
كشف تقرير حديث صادر عن مركز «الملاذ الآمن» عن تحقيق أسعار الفضة قفزات قوية وغير مسبوقة في الأسواق المحلية والعالمية خلال الأسبوع الماضي، مدفوعة بتراجع حاد في المخزونات العالمية، وتصاعد المخاوف بشأن نقص المعروض، إلى جانب تنامي الطلب الاستثماري والصناعي على المعدن الأبيض، في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بارتفاع المخاطر وعدم اليقين.
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة في السوق المحلية حققت مكاسب قوية بلغت نحو 22% خلال أسبوع واحد، فيما سجلت الأوقية عالميًا ارتفاعًا يقترب من 28%، في واحدة من أقوى موجات الصعود التي يشهدها سوق الفضة منذ سنوات طويلة.
قفزات سعرية محليًا واتساع الفجوة مع السعر العالمي
وعلى الصعيد المحلي، ارتفعت أسعار الفضة بنحو 19 جنيهًا للجرام خلال أسبوع، حيث صعد سعر جرام الفضة عيار 800 من مستوى 86 جنيهًا إلى 105 جنيهات، فيما سجل عيار 925 نحو 121 جنيهًا، وبلغ سعر عيار 999 قرابة 131 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 968 جنيهًا.
وأشار التقرير إلى أن السوق المصري يشهد حالة نشاط غير مسبوقة، في ظل ارتفاع واضح في الطلب المحلي، بالتزامن مع نقص المعروض واحتكار بعض الموردين للخامات، ما أدى إلى اتساع الفجوة بين السعر المحلي والعالمي إلى نحو 10 جنيهات للجرام، وبنسبة تقارب 8%.
وأوضح «الملاذ الآمن» أن سعر جرام الفضة عيار 999 يتداول في السوق المحلية عند مستويات تفوق السعر العادل عالميًا، الذي لا يتجاوز 121 جنيهًا، مرجعًا هذا الفارق السعري إلى تقليص المعروض وسعي بعض التجار لتحقيق هوامش ربح إضافية في ظل ارتفاع الطلب.
الفضة تتحول إلى ملاذ ادخاري بديل
ولفت التقرير إلى أن الفضة باتت تمثل ملاذًا ادخاريًا بديلًا لقطاع واسع من المواطنين والمستثمرين الأفراد، خاصة في ظل الارتفاعات القياسية التي سجلها الذهب خلال الفترة الأخيرة، حيث تجاوز سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 6060 جنيهًا، واقترب سعر عيار 24 من 7000 جنيه دون احتساب المصنعية، ما دفع العديد من المتعاملين إلى الاتجاه نحو الفضة باعتبارها خيارًا أقل تكلفة وأكثر مرونة للتحوط في أوقات التقلبات السعرية.
مكاسب تاريخية في الأسواق العالمية
وعالميًا، سجلت أسعار الفضة مكاسب تاريخية، إذ قفزت الأوقية بنحو 17.27 دولارًا خلال أسبوع واحد، حيث افتتحت تعاملات الأسبوع عند مستوى 62 دولارًا للأوقية، قبل أن تغلق عند 79.27 دولارًا، مسجلة بذلك أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ووفقًا للتقرير، حققت الفضة مكاسب تجاوزت 173% منذ بداية عام 2025، متفوقة بفارق كبير على الذهب الذي سجل ارتفاعًا بنحو 65% خلال أحد أقوى أعوامه منذ عام 1979، في ظل صعود جماعي للمعادن النفيسة عالميًا.
خفض الفائدة والطلب الصناعي يدعمان الصعود
وأشار مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الأداء القوي للفضة جاء مدعومًا بتزايد توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأمريكية مرتين خلال عام 2026، ما عزز جاذبية الأصول غير المدرة للعائد. كما ساهم تراجع الدولار الأمريكي، وضغوط السيولة بنهاية العام، في تعزيز الطلب على المعادن النفيسة باعتبارها أدوات تحوط وأصولًا صناعية في الوقت نفسه.
ورجّح محللون أن تتجه أسعار الفضة إلى مستويات 75 دولارًا للأوقية أو أعلى، مع احتمالات قوية بتجاوز حاجز 100 دولار خلال عام 2026، مدعومة بالنمو المتسارع في قطاعات الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، التي تعتمد بشكل متزايد على الفضة كمكون أساسي في عملياتها الإنتاجية.
عجز المعروض يضغط على السوق
وعلى جانب العرض، أوضح التقرير أن سوق الفضة لا يزال يعاني من ضغوط قوية نتيجة اضطرابات التعدين وتراجع المخزونات العالمية، مشيرًا إلى أن تقديرات المكتب العالمي لإحصاءات المعادن تشير إلى أن عام 2025 سيكون العام الخامس على التوالي الذي يشهد عجزًا في المعروض، مع تراجع الإنتاج بنحو 3% سنويًا، نتيجة انخفاض تركيز الخامات وقلة المشروعات التعدينية الجديدة.
كما توقع معهد الفضة العالمي أن لا يتجاوز نمو المعروض نسبة 2%، بما يبقي العجز في السوق قرب 20%، وهو ما يدعم استمرار الضغوط الصعودية على الأسعار خلال عام 2026.
مسار استثنائي للفضة خلال 2025
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة شهدت تقلبات حادة على مدار عام 2025، حيث بدأت بمحاولات تعافٍ خلال الربع الأول، قبل أن تتعرض لضغوط مؤقتة عقب إعلانات الرسوم الجمركية في أبريل، ثم استعادت زخمها تدريجيًا، لتدخل موجة صعود قوية اعتبارًا من سبتمبر، وتكسر مستويات تاريخية متتالية خلال الربع الأخير من العام.
وبحلول شهر ديسمبر، تجاوزت الفضة حاجز 60 دولارًا للأوقية، ثم اخترقت مستوى 70 دولارًا في وقت قياسي، لتغلق العام بالقرب من مستويات غير مسبوقة، مدفوعة بمزيج من العوامل النقدية والهيكلية.
نظرة مستقبلية إيجابية
ورغم تصاعد حالة الحذر لدى بعض البنوك والمؤسسات الكبرى مع اقتراب الأسعار من مستوى 80 دولارًا للأوقية، يرى غالبية خبراء الصناعة والمتداولين الأفراد أن الفضة مقبلة على عام استثنائي جديد في 2026، في ظل استمرار العجز بالأسواق، وقوة الطلب الصناعي، وتزايد استخدام المعادن النفيسة كأدوات تحوط طويلة الأجل في بيئة عالمية تتسم بتزايد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.







