عادت البنوك المركزية حول العالم إلى الرهان على الذهب بقوة خلال الربع الثالث من عام 2025، لتسجل مشتريات قياسية بلغت 220 طنًا بين شهري يوليو وسبتمبر، بزيادة 28% عن الربع السابق، بحسب تقرير حديث صادر عن مجلس الذهب العالمي.
ويعكس هذا الاتجاه المتصاعد — رغم الارتفاع التاريخي للأسعار — إصرار المؤسسات النقدية الكبرى على تعزيز احتياطاتها من المعدن النفيس كوسيلة للتحوط من تقلبات الأسواق، وضعف الدولار الأمريكي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
كازاخستان تتصدر والبرازيل تعود بعد غياب
ووفق التقرير، جاءت كازاخستان في صدارة الدول الأكثر شراءً للذهب خلال الربع الثالث، بينما سجل البنك المركزي البرازيلي أول عملية شراء له منذ أكثر من أربع سنوات، في خطوة تشير إلى عودة الثقة العالمية بالذهب كأصل استراتيجي طويل الأجل.
وبإجمالي 634 طنًا أضافتها البنوك المركزية خلال العام المنتهي في سبتمبر، لا يزال الطلب أعلى بكثير من المتوسطات المسجلة قبل عام 2022، حين بدأت موجة الشراء الكبرى عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. ويتوقع مجلس الذهب العالمي أن تتراوح مشتريات عام 2025 بين 750 و900 طن بنهاية العام.
الذهب يلمع وسط الضبابية العالمية
وقالت لويس ستريت، كبيرة محللي الأسواق في مجلس الذهب العالمي، إن “الضبابية المحيطة بالاقتصاد العالمي، واستمرار ضغوط التضخم، وتصاعد التوترات السياسية والتجارية، كلها عوامل دفعت البنوك والمستثمرين إلى البحث عن الأمان في الذهب”.
وأضافت أن الإقبال على المعدن الأصفر يعكس ثقة المؤسسات في قدرته على الحفاظ على القيمة في مواجهة التقلبات الشديدة التي تشهدها أسواق العملات والسندات.
قفزة في الأسعار واهتمام استثماري متزايد
شهد الذهب خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعًا تجاوز 50% منذ بداية العام، ليصل إلى مستويات غير مسبوقة تخطت 4,380 دولارًا للأونصة، مدعومًا بموجة شراء مؤسسية واسعة ورغبة المستثمرين في التحوط من مخاطر الركود.
ويشير التقرير إلى أن الزيادة الكبيرة في الأسعار حدّت من وتيرة الشراء خلال النصف الأول من العام، لكنها لم تمنع البنوك المركزية من مواصلة بناء احتياطاتها بوتيرة أسرع في الربع الثالث، في دلالة واضحة على قناعة استراتيجية طويلة الأجل.
الصناديق المدعومة بالذهب تجذب مليارات الدولارات
على صعيد آخر، ارتفع الطلب من جانب المستثمرين الأفراد والمؤسسات بنسبة 13% على أساس فصلي، في ظل التوقعات باستمرار سياسات التيسير النقدي. كما سجلت الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) تدفقات استثمارية قياسية بلغت 26 مليار دولار خلال الربع الثالث، وفقًا لتقديرات المجلس.
الفيدرالي الأمريكي يبعث إشارات مزدوجة
وجاءت هذه التطورات بعد أيام من قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال العام بمقدار ربع نقطة مئوية، في خطوة كانت متوقعة، لكن تصريحات رئيسه جيروم باول حول عدم حسم خفض جديد في ديسمبر أوقفت موجة تراجع الدولار مؤقتًا.
تراجع في مبيعات المجوهرات وارتفاع في الإنفاق
ورغم الطفرة في الأسعار، سجل الطلب على المجوهرات الذهبية تراجعًا إلى أدنى مستوى منذ عام 2020، إلا أن الإنفاق الفعلي للمستهلكين ارتفع بنسبة 13% على أساس سنوي ليصل إلى 41 مليار دولار، نتيجة ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية
