منوعات

حجاج أدول يكتب : سينما الحضرة

وصلت لباب الدخول الذي يقف عنده العتويل العنتيل العجوز العصبي الأعور،تناول العجوز كعب التذكرة الصحيح، نظر فيه وألقاه بعيدًا ونظر لي بعينه الوحيدة نظرة مرعبة، ونخر وشتمني بالإسكندراني قائلاً:
– يا ابن الـ….

وسبني وسب كل عائلتي وضربني ضربًا غلاويًا، فصارت ضربة تهبط على أم رأسي، وضربة تقع على من هو خلفي، وضربة تلسوع يافوخ من هو أمامي.. نصرخ ثلاثتنا ونحن نضع أيادينا على رؤوسنا نحميها من الخرزانة الرفيعة السريعة مثل المدفع الرشاش. المهم أني أنا تلقيت نصف الضربات وكل اللعنات.

ويستمر الأعور العصبي في بهدلتي بشتائمه المتواصلة، ثم ترك الشتائم ودخل في السخرية:
-عامل فيها فِتِكْ يا وَلَهْ؟! عايز تضحك عليّ يا فلعوص؟ بقالك شهرين بتعمل الحركة الوسخة دي، وأنا بفوتهالك بمزاجي.. آآه بمزاجي.. تكونش فاكرني أعمى ما بشوفش يا ابن الـ..

وعاد للشتائم الثقيلة وهات يا ضرب غير آبه بقسمي له بكافة الأيمانات، أن ما أعطيته له هو الكعب الحقيقي.

تركت الصف هارباً بأقصى ما يسمح به القبقاب الخشبي القديم، وبعد أن بكيت من شدة لسوعات الخيزرانة، ضحكت مع الأطفال المتابعين، ثم عدت للعزبة مهزومًا، ثم ضحكت وأنا أحكي لأصدقائي في العزبة.. لكن كنت زعلان إنه فاكر إني كنت بضحك عليه من شهرين! دا يدوب أسبوعين بس!

ملاحظة هامة: السينمات مثلما هي في الأحياء الراقية والمتوسطة تحتل أماكن ممتازة وتنضح بالأنوار ومداخلها تتدلل بصور أشهر ممثلين هوليوود؛ فالسينمات تتغلغل في الأحياء الشعبية في أهم شوارعها وميادينها.. وصارت هي الفن الأكثر سهولة في الوصول لدوائر واسعة ومتعددة من الشعوب، أي أنها ذات تأثير ثقافي خطير. وأتذكر ويتذكر الجميع بالطبع ما شاهدوه من أفلام في طفولتهم، لكن عامةً السينما تبني روادها إيجابيًا وسلبيًا حسب المضمون الخفي.

كنا في سينما الحضرة والحلمية مدمنين للأفلام الأمريكية، أي أننا ببساطة كنا تحت تأثير الميديا الأمريكية! والسينمات عامة يرتادها الأطفال والكبار، الأغنياء والفقراء، الرجال والنساء، الأميون والمتعلمون..

أي أنها فن كاسح تأثيره رهيب لو تدرون؛ لذا فإن أصحاب الأغراض اقتحموها ليسيطروا بها على أدمغة وأفئدة الشعوب في العالم كله.. لننظر للشركات المنتجة الكبرى في هوليوود عاصمة السينما في العالم، هم أصحاب الملايين ولهم أهداف يضعونها بين طيات المشاهد السينمائية.

صحيح أن نسبة كبيرة من الأفلام شيقة وإنسانية وتبث الوعي الإيجابي في نفوس وعقول الناس، لكن هل هذا يمنع الأغراض السلبية؟ لا.. بل أن الأفلام الإيجابية المفيدة كثيرًا ما تكون تغطية لسوء نية الأفلام التي صُنعت لكي تستعبد عقول وأفئدة المشاهدين، وتوجهها لجوانب غير حقيقية. وستجد أن جانبًا من المنتجين يهود، ولا قلق من كونهم يهودًا، فاليهودي مثل المسيحي مثل المسلم، بل مثل البوذي والسيخي، كلها ديانات وليس من حق أحد أن يعيب في ديانة الغير، لكن القلق كون جانب منهم صهاينة. موجز الكلام.. الأمريكان تمكنوا من لحس عقول الشعوب بأفلامهم الهوليودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى