في ١٧ فبراير عام ٢٠٠٦ تم الإعلان عن أنفلونزا الطيور في مصر، وقتها كنت مديرا لمشروع في قطاع التسمين بشركة الدقهلية للدواجن.
وكانت مصر قبل أنفلونزا الطيور تملك اكتفاء ذاتيا من الدواجن ويتم تصدير الفائض للخارج، ولكن بعد هذا الإعلان وانتشار الفيروس وما صحب ذلك من هلع إعلامي ومجتمعي، تم إعدام الكثير من القطعان المنتجة في معظم قطاعات الدواجن، سواء أكانت دجاج تسمين أو بياض أو أمهات، ودخول الكثير من اللقاحات الجيدة والغير جيدة من دول مختلفة لصناعة الدواجن، وتربح مستوردو اللقاحات، وتلاهم مستوردو الدواجن، بعدما تم تدمير الصناعة وتشريد الملايين ممن يتكسبون منها في كل حلقات التربية والإنتاج، وبعد مرور سنوات من العمل تعافت تلك الصناعة وعادت كسابق عهدها داعمة للأمن الغذائي للشعب المصري من اللحوم البيضاء والبيض، وبدأ التصدير يتطلع للأسواق الخارجية.
لكننا اليوم نشهد تكرارا للمأسأة بفعل عوامل كثيرة، أهمها سوء التخطيط لمثل تلك الكوارث التي أعقبت الحرب الأوكرانية، فصرنا نعتمد على استيراد كل مدخلات الإنتاج بداية من السلالات ومواد الأعلاف واللقاحات، دون وجود خطة لتوطين تلك الأشياء في بلادنا لتوفير العملة الصعبة.
وها نحن اليوم ندمر تلك الصناعة العريقة التي تجاوزت نصف قرن توالت عليها أجيال وخبرات كثيرة من أبناء المجال، ينتشرون في مصر وخارجها، فتوقف دخول الأعلاف وعلى إثره يتم إعدام القطعان وتوقف لكل شئ لنعود لعام ٢٠٠٦ دولة تعتمد على استيراد الدجاج المجمد وغيره من دول خارجية، ويتم تشريد الملايين، وترتفع الأسعار، ويتحكم مافيا الإستيراد في قوت الشعب ويضعون سيوفهم على عنقه، وها هي اليوم أمارة ذلك بالإعلان عن فتح الاستيراد للدجاج المجمد وغيره، ( بالدولار) في حين توقفت الأعلاف لعدم توفر (الدولار).