شارك رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في جلسة الحوار الرئاسى رفيع المستوى حول هيكل النظام المالي العالمي المتغير، ودور المؤسسات التنموية متعددة الأطراف، التي عقدت خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقي للتنمية بمدينة شرم الشيخ، المنعقدة خلال الفترة من 22 إلى 26 مايو 2023.
وحضر جلسة الحوار كل من؛ رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، ورئيس الاتحاد الإفريقي، ونائب رئيس جمهورية تنزانيا المتحدة ورؤساء وزراء بوروندي ورواندا والصومال، والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيس الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28».
وتحدث مدبولي، خلال مداخلته بالجلسة عن دور البنك الإفريقي للتنمية خلال الفترة المقبلة، في تمكين دول القارة الإفريقية في تأمين التمويل اللازم لتنفيذ عمليات التنمية.
ورحب في مستهل مداخلته، برؤساء الدول ورؤساء الحكومات، ورؤساء المؤسسات الدولية، ومحافظي البنوك المركزية في القارة الإفريقية، ووجه التحية لرئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، وجميع الزملاء في مؤسسات التمويل الإفريقية، والإقليمية، على ما يقدمونه من دعم لمشروعات التنمية في القارة الإفريقية، والجهود الكبيرة التي تبذل لتنفيذ العديد من مشروعات قضايا التغيرات المناخية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، وعلى مستوى القارة بأكملها.
وقال: “اسمحوا لي أن نتكلم من القلب”، وطلب منسق الجلسة بدون التخطيط للإدلاء بكلمة محددة، كما أود أن تسمحوا لي أن أتكلم باسم إفريقيا، وأن أحدد حقيقة واقعة، فعندما تم إعادة تخطيط خريطة العالم في بدايات القرن الماضي، تم وضع إفريقيا في إطار معين يتمثل في أنها فقط مكان أو مقصد للمواد الخام والثروات الطبيعية التي تمكن مختلف الدول المتقدمة وسائر دول العالم من تنفيذ مشروعات متقدمة ومشروعات تنموية هائلة، ساهمت في النمو والرخاء، لتلك الدول وشعوبها، لكن على النقيض من ذلك، ظلت النظرة لإفريقيا على أنها مورد فقط للمواد المواد الخام والثروات التي تم استنزافها، دون النظر أو تغيير الفكر إلى أن القارة بحاجة مثلها مثل دول باقي قارات العالم، إلى تنمية كبيرة لخدمة حجم سكانها الذي يتجاوز الآن 1.4 مليار نسمة، معبرا عن أسفه في أن تظل الفكرة موجودة حتى الآن في العديد من الأدبيات، رغم التغيرات السريعة التي تحدث في العالم، والتحديات التي أصبح العالم بأسره يواجهها، وعلى رأسها القارة الإفريقية.
واستكمل مدبولي حديثه في هذا الإطار، بالتأكيد أننا وجدنا أن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر إلى إفريقيا من هذا المنظور القديم بأنها مصدر للثروات الطبيعية والمواد الخام فقط، لكنها من الممكن أن تكون شريكا قويا للغاية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم، والمساهمة في تحقيق العدالة في التنمية، وهذه أهم قضية وإشكالية لاتزال إفريقيا تواجهها.
وتطرق إلى التحديات التي يواجهها العالم، والتي لم تكن إفريقيا سببا في حدوثها، ومنها التغيرات المناخية، والتغيرات الجيوسياسية، وأزمة كوفيد – 19 ومختلف الأزمات المتعاقبة الأخرى، التي تضررت منها إفريقيا، وأصبحت تعاني من تبعاتها، بل وأصبحت القارة تدفع ثمنا باهظا لهذه التبعات والتداعيات، للتعامل معها، والعمل على سد الفجوات التمويلية التي تعاني منها، ولذا فعندما تحاول القارة سد هذه الفجوات أصبحت تلجأ للمؤسسات الدولية التي تطبق عليها معايير شديدة الصرامة، وبالتالي فنحن الآن كدول إفريقية ندور في دائرة مفرغة، من حيث الأزمات المالية والفجوات التمويلية، والتي تقود بدورها إلى تخفيض التصنيف لدول القارة، ومن هنا فدول القارة تعتبر متوسطة أو عالية المخاطر، من حيث ضمان التمويل، الأمر الذي يؤدي إلى فرض شروط شديدة مقارنة بباقي دول ومناطق العالم الأخرى، وبالتالي تظل القارة فاقدة القدرة على إحداث النمو والتنمية.
وأشار مدبولي، إلى أنه حان الوقت لأن ينظر العالم أجمع إلى أن قارة أفريقيا تحتاج إلى أن تكون لها الأولوية خلال الفترة المقبلة، أو على الأقل في غضون العقد أو العقدين المقبلين في جميع المشروعات التنموية، حيث تحتاج القارة إلى حجم هائل من التمويل، نحو 3 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، للتعامل مع قضايا التغيرات المناخية وأهداف التنمية المستدامة، وكذا 100 مليار دولار سنويا لمشروعات البنية الأساسية.
وتابع مدبولي، أن النموذج الناجح الذي يقوم به البنك الإفريقي للتنمية بأن يضمن تمويل الدول الإفريقية في تأمين تمويل ميسر، مثلما حدث في النموذج المصري من خلال دعم إصدار سندات وضمان مصر في هذا الشأن، فهي تجربة شديدة الأهمية، ويمكن للبنك الدخول بقوة في مبادرات مثلما حدث في مصر، حيث بدأنا في تطبيق برنامج ومنصة ” نوفي” بعد انتهاء مؤتمر التغيرات المناخية COP27، والتي تركز على مشروعات المياه والغذاء والطاقة، ومساعدة البنك الأفريقي للتنمية في تدبير التمويل اللازم لتنفيذ تلك البرامج، ولذا فهو نموذج ناجح يمكن للبنك أن يقوم بتكراره من خلال مبادرة إقليمية، أو مبادرة قارية .
وأكد رئيس الوزراء، أن هناك دورا قويا يمكن أن يقوم به البنك الإفريقي للتنمية في الفترة القادمة، لتأمين احتياجاتها من التمويل الميسر بصورة جزئية مع باقي المؤسسات العالمية، وأن يساعد هذه الدول في تنفيذ أولوياتها من مشروعات في التنمية المستدامة ومساعدتها كذلك في مقاومة التغيرات المناخية.
وعبر، عن اعتقاده بأن على الدول الإفريقية أن تنظر بصورة واقعية في أن تحقيق تقدمها ونموها سيكون من خلال الاعتماد على بعضها البعض بقدر الإمكان؛ فكلما استطاعت تحقيق الاكتفاء في تعزيز التجارة، والصناعة، والزراعة والبنية الأساسية، كانت لديها القدرة على تحقيق التنمية المستدامة بصورة أكبر من تطلعها لمساعدة مؤسسات التمويل الدولية، رغم الأهمية الشديدة لهذه المؤسسات.
واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية قيام دول القارة الإفريقية بالتحالف معا؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.