أكد شريف لقمان وكيل محافظ البنك المركزي المصري أن الشمول المالي والادخار والثقافة المالية تعد عوامل رئيسية تلعب دورًا فاعلًا في القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء.
وقال لقمان في الكلمة التي ألقاها نيابة عن محافظ البنك المركزي المصري خلال المؤتمر العربي للادخار والثقافة المالية 2023 اليوم إن التحديات العالمية الأخيرة مثل جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية جاءت لترسخ أهمية الشمول المالي الرقمي والتكنولوجيا المالية في مواجهة تداعيات هذه التحديات، خاصة مع انخفاض تكاليفها وفاعليتها في الوصول إلى الفئات المستبعدة ماليًا والتي لا تحصل على خدمات كافية لتلبية احتياجاتها والنهوض بمستوى معيشتها.
وأكد على أهمية الثقافة المالية والادخار طويل الأجل في زيادة القدرات المالية للأسرة، وأن البنك المركزي المصري يولي للثقافة المالية ودورها في تحسين الأداء المالي للمواطنين أهمية كبيرة، بما يسمح للأسر بالادخار والاقتراض والاستثمار بشكل أكثر أمانًا، ويعزز من معدلات الشمول المالي ويدعم الاستقرار والأداء الفعال للأسواق المالية.
وأشار لقمان إلى أن مصر اتخذت خطوات هامة نحو اتاحة الخدمات المالية للأفراد والشركات والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على مدار العقد الماضي، تماشيًا مع أهداف استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر ٢٠٣٠» خاصة فيما يتعلق بهدف تحقيق اقتصاد تنافسي ومتنوع، وذلك من خلال العمل على تعزيز الشمول المالي ونشر الثقافة المالية والحث على الادخار.
وأوضح أن جهود مصر لتعزيز الشمول المالي- والتي يقودها البنك المركزي المصري بالتعاون مع مختلف الوزارات والجهات ذات الصلة محليًا ودوليًا- أسفرت عن ارتفاع كبير في نسبة الشمول المالي محليًا خلال السبع سنوات الماضية.
وكشف عن أن معدل نمو الشمول المالي خلال السبع سنوات الماضية بلغ 160.8% بنهاية يونيو 2023، حيث وصل عدد المواطنين الذين لديهم حسابات تمكنهم من إجراء معاملات مالية إلى 44.6 مليون مواطن بما يعادل 67.3% من إجمالي المواطنين من عمر 16 سنة فأكثر، والمقدر عددهم بحوالي 66.4 مليون مواطن.
وعلى صعيد الشمول المالي للمرأة، فقد أظهرت المؤشرات قفزة في عدد السيدات اللاتي يمتلكن حسابات مالية، حيث بلغ عددهن 19.3 مليون سيدة بنهاية يونيو 2023، بمعدل نمو بلغ 227%.
وأشار لقمان إلى أن حجم التمويلات الموجهة من القطاع المصرفي للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة حقق طفرة كبيرة حيث سجلت معدل نمو بلغ 350 % في الفترة من يناير 2016 وحتى يونيو 2023.
وأكد أنه رغم تطور نسبة الوصول إلى حسابات المعاملات المالية، إلا أن المركزي المصري حريص على مواصلة الجهود لرفع مستويات الوعي والتثقيف المالي في كافة محافظات مصر باعتباره عاملاً حاسمًا لتمكين المواطنين من الإلمام بمجموعة المنتجات والخدمات المتاحة أمامهم وكيفية استخدامها ومزاياها.
وأكد أن الأضرار الناتجة عن عدم التثقيف المالي في المجتمعات بالغة الخطورة سواء فيما يتعلق برفاهية للأفراد أو تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، جيث أن بيانات البنك الدولي، أكدت أن مستخدمي الخدمات المالية عديمي الخبرة قد لا يتمكنون من الاستفادة القصوى من تلك الخدمات لتناسب احتياجاتهم الخاصة، وكذلك إدارة أموالهم بشكل سليم، وهو ما يؤكد أهمية التثقيف المالي، سواء فيما يتعلق بالحماية من التعرض للاحتيال من جانب، أو المساعدة على التمكين الاقتصادي والاجتماعي من جانب آخر.
وشدد على أن البنك المركزي المصري التثقيف والتعليم المالي في مقدمة أولوياته، من منطلق دوره كمنظم ومحرك للشمول المالي، باعتباره من أهم محاور استراتيجية الشمول المالي 2022-2025 التي أصدرها البنك المركزي بهدف نشر الثقافة والتوعية المالية، والعمل على تعزيز قدرة المواطنين على اتخاذ قرارات مالية سليمة.
وأشار إلى أن البنك المركزي المصري يتبنى نهجًا شاملاً يهدف إلى تقديم برامج تعليم مالي مؤثرة على المستوى الوطني من خلال اتباع منهجية فريدة لتنفيذ مشاريع التثقيف المالي حيث يتناول ثلاثة أبعاد رئيسية وهي التثقيف والتوعية المالية للمواطنين، بناء قدرات العاملين في القطاع المصرفي والمالي، وبناء القدرات الفنية للمؤسسات ذات العلاقة من صانعي السياسات والجهات الرقابية المختلفة.
ولضمان وصول برامج التعليم المالي للفئات المستهدفة، أوضح لقمان أن البنك المركزي يقوم ببناء شراكات استراتيجية مع الهيئات الحكومية وغير الحكومية التي لديها القدرة على الوصول إلى ملايين المواطنين على أرض الواقع مثل وزارات الشباب والرياضة والتربية والتعليم والتضامن الاجتماعي وهيئة الرقابة المالية، بهدف إدماج التعليم المالي كأحد أهم العناصر المكونة لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الدولة مثل مبادرة حياة كريمة ومبادرة تنمية الأسرة المصرية ومبادرة دمج التعليم المالي في المناهج الوطنية.
كما أكد على أن البنك المركزي يولي أهمية كبيرة للتثقيف المالي لرواد الأعمال وأصحاب المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وظهر ذلك بوضوح في إطلاق مبادرة رواد النيل بالشراكة مع القطاع المصرفي وعدد من الجامعات والجهات المحلية والدولية بهدف تهيئة البيئة الداعمة من خلال تقديم حزمة متنوعة من برامج الدعم الفني والخدمات غير المالية والاستشارية.
وأوضح أن جهود البنك المركزي تتضمن أيضا برامج وخدمات للتوعية والتثقيف المالي لرواد الاعمال وأصحاب هذه المشروعات وكذلك نشر المعرفة بمبادي ريادة الأعمال وثقافة العمل الحر وأهمية الشمول المالي بما يدعم جهود الدولة في نمو هذه المشروعات وزيادة مساهمتها في الناتج القومي وتشجيع المشروعات العاملة في قطاع الاقتصاد غير الرسمي على التحول إلى القطاع الرسمي.
وأكد أن البنك المركزي المصري يطبق منهجية متكاملة لتنفيذ مشاريع ومبادرات الثقافة المالية، تضمن فاعلية واستدامة الجهود المبذولة، بطريقة تمكن من قياس الأثر بشكل أسهل، من خلال ربط إيصال المعرفة المالية للمواطنين بالحصول على المنتجات المالية واستخدامها.
وشدد على أن الثقافة المالية لم تعد رفاهية ولكنها ضرورة لتشجيع المواطنين على التخطيط والادخار من أجل مستقبلهم، وحماية أنفسهم من الأزمات أو حالات الطوارئ التي قد تنشأ في أي لحظة، فضلًا عن تعزيز قدرتهم لمواكبة التطور الهائل الذي يشهده العالم في مجال التكنولوجيا المالية في الآونة الأخيرة، فلا شك لدينا أنه كلما ارتفعت مستويات الثقافة المالية للشعوب ارتفعت نسب الشمول المالي والتنمية الاقتصادية، وهو ما نأمل أن يساهم هذا المؤتمر الحيوي في تحقيقه.