. إن إنشاء وكالة ائتمان الصادرات وتوفير تمويل وتأمين الصادرات يمكن أن يعزز بشكل كبير قدرة مصر التصديرية وقدرتها التنافسية في الأسواق الدولية
ويشكل عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة والتقلبات في أسعار الطاقة مخاطر إضافية. وتعطل الصراعات والاضطرابات السياسية سلاسل التوريد وتمنع المستثمرين الأجانب، في حين يؤثر التقلب في أسعار الطاقة بشكل مباشر على فاتورة الواردات وتكاليف الإنتاج في مصر. ويتطلب تخفيف هذه المخاطر اتباع نهج استباقي في حل الصراعات، والتعاون الإقليمي، وتنويع مصادر الطاقة.
في الختام، يتميز المشهد التجاري في مصر بفرص كبيرة وتحديات هائلة. ومن خلال التنقل الاستراتيجي بين هذه الديناميكيات، والاستثمار في البنية التحتية، وإنشاء وكالة ائتمان الصادرات، وتخفيف المخاطر الجيوسياسية، تستطيع مصر إطلاق العنان لإمكاناتها التجارية الكاملة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في السوق العالمية.