منوعات

محطات تاريخية في مسيرة دعم السعودية لحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته 

– القوات السعودية قاتلت جنبًا إلى جنب مع شقيقتها المصرية دفاعا عن فلسطين ضمن القوات العربية في حرب 1948

– استخدمت سلاح النفط في حرب 1956 للمرة الأولى وقامت بقطعه عن الدول المتحالفة ضد مصر وقطاع غزة

– الملك سلمان قاد لجنة لجمع التبرعات الشعبية لصالح القضية الفلسطينية عام 67 حينما كان أميرًا للرياض

– في عام 2002 تبنت المملكة مبادرة تاريخية للسلام في الشرق الأوسط تشمل إعلان دولة فلسطينية

– المملكة وقفت بقوة أمام التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة ودعت لعقد قمة عربية طارئة

 

“أبناء فلسطين أبنائي، فلا تدخروا جهدًا في مساعدتهم وتحرير أراضيهم”.. بهذه الكلمات ودع الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود –طيب الله ثراه-، أبناء السعودية المتطوعين في الحرب العربية عقب الإعلان عن خطة توطين اليهود في فلسطين، ولم يكن ذلك سوى محطة في تاريخ الدعم السعودي المطلق للقضية الفلسطينية الذي وضع الملك المؤسس لبنته الأولى، وسار على نهجه مَن حمل الراية بعده من الملوك والقادة، حتى باتت القضية من ثوابت السياسة الخارجية للمملكة، ومعلمًا واضحًا في جميع خطاباتها الرسمية، ومواقفها السياسية.

وعلى مدى تاريخها الممتد، سجلت المملكة العربية السعودية كونها مهبط الوحي، ومهد الرسالة المحمدية، ومنبع الإسلام، والدولة التي خصها الله بخدمة الحرمين الشريفين، مواقف سياسية وإنسانية وأخلاقية سامية لصالح القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، كما استخدمت ثقلها الدولي والإقليمي في الدفاع عن الأماكن الإسلامية المقدسة في مدينة القدس المحتلة.

البداية عام 1939

يعتبر موقف المملكة من القضية الفلسطينية من الثوابت الرئيسية للسياسة السعودية، والتي بدأت منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز الذي كان من أوائل المناصرين للشعب الفلسطيني، حينما وقفت المملكة في مؤتمر لندن عام 1939م المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية تأييداً لمناصرة الشعب الفلسطيني.

وقد سطر التاريخ مواقف الملك عبدالعزيز إزاء القضية الفلسطينية، باعتبارها الأكثر حسمًا وقوة بين مواقف قادة الدول حينها، حيث تجسدت أبرز تلك المواقف في لقائه مع الرئيس الأمريكي آنذاك “روزفلت” للتباحث حول القضية الفلسطينية، رافضًا موقف الولايات المتحدة من قيام إسرائيل وفق وعد بلفور، مشددًا على أن اليهود اللاجئين الذين طُردوا من ديارهم في أوروبا، يجب أن يعودوا للعيش في الأراضي التي طردوا منها.

قبل ذلك، وفي عام 1936م، وجّه الملك عبدالعزيز بتقديم مساعدات عاجلة لثورة الفلسطينيين ضد الاحتلال البريطاني، كما كان بعد ذلك من أشد الرافضين لخطة توطين اليهود بالأراضي الفلسطينية عام 1945م، وأمد المقاومة بالمال والمتطوعين السعوديين، كما أوفد ابنه الأمير سعود -ولي العهد آنذاك- إلى فلسطين في مهمة دعم وتأييد، حيث زار مدن عديدة من بينها يافا، ونابلس، وبيت لحم، ورام الله، والقدس.

1948.. أولى حروب الجيش السعودي

تُعد حرب فلسطين 1948م أولى الحروب التي شارك فيها الجيش السعودي بعد تأسيس الدولة السعودية الثالثة، حيث أرسل الملك المؤسس الجيش العربي السعودي وقوات عسكرية وكميات كبيرة من الذخائر إلى الثوار في فلسطين، وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة قرابة ثلاثة آلاف ومائتي ضابط وجندي شاركوا جنبا إلى جنب مع القوات المصرية. وفي هذا الصدد، تشير الذاكرة التاريخية إلى بسالة القوات السعودية في المعارك التي خاضتها إلى جانب الجيوش العربية في الحروب التي كانت القضية الفلسطينية هي شرارتها الأولى والأخيرة.

 

استخدام سلاح النفط للمرة الأولى خلال العدوان الثلاثي 1956

بدأ الملك سعود بن عبدالعزيز-طيب الله ثراه- حملته لمناصرة القضية الفلسطينية مبكرًا حينما كان وليًا للعهد، حيث تعهد بإنقاذ فلسطين بالأموال والأنفس، كما يعد أول من استخدم سلاح النفط للضغط لصالح القضية الفلسطينية، ففي عام 1956م، كانت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي سارعت بعرض مساعداتها، بعد العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة، وفرضت حظرًا بتروليًا ومقاطعة سياسية تجاه دول العدوان المتحالفة مع الاحتلال الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية، وقامت المملكة بقطع النفط عن جميع السفن المتجهة بحمولتها إلى تلك الدول، فضلًا عن قطع العلاقات معها.

وبينما استخدمت المملكة سلاح النفط في وجه الاحتلال، كان أمراؤها على أرض المعركة، حيث شارك الملك سلمان بن عبدالعزيز –يحفظه الله- وثلاثة من أشقائه في حرب 1956م.

 

تبرعات شعبية عقب عدوان 1967

في أعقاب قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باحتلال أراضي عربية واسعة شملت أجزاء من فلسطين المحتلة في الخامس من يونيو 1967 سارعت المملكة العربية السعودية بإطلاق حملة تبرعات شعبية في المملكة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حينما كان أميرًا للرياض آنذاك- لجمع أكثر من 16 مليون ريال في حينها، وفي ديسمبر 1968م، صدرت فتوى شرعية بجواز دفع الزكاة إلى اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وفي 1969م وجه حينها رئيس اللجنة الشعبية لدعم الفلسطينيين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مبادرتين، الأولى: خطاب يدعو فيه السعوديين للاكتتاب لصالح رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين بنسبة 1% من رواتبهم، والثانية: “سجل الشرف” ويلتزم من خلاله الأفراد والتجار والشركات والمؤسسات بتقديم تبرعات منتظمة لحساب اللجنة الشعبية لدعم الفلسطينيين.

مبادرة السلام العربية 2002

بينما كانت أبواب السلام بين العرب وإسرائيل موصدة تماما مع فشل كافة المبادرات المعنية بالتوصل لحل نهائى للقضية الفلسطينية، قامت المملكة بإلقاء حجر في البحيرة الراكدة وأعلنت في العام 2002م خلال القمة العربية ببيروت، على لسان الملك عبدالله -ولي العهد آنذاك- عن مبادرة السلام التاريخية في الشرق الأوسط، تضمنت إعلان دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل السلام مع إسرائيل وهي المبادرة التي لا زالت مرتكزًا أساسيًا لأطر السلام الشامل في المنطقة حتى الآن.

 

اتفاق مكة بين الفصائل الفلسطينية 2007

فضلًا عن مواقف المملكة السياسية المعهودة تجاه القضية الفلسطينية، تبنى الملك عبدالله –طيب الله ثراه- جهودًا حثيثة لرأب الصدع وتوحيد الصف بين الفصائل الفلسطينية، حيث اعتبر أن فرقتهم أخطر على قضيتهم من عدوان إسرائيل.

وبالفعل، استضافت مكة المكرمة، في فبراير عام 2007م، اجتماعات لحركتي فتح وحماس لبحث أمور الخلاف بينهم بكل حيادية ودون تدخل من أي طرف بهدف الوصول إلى حلول عاجلة لما يجري على الساحة الفلسطينية، ووقع الجانبان اتفاق لوقف أعمال الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

 

الملك سلمان أكثر الداعمين سخاء للقضية الفلسطينية

“ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين” بهذه الكلمات، لخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز موقف المملكة التاريخي والثابت من القضية الفلسطينية.

بدأ عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- بمناصرة القضية الفلسطينية عندمًا كان أميرًا لمنطقة الرياض، حينما ترأس اللجان الشعبية لمساعدة مجاهدي وأسر شهداء فلسطين عقب نكسة يونيو 1967م، كما شهد عهده دعمًا ملحوظًا ومستمرًا للقضية الفلسطينية متبنيًا “مبادرة السلام العربية” كحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وتقديرًا لتلك الجهود المبذولة من جانب الملك سلمان، لدعم القضية الفلسطينية، قلّده الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وسامَ نجمة القدس الرفيع، حينها كان ردّ الملك سلمان –يحفظه الله-: «إن السعودية لم تتخذ يومًا من الأيام موقفًا مؤيدًا وداعمًا للقضية الفلسطينية من أجل أن يأتيها الشكر والتثمين من أي كان على هذه المواقف المبدئية؛ لأن هذه القضية بالنسبة لنا ليست مجرد قضية دولية عابرة، وإنما هي بالفعل قضيتنها الأساسية والمركزية».

أما عن المواقف السياسية للملك سلمان تجاه القضية الفلسطينية، فحدث ولا حرج، حيث كان في مقدمة من رتبوا البيت الداخلي لاتخاذ قرار سياسي بافتتاح سفارة لفلسطين في الرياض في العام 1982م، وافتتحها بنفسه في مراسم شهدت اهتمامًا إعلاميًا برفع العلم الفلسطيني في العاصمة السعودية.

توالى دعم الملك سلمان للقضية الفلسطينية، وفي أول قمة عربية بعد مبايعته عام 2015م، أكد أن القضية الفلسطينية من ثوابت ومرتكزات سياسات المملكة، داعيًا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وحماية قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية عام 2002م.

وفي عام 2017م، أكد الملك سلمان أن أي إعلان أمريكي بشأن وضع القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية، سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر بالمنطقة، وذلك على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب القدس عاصمة للاحتلال بدلًا من تل أبيب.

وليس أدل على أن القضية الفلسطينية تحتل أولويات المملكة من إطلاق السعودية اسم «قمة القدس» على القمة العربية التي ترأستها في دورتها العادية التاسعة والعشرين، بمدينة الظهران عام 2018م، والتي أعلن فيها خادم الحرمين الشريفين عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ (150) مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و(50) مليون دولار للأونروا.

وفي خضم الأحداث الأخيرة للعدوان الإسرائيلي على فلسطين، دعت المملكة إلى اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، ثم تقدمت بطلب لجامعة الدول العربية لعقد قمة عربية طارئة من المقرر أن تنطلق في الحادي عشر من شهر نوفمبر الجاري لبحث التصعيد الإسرائيلي واتخاذ موقف عربي موحد إزاء ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني.

 

 

السعودية 11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى