منوعات

«التقوى الفردية» .. كتاب ألمانى يناقش التغيرات الدينية فى العالم الإسلامى

صدر_حديثًا كتاب  التقوى الفردية (أو اللاتقوى): ديناميكيات التغير (الديني) في «العالم الاسلامي»، وهو من تأليف: الدكتور رومان لويماير، وتم نشره بمطبعة جامعة جوتنجن، ألمانيا.

والدكتور رومان لويماير هو أستاذ علوم الإسلام في جامعة جورج أغسطس غوتنغن، معهد الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، ومتخصص في المجتمعات الإسلامية المعاصرة.

وبحسب تعريف الباحث خالد وحش للكتاب :  فإن هذا النص انبثق عن طلب مشروع بحثي عنوانه «التقوى الفردية، الإسلام اليومي والمظاهر الجديدة للتدين الإسلامي: تأثيرها في الديناميكيات الاجتماعية والسياسية المعاصرة».
وقال الباحث : كيف تبلورت فكرة مشروع بحث يتعلق بهذا الموضوع ؟

وأجاب : أول ما يمكن الإشارة إليه هي: المقابلات الشخصية أصدقاء وزملاء من دول المنطقة صرحوا لي خلال لقاءات خاصة قائلين « رومان، أعرف أنك تبحث في مجال الحركات الإصلاحية في المجتمعات المسلمة وهذا مبحث مهم و لكن بصراحة، شخصيا لا يهمني الذين » أو « حسنا، أنا تونسي ( تانزاني أو مصري ، إلخ ) مسلم ولكن الدين بالنسبة لي هي مسألة شخصية وكيف أعيش الدين أو لا أعيشه هي مسألة لا تعني أحدا ».

محادثات من هذا النوع دفعتني في نهاية الأمر إلى التفكير في مشروع بحثي يهتم بالأشخاص الذين يمثلون تعارضا مع الأصوات و الحركات الإسلاموية. في الحقيقة أصبح من الممكن اليوم ( كما في التاريخ ) ملاحظة عدد من الاتجاهات الدينية ( و اللادينية ) المختلفة في « العالم الاسلامي » وهي تحاول أن تجد لنفسها طريقا مستقلا.

وبعيدا عن « التحدي الاسلاموي » وذلك في ظل حاضر متغير باستمرار. الاتجاهات الحديثة لها قاسم مشترك وهو كونها تعتبر التقوى ( و اللاتقوى ) و كذلك « الديني » ( das Religiose ) مسألة فردية صرفة. و اعتمادا على تجربتنا البحثية على أرض الواقع و بمرور الوقت انتقل تركيزنا البحثي من دراسة « التقوى الخاصة » ( و اللاتقوى ) إلى دراسة « التدين الفردي » ( واللاتدين ) لأن مصطلح« التدين » يظهر أكثر شمولية من مصطلح « التقوى ».

وقال إن العديد من و إذا كان هذا النص يستعمل مصطلحا أساسيا ( « العالم الإسلامي » ) في العنوان فإنه كغيره من المصطلحات مثل « المسلمين » أو « المجتمعات المسلمة » التي وقع تفاديها إلا إذا اقتضت الضرورة عكس ذلك، وعوضا عن هذه الاستخدامات وقع استعمال مصطلحات من قبيل « مجتمعات / دول المنطقة ». هذا الاختيار اللغوي يجب أن يشير إلى أن « المنطقة » لا تعني في معناها الأول «الاسلام». وكذلك القصد من استعمال مصطلح « ديني » بين معقفين / قوسين في العنوان : هنا لا بد من الإشارة إلى التغيير « الديني » في سياق تاريخي و سياسي و اجتماعي واقتصادي أرحب.

وأضاف خالد وحش : « العالم الاسلامي » وقع اختياره في العنوان فقط لأن المصطلحات الجغرافية مثل « الشرق الأدنى والشرق الأوسط » أو « المغرب / المشرق » دقيقة و تقصي المشروع البحثي الذي يدرس السنغال و بعض الدول المجاورة الأخرى.

وقال إن عمليات التغيير ( الديني ) تتمظهر إقليميا و تاريخيا بأنساق مختلفة. لهذا السبب فإن هذا البحث يتعدى حدود مقارنة دراسات حالات في دول كالسنغال وتونس ومصر ولبنان و إيران و باكستان لأننا نريد كذلك أن نعرف ماهية الديناميكيات والأنساق التي ويمكن ملاحظتها في كل هذه الدول إما كليا أو جزئيا أو حتى تلك التي ليست لها أهمية تذكر.(1) في هذا الإطار فإن منهج المقارنة المتبع هنا «تجربة تعكس ما فيها من اختلافات في الأفكار و تبرر المواقف التحليلية» ( 152: Moya 2015 a ). إن الدول المذكورة والتي وقع عليها الاختيار تمثل سيناريوهات مختلفة تاريخيا ودينيا وسياسيا واجتماعيا: دول «متجانسة» على المستوى الديني ( تونس والسنغال ومصر ) قابلتها دول «غير متجانسة» ( دينيا ) مثل باكستان ولبنان. ديمقراطيات ( السنغال ولبنان وتونس ) قابلتها أنظمة استبدادية (مصر وإيران وباكستان ). في دول مثل لبنان وباكستان – إلى جانب المجموعات السنية المختلفة – نجد مجموعات شيعية كبيرة و أخرى غير مسلمة (مسيحيون ، هندوس). تونس إذا ما قارناها بلبنان أو باكستان فهي تقريبا متجانسة وفيها إسلام سني مالكي. أما بالنسبة لمصر والسنغال فتتعايش إلى جانب المعتقدات والمجموعات السنية المختلفة أقليات مسيحية وتقريبا ليست فيهما مجموعات شيعية تستحق الذكر. أما إيران فهي حالة فريدة لأن غالبيتها من الشيعة الاثني عشرية ولكننا نجد أقليات من السنة و من الطرق الصوفية وسلسلة من الحركات الدينية الأخرى والزردشتية والمسيحيين الأرمن.

وأضاف : « التنقل الديني »(2) ( religiöses Navigieren ) للأقليات غير المسلمة في علاقتها بغالبية السكان و/ أو بالتنظيم الديني للدولة لم يقع التطرق إليه (لأسباب بحثية اقتصادية) في هذا البحث كعنصر أساسي رغم أهميته لأن هذا المشروع البحثي وجه اهتمامه إلى مسائل أخرى.

وقال إن « التنقل الديني » للأقليات غير المسلمة يفتح زاوية نظر مهمة وإضافية عند دراسة مسألة التقوى الفردية ( أو اللاتقوى ).

وتابع إن الهدف من مقارنة عدة دول من خلال دراسة حالة ( حالات ) هو التعرف على المتداخلين ( ربما المخصوصين منهم ) في ديناميكيات التغير الاجتماعي و الديني من ناحية و من ناحية أخرى تحديد أكثر شمولية لهذة الديناميكيات. إن الهدف من نتائج هذه الأبحاث هو تفسير للمعنى الاجتماعي و الديني و السياسي للتقوى الفردية ( واللاتقوى ). أما الجدوى من المقارنة فلا بد أن يجيب عن سؤال ما إذا كانت التقوى الفردية ( و اللاتقوى ) وتطور مظاهر جديدة للتدين يعكسان تطورات خاصة ( محلية ) أو إذا ما كانا تعبيرا عن تطورات أساسية و هيكلية.

وقال إن للتحليل المقارن لأشكال التدين ( واللاتدين ) عامة خمسة مباحث أساسية: أولا وظيفة النساء في الحركات الاجتماعية كونهن الأكثر انتفاعا من تطور أشكال التدين و اللواتي يعتبرن القوة الدافعة داخل الحركات الاجتماعية ( 288 , Bayat 2013 : 259ff )، ثانيا الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي ( الأنترنيت ، الإيميل ، تويتر ، بلوقز ( Blogs )، مجلات الموضة، و لكن كذلك التلفاز عبر الأقمار الصناعية والأسواق الموازية للأفلام و الموسيقى ) كمنصات للنقاش و التواصل، ثالثا تنظيم الزمان و المكان أو بمعنى آخر المصطلحات التي تتعلق بالمكان و الزمان و طرق تأثيرهما على التقوى الفردية ( أو اللاتقوى )، رابعا الرموز المختلفة ( اللغة ، الرموز ، الهابيتوس ) للتدين الفردي و التي تعتبر علامات أساسية تميز الأشخاص المتدينين ( والغير متدينين) في كل عملية تواصل، خامسا كل الأشكال الرسمية و غير الرسمية للتواصل ومجالات التقاء المتدينين ( و غير المتدينين ) وكذلك «التكتيكات » / الأساليب التي يستعملها الناس للهروب من تطلعات السيطرة الاسلاماوية.(3) وفي نفس السياق نريد أن نعرف إذا ما كان تطور الحركات المدنية مرتبط بالمجالين الخاص و الفردي؟ وكيف يؤثر وجود تقوى شخصية في المجموعات المدنية أو الإسلاموية ؟ ماهو بالتدقيق مفهوم «الخاص» و «التقوی» و «اللاتقوی»؟

وأضاف أن برنامج المشروع الذي أمامنا يعطي للدراسات التي تعنى بالمنطقة توجها و نسقا جديدين : في حين يعتبر سكان المنطقة من منظار غربي(4) « مسلمين » أو « ظاهرة عارضة للإسلام » ( / Otayek 12 : 2007 Soares ) فإننا نعتبرهم من منطلق بحثنا في الحياة اليومية والتجارب الحياتية في كل من تونس ومصر و لبنان وإيران والسنغال وباکستان کمواطنين مسلمين فاعلين و لكن تختلف رؤاهم وهم يفكرون و يتصرفون وفقا لهذه الرؤى.

وقال خالد وحش إن الأشكال الأخرى للتموضع الذاتي لا تعني فقط المظاهر المختلفة للتدين و لكن كذلك كل مظاهر الابتعاد الفردي عن أشكال مخصوصة « للديني ». هذا التراجع نحو الخاص أو الشخصي يفهم كمظهر من مظاهر « الارهاق الديني» أو ربما كمظهر من مظاهر اللادين. إن التركيز على فردانية الأشخاص في المنطقة له : في تحليل لأن «الدين» ( الإسلام ) يفقد معناه كمؤشر أساسي لتفسير التغيرات الاجتماعية والسياسية.

وأوضح أن الفقدان الشديد لمعنى الدين ( الإسلام ) فيما يخص التطورات السياسية و الاجتماعية سواء في جتمعات إطار قومي أو إقليمي يتعلق خاصة بالمجموعات و التكوينات السياسية و الدينية التي : من الدين ( الإسلام ) قوة مهمة للحشد في برامجها الدينية أو السياسية .

في هذا الإطار يدعو هذا البحث عموم الباحثين أن يهتموا مستقبلا لا بما هو سياسي « مثير » و لكن بمسائل تتعلق « باليومي المعيش » و خاصة بمجتمعات المنطقة التي اختزلت يومنا هذا فقط في كونها جزءا من « العالم الإسلامي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى