منوعات

كريم على يكتب : فريش وفرافيش!!

في صباحات شتوية متكررة بصورة شبه يوميه كنت أغني، في طريق المدرسة كنت أغني .. تحديداً في فبراير 2003 وماتلاه من أيام قليلة قبل هبوب الربيع، وليس قبل ذلك، لأن حينما كنت أفلق رأس صديقي بدندنة بائسة لأغنية الهضبة الجديدة آنذاك (لو عشقاني كلام تاني كلام ماقدرش يا قلبي عليه) كان ألبوم (علم قلبي) لتوه تم إصداره في الرابع من فبراير .. فالوجبة طازجة أردد مقاديرها على مسامع صديقي الذي يعشق عمرو دياب يكره صوتي ..

نحن جيل الثمانينات نحب عمرو دياب .. أخذ من أيامنا رقات .. حتى أنني أقول دائمًا أنه يعرف كل الأسرار الأولى .. بدأ معنا كل البدايات المقررة في قاموس الشعور، لديه لكل لمحة نغمة، ولكل نبضة كلمة، ولكل حكاية غناها..

كانت أغنية (لو عشقاني) بطلة المقلب الذي شربته لأنها السبب الرئيسي في لهفتي لشراء الشريط وخصوصاً الكوبليه الثاني إذ صرت أدندنه كالمسحور .. أتذكر كان يوم الجمعة قبل الأصيل بقليل حين ركضت حيث (بوتيك) الشرائط الأصلي الذي كان ثمنه حوالي 12 جنيه فوجدته مغلقًا بلا سبب مفهوم لي سوى تعكير مزاجي .. لكن ذهبت بالحماسة نفسها أركض على بساط السذاجة أبتاع الشريط المزيف بنص الثمن كأنني خالي من ذرة صبر واحدة .. طيرت كالعصفور النحيف إلى المنزل أوقظ (الكاسيت) من سباته ثم بدأت السمع متلذذًا رغم رداءة التسجيل المسروق لكن بصلة المحب خروف، دارت بكرة الشريط مرة واثنتين وثلاثة وأنا لا أصدق الصدمة، فالأغاني كلها كاملة إلا الكوبليه الثاني من أغنية لو عشقاني .. الحرام لا يدوم!!

أحب هذه الأغنية لدرجة الهوس .. لم أسمع أغنية تحرضني على الرقص والقفز والحب و الحيرة و البسمة واللطافة مثلها .. صفع الطبول في موسيقاها قادرًا على تحريك يداي لصفع أقرب سطح يصدر صوتًا متوحداً مع طبلتها ..أتقافز رقصًا كالقرود فوق الشجر ابتهاجًا بحركة لا إراديه أينما سمعتها .. والغريب أني اعتبرها لا تخلو من الشجن لدرجة أنه لا يصدق احتمالية عشقها ولو صدق هيقوله لمين، فيطلب كالمجنون سؤالها تاني وتاني وتاني ….

داومت على الغناء في تصميم مبهج وتصاعد الأمر بصفع فخذي مستحضرا طبول لو عشقاني حتى وقف صديقي الجميل ذات يوم بطريقته الساخرة العبقرية وبشعبية تحاكي (أبوك هيتجوز على امك يا ابو السلاطين) واضعًا كفاً على كف فوق بطنه يقول لي رادحًا: “ولا عشقاك ولا تسأل تاني ولا نيلة ولو سمعت صوتك هيجيلها ذبحة ” فضحكنا وكنا فريش وفرافيش ويبدو أنها قد عشقت قردًا آخر يقفز من فوق شجرة اخرى!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى