منوعات

أحمد الشهاوى يكتب: المعرفة .. ومجتمعات الكراهية

أن تدرك ، وتعي ، وتفقه ، وتعلم ، وتتعلَّم ، وتتأمَّل ، وتفهم ، وتبحث ، وتستبطن ، وتستشرف ، وتتنبَّأ ، وترى ، و تفسِّر ، وتشرح ، وتستقصي ، وتناقش ، وتحاجج ، وتجادل ، وتحاور ، تلك هي المعرفة ، ف” الكَاملُ مَنْ عَظُمَتْ حَيْرَتُهُ ” من فرط السؤال والسَّعي والحيرة والمشاهدة ، فبحر المعرفة وسيعٌ ولا سواحل له ، وشجرة المعرفة متعدِّدة الجُذور والفروع ، ومتنوعة الثمار ، ولا تمنح نفسها لقاطفها بسهولةٍ ويُسرٍ ، إذْ لابد من دأبٍ ومُجاهدةٍ ومثابرة ومُراودة وخلوة وكشف ؛ حتى يصل إلى المجهول .

وهنا لابد من عقلٍ يفكِّر ، وليس عقلا ينقل عن سواه ، أو ينام في حِضن ما تركه الأسلافُ دون أن يغيِّره أو يطوِّره أو يضيف إليه .

وقديما قال النّفري ((المُتوفَّى نحو354هـجرية )
إن ” العِلْمُ الْمُسْـتَـقِــرُّ هُوَّ الْجَهْلُ الْمُسْـتَـقِرُّ ” ، وقال ابن عربي إن ” المَعْرِفَةُ إِذَا لَمْ تَـتَـنَوَّع مَعَ الأَنْفَاسِ لاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهَا ” .

أن نصل إلى الحقائق بدلا من أن ننام في العماء ، وننعم في الجهالة ، فلن تضطلع بشئ لو لم تطَّلع على ذاتك؛ لتقرأها بعمقٍ وتجرُّد ، بحيث تنحاز إلى التجريب والمغامرة .مردِّدا مقولة ديكارت ” أنا أفكر إذن أنا موجود ” ، والتي تعني مباشرةً ” أنا أعرف ” ؛ ولذا أرى أن الحُب يقود إلى معرفة الأشياء وإدراك كنهها ، لأن الحُب يحرِّر الروح من ربقتها ، ويمنحها حرية طيران لا تُحدُّ ، خصوصًا إذا أدركنا أن النفس تتجدد خلاياها بالمعرفة .

ودائما ما أفصل بين المعرفة – التي هي إدراك الأسرار – وبين والمعلومة ، فالثانية هي الطريق الذي يمهِّد لمن يسلك درب المعرفة الطويل الذي يؤدِّي إلى الحقيقة الكلية والمطلقة والتي لا يعتورها شكٌّ ، ولا يعتريها بهتان .والعارف الرَّائي – من أهل الذوق وأصحاب الأسرار وحاملي نور الكشف – من يستطيع تحليل واستخدام ما تراكم أمامه من معلوماتٍ أيًّا ما كانت كميتها .

والمعرفة لا تحيا في مجتمعٍ يكرهها أو يعرقلها ويعوق شجرتها ؛ لأن المعرفة بنت التعدُّد والتنوُّع والفرق والاختلاف وتموت مع الاستبداد والأحادية والقهر وإغلاق الأبواب والنوافذ حتى يفسد الهواء ، و ” المعرفة في اصطلاح النحاة هو اسم وضع لشئ بعينه، وقيل ليستعمل في شئ بعينه. ويقابله النكرة. التعريف عبارة عن جعل الذات مشارًا بها إلى خارج إشارة وضعية. ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مُشارٍ بها إلى خارجٍ في الوضع ” ، ولابن عربي (558 هـجرية – 1164ميلادية / 638هـجرية – 1240ميلادية ).

رسالة منشورة في كتاب اسمها ” كتاب المعرفة ” ، و شجرة المعرفة ” – أو شجرة الوجدان أو الشجرة المحرَّمة ، وتلك الشجرة تقع كما جاء في ” سفر التكوين ” التوراتي في منتصف جنة عدن ، وقد حرَّم الله على آدم وحواء أكل ثمار هذه الشجرة، فأغواهما الشيطان بالأكل منها ليخلدا، ( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) سورة الأعراف/ 22.

أمَّا شجرة المعرفة في زماننا ، فحتمًا لابد من أن تُذاق وتُؤكل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى